علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح وكيف تؤدي حركتها إلى حدوث الزلازل؟

علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح هي جوهر فهمنا لكيفية اهتزاز كوكبنا فمعظم الزلازل المدمرة تنشأ نتيجة للحركة المستمرة والاحتراق بين الصفائح التكتونية الضخمة التي تشكل القشرة الأرضية. هذه العملية الجيولوجية المعقدة تفسر لماذا تحدث الزلازل بكثرة في مناطق محددة وكيف يمكن أن تؤدي إلى دمار واسع النطاق. يستعرض هذا المقال الارتباط الوثيق بين هاتين الظاهرتين وكيفية تأثيرهما على سطح الأرض.

ما علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح؟

تشير علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح إلى الصلة الوثيقة بين حركة الصفائح الأرضية التي تغطي سطح الأرض وحدوث الزلازل. الأرض ليست قطعة صلبة واحدة، بل تتكوّن من عدد من الصفائح الضخمة التي تطفو فوق طبقة لزجة من الصخور المنصهرة تُعرف بالوشاح. عند التقاء هذه الصفائح أو احتكاكها ببعضها البعض، يحدث تراكم للطاقة. وعندما لا تتحمل الصخور هذا الضغط، تتحرر الطاقة فجأة مسببة الزلازل.

إن الفهم الجيد لهذا النوع من العلاقة يمكن أن يساعد العلماء في توقع الأماكن التي يحتمل أن تضربها الزلازل، خاصة وأنه تحدث معظم الزلازل عند حدود الصفائح، أي في مناطق مثل صدوع كاليفورنيا في الولايات المتحدة، أو المناطق الواقعة على “حلقة النار” في المحيط الهادئ. ففي كل مرة تنزلق فيها صفيحة تحت أخرى أو فوقها، تنبعث موجات زلزالية نتيجة لهذا التفاعل العنيف.

وتتفاوت الزلازل الناتجة عن تكتونية الصفائح من حيث القوة والعمق والمدة، فبعضها قد يكون مدمرا للغاية كما حدث في زلزال اليابان عام 2011، وبعضها قد يمر دون أن يشعر به أحد. لكن الرابط الثابت بينها جميعا هو أنها نتيجة مباشرة لحركة الصفائح الأرضية. لذا فإن تتبع هذه الحركات ودراستها بدقة يشكّل جزءا أساسيا من علم الزلازل الحديث.

تعرف أيضًا على: ما هي مكونات البراكين المركبة وتركيبها الجيولوجي والبركاني؟

ما هي علاقة الصفائح التكتونية بالزلازل؟

تعد علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح محورية في تفسير أسباب وقوع الزلازل في مناطق معينة دون غيرها. حيث الصفائح الأرضية تلتقي أو تحتك، يتم إطلاق كميات كبيرة من الطاقة بسبب حركة الصفائح التكتونية. هذه الحركات لا تكون دائمًا سلسة، بل غالبًا ما تتعثر الصفائح عند الحدود فيما يعرف بـ”الصدوع”، وعندما تفك هذه العقد، تحدث الزلازل.

تتنوع حركات الصفائح إلى ثلاثة أنواع: تصادمية، انزلاقية، وتباعدية. في الحركة التصادمية، تدفع صفيحة بحرية تحت صفيحة قارية، مما يولد ضغوطا هائلة تؤدي إلى زلازل قوية، وهو ما نراه في جبال الهيمالايا. أما في الحركة الانزلاقية، مثل صدع سان أندرياس، فإن الصفائح تنزلق بجانب بعضها، مسببة زلازل سطحية سريعة.

العلماء يستخدمون اليوم أجهزة دقيقة لرصد هذه الحركات الميكروية بين الصفائح، بما يساعد على تحسين تنبؤاتهم الزلزالية. كل صفيحة تتحرك ببضعة سنتيمترات سنويا، وهذه الحركة البطيئة كفيلة بتوليد كارثة طبيعية في لحظة واحدة. وهذا ما يجعل دراسة حيث الصفائح الأرضية أمرًا جوهريًا في فهم وتوقع الزلازل.[1]

تعرف أيضًا على: تأثير البراكين على سطح الأرض من حيث التغيرات الجغرافية والبيئية؟

ما العلاقة بين الزلازل وحدود الصفائح؟

تحدث الزلازل في مناطق تسمى “الحدود الصفائحية”، وهي أماكن التقاء الصفائح التكتونية. لذا فإن علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح لا تكتمل دون فهم دقيق لهذه الحدود. فعند حدود التقاء الصفائح، وخاصة النشطة منها، يحدث الاحتكاك المستمر بين الكتل الصخرية. ومع مرور الوقت، تتراكم الضغوط إلى أن تُكسر الصخور فجأة، ما يؤدي إلى إطلاق موجات زلزالية.

لنفهم كيف تحدث الزلازل بدقة، علينا إدراك أن الحدود الصفائحية تنقسم إلى ثلاثة أنواع

• حدود متقاربة: تصطدم فيها الصفائح وتسبب زلازل عميقة ومدمرة.
• حدود متباعدة: تبتعد الصفائح عن بعضها، وتظهر الزلازل غالبًا في قاع المحيط.
• حدود انزلاقية: تنزلق الصفائح بجانب بعضها، وتكون الزلازل فيها سطحية وسريعة.

كل نوع من هذه الحدود يشكل بيئة خصبة للزلازل، وتظهر بيانات الرصد الجيولوجي أن المناطق القريبة من هذه الحدود هي الأكثر عرضة للخطر. وهذا ما يفسر لماذا نجد نشاطا زلزاليا كثيفا في دول مثل إندونيسيا وتشيلي واليابان، حيث تكون حدود الصفائح نشطة للغاية.

تعرف أيضًا على: دليلك إلى أشهر البراكين في العالم وأخطرها عبر التاريخ

ما هي علاقة البراكين بتكتونية الصفائح؟

تعد البراكين جزءا لا يتجزأ من الديناميكية الأرضية، مثل الزلازل تمامًا. وتكمن علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح في أنها تنشأ من نفس القوى التي تحرك البراكين. عندما تتحرك الصفائح، فإنها لا تسبب فقط الزلازل، بل تؤدي أحيانًا إلى اندفاع الصهارة من باطن الأرض، مكوّنة البراكين. وهذا ما يُعرف باسم “الأنشطة الجيولوجية المصاحبة”.

لفهم هذه العلاقة بشكل أوضح، يجب أن نبدأ بـ تعريف الزلازل على أنها اهتزازات أرضية ناتجة عن تحرّر مفاجئ للطاقة المخزنة في الصخور. أما البراكين فهي انفجارات للمواد المنصهرة التي كانت تحت ضغط هائل. كلا الظاهرتين يتشاركان في سبب رئيس: تحرك الصفائح التكتونية. وتحديدًا، في المناطق التي تنغرز فيها صفيحة تحت أخرى، تتولد حرارة وضغط شديدين يسمحان للصهارة بالصعود.

ومن اللافت أن الكثير من البراكين النشطة في العالم تقع على نفس الحزام الزلزالي، مثل “حلقة النار” في المحيط الهادئ، حيث يتركّز أكثر من 75% من البراكين والزلازل العالمية. ولهذا تعد العلاقة بين البراكين والزلازل مؤشرا هاما لفهم النشاط الجيولوجي المستقبلي.

تعرف أيضًا على: ما هي مكونات البراكين المركبة وتركيبها الجيولوجي والبركاني؟

كيف تساهم الزلازل في الكشف عن حركة الصفائح؟

لأن علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح جوهرية، فإن كل زلزال يعد بمثابة “رسالة” من باطن الأرض تفصح عن كيفية تحرك الصفائح. يستخدم العلماء الزلازل كأداة لرسم خريطة ديناميكية لحركة القشرة الأرضية. فبواسطة أجهزة السيسموغراف، يتم تسجيل الموجات الزلزالية، وتحليلها لمعرفة اتجاه وسرعة حركة الصفائح.

ومن بين الاكتشافات الناتجة عن ذلك، وجد الباحثون أن العلاقة بين الزلازل والبراكين ليست فقط في الموقع، بل أيضا في نمط الطاقة المتحررة، مما يسمح بتحديد أي الصفائح أكثر نشاطًا. فمثلا، الزلازل التي تصاحب ثوران بركان معين توضح أن هناك حركة صفائحية نشطة تُغذي النشاط البركاني.

هذا التفاعل بين الزلازل والبراكين يسمح بفهم أعمق لتوزيع الضغوط على الصفائح المختلفة، ويدعم جهود التنبؤ بالزلازل مستقبلًا، مما يعد تقدما كبيرا في علم الجيوفيزياء. إذن، ليس الزلزال مجرد كارثة، بل “كاشف” لمكونات الأرض الخفية.

تعرف أيضًا على: أين حدث أعظم انفجار بركاني في التاريخ وتأثيراته العالمية؟

ما سبب حركة الصفائح التكتونية؟

لفهم علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح لا بدّ من العودة إلى المحرّك الأساسي لهذه الصفائح: الحرارة الكامنة في باطن الأرض. فحرارة النواة الداخلية للأرض تولد تيارات حرارية في طبقة “الوشاح”، وهذه التيارات تُحدث حركة مستمرة في القشرة الأرضية، أي الصفائح التكتونية. ببساطة، تتحرك الصفائح بسبب فروق درجات الحرارة والكثافة بين الطبقات الداخلية للأرض، ما يؤدي إلى ما يُعرف بـ”تيارات الحمل الحراري”.

هذا التحرك لا يحدث بعشوائية، بل يتم وفق أنماط دقيقة تؤثر على كل من الزلازل والبراكين. ومع مرور الوقت، تتغير مواقع القارات وتتشكل جبال جديدة، وتحدث زلازل في أماكن لم تكن نشطة من قبل. والمثير أن هذه الحركات تحدث بسرعات بطيئة جدًا، بمعدّل بضعة سنتيمترات في السنة، لكن تأثيرها قد يكون مدمرًا في لحظة واحدة.

وقد ساعدت هذه المعلومات الجيولوجية العلماء على فهم سلوك الزلازل بشكل أدق، إذ إن الصفائح التي تظهر حركة نشطة هي أكثر عرضة للهزات الأرضية. وبهذا، فإن سبب حركة الصفائح التكتونية يرتبط ارتباطًا مباشرًا بمصادر الطاقة الداخلية للأرض، وهي نفس القوى التي تطلق الزلازل على السطح.

تعرف أيضًا على: تعرف على أكثر الدول تعرضًا للزلازل وأسباب نشاطها الزلزالي

ما هي الزلازل البركانية؟

عند الحديث عن الزلازل البركانية، فإننا نقصد نوعا خاصا من الزلازل الذي يحدث نتيجة حركة الصهارة تحت الأرض، وليس بسبب حركة الصفائح مباشرة. إلا أن هذه الزلازل تظل ضمن إطار علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح، لأن تحرك الصفائح هو ما يسمح للصهارة بالصعود عبر الشقوق.

عندما تبدأ الصهارة بالتحرك في باطن الأرض، تولد ضغطا هائلا على الصخور المحيطة، مما يؤدي إلى تشققها واهتزازها. هذه الاهتزازات تسجل كزلازل، وتكون غالبًا أول علامة على قرب ثوران بركاني. من المهم التمييز بين الزلازل العادية والزلازل البركانية، لأن الأخيرة عادة ما تكون أقل قوة، لكنها تنذر بحدث جيولوجي كبير: ثوران بركان.

وتعد البراكين النشطة مثل “إتنا” في إيطاليا و”كراكاتوا” في إندونيسيا أماكن نموذجية لرصد هذا النوع من الزلازل. وغالبًا ما تعتمد مراكز الرصد الزلزالي على هذا النمط من الهزات للتنبؤ بقرب الثوران، في محاولة لتقليل الخسائر البشرية والمادية.

تعرف أيضًا على: “ما هي أسباب حدوث البراكين والزلازل؟ شرح مبسط للعوامل الجيولوجية التي تؤدي للكوارث الطبيعية”

العلاقة بين الزلازل والبراكين: هل هناك ارتباط مباشر؟

نعم، هناك ارتباط وثيق بين الزلازل والبراكين، ويكمل هذا الفهم العام لـ علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح. فكل من الزلازل والبراكين يرتبطان بالحركة الديناميكية للصفائح الأرضية، لكن على مستويات مختلفة. الزلازل تحدث بسبب الاحتكاك والتوتر بين الصفائح، في حين تنشأ البراكين من اندفاع الصهارة.

في العديد من الحالات، يكون الزلزال هو الإنذار الأول لنشاط بركاني قادم، خاصة إذا حدث بالقرب من بركان معروف. على سبيل المثال، في عام 2010، شهدت أيسلندا سلسلة زلازل سبقت ثوران بركان “إيافيالايوكوتل”، وقد ساعدت هذه الزلازل العلماء على توقع الثوران قبل حدوثه بأيام.

أما على مستوى الصفائح، فإن المناطق التي تندفع فيها الصفائح تحت بعضها — مثل حدود المحيط الهادئ — تظهر نشاطا زلزاليا وبركانيا في الوقت نفسه. ولهذا فإن العلماء اليوم يربطون بين الحدثين دائما، ويعتبرون رصد الزلازل خطوة ضرورية لفهم طبيعة النشاط البركاني القادم.[2]

تعرف أيضًا على: زلزال القاهرة 1992: أسباب الزلزال، تأثيراته، والدروس المستفادة

في الختام، تعد علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح حقيقة علمية لا يمكن فصلها، حيث تشكل حركة هذه الصفائح المحرك الأساسي لأغلب النشاط الزلزالي على كوكبنا. إن فهم هذه الديناميكية المعقدة ليس مجرد فضول علمي بل هو ضروري للوقاية من الكوارث وتخفيف آثارها. تستمر الصفائح في حركتها الدائمة وتستمر الزلازل في تذكيرنا بقوة الأرض التي نعيش عليها.

• AMNH POWER of PLATE TECTONICS ( بتصرف )
• USGS Can earthquakes trigger volcanic eruptions? ( بتصرف )

مشاركة المقال

وسوم