عبد الله بن مسعود: أول من جهر بالقرآن في مكة

عبد الله بن مسعود، من هو هذا الصحابي الجليل الذي كان أول من جهر بالقرآن في مكة؟ إنه واحد من أعلام الإسلام الأوائل الذين سطروا تاريخًا ناصعًا في صفحات الدعوة كان لإيمانه وشجاعته وصدقه في حب الله ورسوله دور كبير في نشر الدعوة الإسلامية. وترك بصمة عظيمة في قلوب المسلمين إلى اليوم في هذا المقال، سنغوص في حياة هذا الصحابي الجليل. لنتعرف على سيرته وصفاته ومكانته في الإسلام. وما قيل عنه من الرسول صلى الله عليه وسلم، ونتأمل مواقفه التي تعكس عظمة الإيمان وثبات العقيدة.
من هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؟
عبد الله بن مسعود هو واحد من أوائل الصحابة الذين دخلوا في الإسلام. وقد أسلم في وقت مبكر جدًا قبل دخول الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان من السباقين إلى الإيمان ولد في مكة المكرمة، وكان ينتمي إلى بني زهرة. وهم من قبائل قريش نشأ في بيئة فقيرة، وكان يعمل راعيًا للغنم في بداية حياته، وهذا ما جعله متواضعًا قريبًا من عامة الناس. يفهم احتياجاتهم ويعيش مثلهم.
عرف عبد الله بن مسعود تاريخ ومكان الميلاد في مكة قبل البعثة بنحو عشرين عامًا، وقيل إنه ولد قبل الهجرة بحوالي ثلاثين سنة. مما يعني أن عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان يقارب الأربعين وما يميز هذه المرحلة من حياته. أنه كان يمتلك صفاء القلب واستعدادًا فطريًا لقبول الحق، مما سهل دخوله في الإسلام حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم يتلو بعضًا من آيات القرآن الكريم.
أما متى ولد عبد الله بن مسعود، فقد ذكر بعض المؤرخين أنه ولد قبل البعثة بنحو أربعين عامًا. أي في بدايات القرن السابع الميلادي، مما يجعله من الجيل الذي واكب الدعوة الإسلامية منذ نشأتها حتى قوتها لقد شهد عبد الله كل مراحل النبوة. من الضعف والاستضعاف إلى التمكين والنصر، وكان جزءًا لا يتجزأ من تلك القصة العظيمة.[1]
تعرف أيضاَ على :فضل الصحابة: لماذا حازوا المرتبة الأولى في تاريخ الإسلام؟
ماذا قال الرسول عن عبد الله بن مسعود؟
لقد حظي عبد الله بن مسعود بمنزلة عظيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى قال فيه كلمات تعد وسام شرف في سجل حياته قال النبي ﷺ عنه: «من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» وهذا دليل واضح على أن عبد الله بن مسعود كان من أقرب الناس إلى فهم القرآن. بل إن بعض الأحاديث تشير إلى أن النبي كان يحب سماع القرآن منه شخصيًا.
واحدة من أروع قصة عبد الله بن مسعود مع النبي، هي عندما طلب منه الرسول أن يقرأ عليه شيئًا من القرآن. فقال عبد الله بدهشة: أأقرأه عليك وعليك أنزل؟! فرد عليه النبي ﷺ: «إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأ عليه من سورة النساء حتى بلغ الآية: ﴿فكيْف إذا جئْنا منْ كل أمة بشهيد وجئْنا بك علىٰ هـٰؤلاء شهيدًا﴾، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يتوقف.
لم يكن كلام النبي عن عبد الله مجرد مدح، بل كان توجيهًا للأمة لتأخذ عنه العلم. وتثق في روايته وفهمه للقرآن لقد اعتمد عليه النبي في تعليم القرآن للصحابة، وكان يشرف بنفسه على توجيهه. حتى صار ابن مسعود من أهم المراجع في تفسير القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين.
تعرف أيضاَ على :ماذا تعرف عن الصحابة؟ أسئلة وأجوبة مميزة!
من أهم صفات الصحابي عبد الله بن مسعود؟
عرف الصحابة عبد الله بن مسعود بصفات كثيرة جمعت بين التواضع والحكمة والشجاعة والذكاء كان نحيف الجسم قصير القامة. ومع ذلك كان ذا هيبة بين الناس، وهيبة عند النبي، وهيبة في العلم والقول والعمل وكان شديد الحياء. عفيف اللسان، رقيق القلب، صادق الحديث، لا يعرف الكذب ولا المجاملة في الحق.
واحدة من الصفات التي تميز بها، هي الأمانة في التبليغ والعلم. وكان من أكثر الناس التصاقًا برسول الله، حتى إن بعض الصحابة كانوا يظنون أنه من أهل البيت لكثرة ما كان يدخل ويخرج عليه وكان صاحب ذاكرة قوية. يحفظ القرآن والسنة، ويستشهد بالآيات والأحاديث في مواقف الحياة.
أما عن ماذا كان يعمل عبد الله بن مسعود، فقد بدأ حياته راعيًا للغنم. وهو العمل الذي تعلم منه الصبر والهدوء والرحمة، ثم بعد إسلامه تولى مهام كثيرة، منها تعليم الناس القرآن، والإفتاء في بعض المسائل الشرعية. وكان من أوائل القراء والعلماء في الإسلام وقد عرف بإتقانه في القراءة وتفسير الآيات، وكان مرجعًا للصحابة والتابعين.
تعرف أيضاَ على :هل اختلف الصحابة في العقيدة؟ نظرة تاريخية وشرعية
ما هو لقب الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود؟
كان للصحابي عبد الله بن مسعود ألقاب عديدة، من أشهرها “ابن أم عبد”، وهو اللقب الذي اشتهر به بين الصحابة والناس هذا اللقب أطلق عليه نسبة إلى أمه “أم عبد”، وهي حنة بنت عبدود، وكانت معروفة في مكة.
والسؤال الذي يطرح هنا: لماذا لقب عبد الله بن مسعود بابن أم عبد؟ والجواب أن العرب كانت تكني الناس أحيانًا بأمهاتهم، خاصة إذا كانت الأم مشهورة أو ذات فضل وقد أحبه الصحابة بهذا الاسم، وأصبح رمزًا للتواضع والصدق والارتباط بالجذور.
وقد لقبه النبي أيضًا بلقب آخر حين قال عنه: “أعلمهم بكتاب الله عبد الله بن مسعود“، وهذا وسام آخر يدل على مكانته العلمية والروحية كما أن البعض كان يناديه بـ”صاحب السواك”، لكثرة ما كان يحمل سواكًا ويعتني بالسنة النبوية.
تعرف أيضاَ على :أسئلة دينية ممتعة لاختبار معلوماتك في الدين الإسلامي!
أدوار عبد الله بن مسعود في خدمة الإسلام
لعب عبد الله بن مسعود أدوارًا محورية في بدايات الدعوة الإسلامية، وكان من أوائل من وقفوا بشجاعة للدفاع عن الإسلام ومن أبرز هذه الأدوار:
- أول من جهر بالقرآن في مكة، رغم بطش قريش، وكان صوته عاليًا قويًا، حتى ضرب وأهين لكنه لم يتراجع.
- شارك في كل الغزوات مع النبي، وكان شجاعًا ثابتًا في القتال.
- من أوائل من حفظ القرآن الكريم كاملاً، وكان مرجعًا فيه للصحابة والتابعين.
- تولى مناصب مهمة في عهد الخلفاء، كالتعليم والإفتاء والقضاء.
أما بماذا لقب عبدالله بن مسعود في هذا السياق، فقد أطلق عليه بعض الصحابة لقب “المعلم الأول للقرآن”. لأنه كان يعلم القرآن بأسلوب مؤثر وعميق، واستفاد منه المئات من الصحابة والتابعين.
لقد كان عبد الله رمزًا للإخلاص في العمل، ولم يسع يومًا لمنصب أو شهرة. بل سعى فقط لرضا الله ورسوله، وترك أثرًا عظيمًا في قلوب من حوله.
تعرف أيضاَ على :أهم الشخصيات التاريخية الإسلامية
محطات في حياة عبد الله بن مسعود حتى وفاته
نستعرض هنا أهم المحطات في حياة الصحابي عبد الله بن مسعود بأسلوب نقطي:
- ولد في مكة المكرمة، وعمل راعيًا للغنم.
- أسلم على يد النبي في بدايات الدعوة السرية.
- كان أول من جهر بالقرآن في وجه قريش.
- لازم النبي في بيته ومسجده وسفره.
- شارك في معارك بدر وأحد والخندق وحنين.
- كان من كبار قراء القرآن.
- تولى التعليم والإفتاء في الكوفة في عهد عمر.
- ترك أثرًا علميًا كبيرًا في التفسير والفقه.
- توفي في الكوفة في عهد الخليفة عثمان بن عفان.
وقد كانت وفاة عبدالله بن مسعود مؤثرة، إذ توفي عن عمر ناهز السبعين. وكان آخر كلامه: “اللهم أنت ربي، وإني قد غفرت لمن ظلمني” ودفن في البقيع، وشيعه الصحابة بحزن عميق، تاركًا وراءه تراثًا خالدًا من العلم والعمل.[2]
تعرف أيضاَ على :كم بلغ عدد الصحابة حقًا؟ حقائق وأرقام قد تفاجئك
في ختام هذا المقال، نجد أن حياة عبد الله بن مسعود كانت مليئة بالعبر والإيمان والمواقف الخالدة التي تظل دروسًا للأجيال من شجاعته في الجهر بالقرآن، إلى علمه الواسع، وحبه العميق للنبي ﷺ، كان مثالًا للصحابي المخلص العامل وما زالت أقواله وقراءته وتفسيره للقرآن نورًا يهتدي به المسلمون إلى اليوم.
المراجع
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

ابو العلاء المعري

نزار قباني وعالم العاطفة بين التمرد والرقة

محمود درويش حين يتحوّل الشعر إلى وطن داخلي

قصة أول امرأة حصلت على جائزة نوبل بالفيزياء

كم عدد أبناء الملك عبد العزيز من الذكور...

من هو عالم النفس ويليام جيمس؟ ولماذا يعد...

ملوك مصر القديمة وتاريخهم وتأثيرهم

عبد الله بن الحسين وتاريخه في الأردن

عبد الله بن عباس: حَبر الأمة وترجمان القرآن

من هو أبو الطب العربي؟ تعرف على أعظم...

ملوك الطوائف وتاريخها وأبرزهم

متى ولد توماس أديسون؟ حقائق من حياته

الأمير محمد بن سلمان ودوره في السعودية

إبراهام لينكولن وأثره في تاريخ أمريكا
