عمار الشريعي: موسيقار التحدي وملحن القلوب

عمار الشريعي هو ذلك الاسم الذي ارتبط في ذاكرة ملايين العرب بالإبداع والتحدي، فهل تعرف من هو؟ إنه الموسيقار المصري العبقري الذي رغم فقدانه نعمة البصر، صنع لنفسه مكانة استثنائية في عالم الموسيقى والألحان. ولد عمار في محافظة المنيا، وعاش رحلة مليئة بالصعوبات والعقبات التي واجهها بعزيمة نادرة، ليثبت أن الإرادة قادرة على هزيمة المستحيل. في هذا المقال، سنتناول تفاصيل سيرته الذاتية، ونتعرف على مرضه، ونكتشف جوانب مهمة عن حياته الشخصية، مثل علاقته بزوجته وابنه، وظروف وفاته. علاوة على ذلك سنجيب عن الأسئلة التي ظل الناس يطرحونها طويلًا حول حقيقة إعاقته وكيفية تحوّله إلى أيقونة موسيقية عربية خالدة.
ما هو مرض عمار الشريعي؟
منذ ولادته في عام 1948، كان عمار الشريعي مختلفًا عن أقرانه، إذ ولد فاقدًا نعمة البصر تمامًا. هذا العمى كان التحدي الأكبر في حياته. حيث نشأ الطفل الصغير دون أن يرى ما حوله، معتمدًا على حاسة السمع في اكتشاف العالم. ورغم هذا، لم يكن العمى مرضًا متطورًا أصابه لاحقًا. بل حالة خلقية صاحَبَته منذ اللحظة الأولى. ولأن عائلته تقبلت الأمر بحب وصبر، أصر والداه على تعليمه وتثقيفه، ليتجاوز حدود الإعاقة ويصبح إنسانًا مثقفًا قادرًا على تحقيق طموحاته.
تعرف أيضًا على: بليغ حمدي: ملك الألحان وصانع أنغام لا تموت
لم يكن العمى وحده ما ميّز شخصية عمار. بل أيضًا دقته في تمييز الأصوات والأنغام. منذ طفولته، لاحظت أسرته أن لديه قدرة عجيبة على التفرقة بين الطبقات الصوتية، حتى إنه كان يحفظ ألحان الراديو ويعيد عزفها على العود والبيانو وهو ما يزال طفلًا صغيرًا. بالإضافة إلى ذلك قد حرص على تعلّم الموسيقى أكاديميًا، فالتحق بمعهد الموسيقى العربية، ثم سافر إلى أوروبا لاستكمال دراسته.
تأثرت صحته لاحقًا ببعض المضاعفات المرتبطة بأمراض القلب والتنفس، خاصة في السنوات الأخيرة من حياته، لكن العمى ظل حالته الأساسية والأبرز. ومع كل ذلك، لم يكن المرض عائقًا أمامه. بل كان دافعًا دفعه لتحدي الظروف. وقد رافقته زوجته طيلة مشواره الفني. حيث كانت زوجة عمار الشريعي الداعمة الأولى لمسيرته الحافلة بالأعمال الموسيقية والبرامج التثقيفية التي عرّفت الناس بأصوات الآلات والمقامات.
تعرف أيضًا على: سيرة ماجد المهندس من الهندسة إلى نجومية الطرب
من هو عمار الشريعي؟
لا يمكن الحديث عن الموسيقى العربية المعاصرة دون التطرق إلى سيرة عمار الشريعي، الذي جمع بين الموهبة الفذة والإصرار النادر. ولد في 16 أبريل 1948 في محافظة المنيا بمصر، وتعلم في مدارس النور للمكفوفين، ثم التحق بكلية الآداب جامعة عين شمس قسم لغة إنجليزية، قبل أن يقرر أن يتفرغ تمامًا لدراسة الموسيقى.
تعلّم العزف على أكثر من آلة موسيقية، منها العود والبيانو والأكورديون، حتى أضحى مرجعًا موسيقيًا لا غنى عنه في الوسط الفني. بدأ حياته عازفًا في فرق موسيقية، قبل أن يبدع ألحانًا لا تزال خالدة حتى يومنا هذا. بالإضافة إلى ذلك قدم عمار عددًا ضخمًا من الألحان للأعمال التلفزيونية والسينمائية، مثل مسلسل “رأفت الهجان”، و”ليالي الحلمية”، وغيرها من الأعمال التي ارتبطت في وجدان الناس بصوته الدافئ وموسيقاه العذبة.
تعرف أيضًا على: سيرة رياض السنباطي: موسيقار شرّف الأغنية العربية
ولعل أبرز ما يميز تجربته هو الجمع بين الأصالة والتجديد. حيث حرص على إدخال الآلات الغربية في موسيقاه، مع المحافظة على الروح الشرقية الأصيلة. وقد نال تقدير الدولة المصرية بتكريمه في العديد من المناسبات، تقديرًا لعطائه الفريد.
ولا يكتمل الحديث عن هذه الشخصية العظيمة دون ذكر معلومات مهمة مثل عمار الشريعي تاريخ ومكان الميلاد، فقد ولد كما أسلفنا عام 1948 بمحافظة المنيا، في بيت محب للثقافة والفن. أما سؤال من هو عمار الشريعي، فالإجابة ببساطة: هو ذلك المبدع الذي جعل من التحدي مدرسة، ومن الصبر نهرًا يسقي موهبته ليصنع مجده. [1]

هل كان عمار الشريعي أعمىً؟
قد يظن بعض الناس ممن لم يتابعوا حياة عمار الشريعي أن فقدانه للبصر جاء لاحقًا، أو أنه كان جزئيًا، إلا أن الحقيقة أنه ولد ضريرًا بالكامل. علاوة على ذلك العمى عنده لم يكن حادثًا ولا مرضًا مفاجئًا. بل حالة خلقية دائمة.
تعرف أيضًا على: سيرة محمد عبد الوهاب: نغم لا يشيخ
هذه الإعاقة البصرية لم تمنعه من أن يكون عازفًا ماهرًا وملحنًا بارعًا. بل إن كثيرين اعتبروا أن عدم رؤيته للعالم عزز قدرته على “رؤية” الموسيقى بقلبه، فأصبحت له لغةً وحياةً. وقد روى الشريعي بنفسه في أكثر من حوار أن الناس كانوا يندهشون عندما يجدونه يعزف لحنًا معقدًا أو يكتب موسيقى تصويرية دقيقة لمشهد سينمائي لم يشاهده بعينه. بل تخيّله بعقله وروحه.
أما عن آخر سنوات حياته، فقد تأثرت صحته بسبب أمراض القلب والرئة، وأدخل إلى المستشفى عدة مرات، إلى أن وافته المنية في 7 ديسمبر 2012 بمستشفى الصفا في القاهرة. وبذلك أصبح تاريخ وفاة عمار الشريعي ذكرى حزينة لكل محبيه، إذ فقدت الموسيقى العربية رمزًا من رموزها.
جدير بالذكر أن عمار الشريعي تاريخ ومكان الوفاة هما: 7 ديسمبر 2012، في القاهرة – مصر. ورغم رحيله، بقيت موسيقاه شاهدة على عظمته، تبث في الإذاعات والتلفزيونات، وترافق الأجيال جيلاً بعد جيل. [2]
تعرف أيضًا على: راشد الماجد: سندباد الأغنية الخليجية وصوت الشباب
من هو ابن عمار الشريعي؟
تزوج عمار الشريعي من الإعلامية الكبيرة ميرفت القفاص، التي كانت شريكة دربه وسنده طوال مسيرته الطويلة. وقد أنجب منها ابنه الوحيد مراد عمار الشريعي، الذي ظل محط اهتمام والده، إذ كان دائمًا يتحدث عنه بكل الحب والاعتزاز في مقابلاته.
تربّى مراد في أسرة فنية مثقفة، جمعت بين الموسيقى والإعلام والثقافة الواسعة، لكنّه لم يختَر طريق الفن مثل أبيه، وفضّل الحفاظ على خصوصية حياته بعيدًا عن الأضواء. كان الشريعي حريصًا على تربيته تربية هادئة ومتوازنة، وأكد أكثر من مرة أن أعظم إنجازاته في حياته لم يكن مجرد ألحانه وأعماله. بل ابنه مراد، الذي اعتبره امتدادًا لاسمه وسيرته.
تعرف أيضًا على: أحمد زكي: الإمبراطور الذي جسّد نبض الناس
وقد ظهرت عائلة عمار بكاملها مرات نادرة في الإعلام، وكانت دائمًا حريصة على احترام خصوصيتها. هذا التوازن بين حياة الفنان وحياة الإنسان هو ما جعل صورة الشريعي متفردة في قلوب الناس، فهو مثال الأب الراعي، والزوج المحب، والموسيقي العظيم.
في النهاية، يبقى عمار الشريعي رمزًا للإرادة التي لا تعرف حدودًا. تجاوز العمى، وحوّل صمته البصري إلى موسيقى خالدة سكنت قلوب الملايين. ومع رحيله، ترك ميراثًا موسيقيًا عظيمًا لا يزول، وشهادة حية على أن الفن أعظم من كل الإعاقات والظروف. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الطرب العربي كأحد أجمل الأصوات التي لحنت للحب والوطن والإنسان.
المراجع
- Discogs Ammar El Shariey - بتصرف
- Elcinema Ammar El Sheraie(1948 - 2012)_بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

محمد عبد الكريم الخطابي: زعيم الريف الذي أذل...

الفنان ناصر القصبي: نجم الكوميديا السعودية وصوت المجتمع

طارق بن زياد: فاتح الأندلس وصاحب الخطبة الخالدة

المقداد بن الأسود: من أوائل فرسان الإسلام وممن...

المعز لدين الله الفاطمي: أول خلفاء الفاطميين في...

ابن ماجد: الملاح العربي الذي أرشد البحّارة في...

سيرة ماجد المهندس من الهندسة إلى نجومية الطرب

سيرة رياض السنباطي: موسيقار شرّف الأغنية العربية

ناصر القصبي ساخر السعودية الأول الذي فضح الواقع...

الحسن البصري: الزاهد الفقيه وناصح الخلفاء

البراء بن مالك: بطل فتوحات العراق وصاحب الدعاء...

الحسن بن علي: سبط النبي الذي أطفأ نار...

آخر خلفاء الدولة الأموية

الأمير حمزة ومسيرته في الأردن
