ما هو دور المرأة في التاريخ الاجتماعي للمجتمعات العربية؟

دور المرأة في التاريخ الاجتماعي لم يكن مجرد وجود هامشي، بل كان حضورًا حاسمًا ومؤثرًا في تشكيل القيم والعلاقات داخل المجتمعات عبر العصور. فمنذ بدايات تاريخ المرأة عبر العصور، برزت نماذج نسائية حققت إنجازات المرأة عبر التاريخ في ميادين متعددة، سياسية وثقافية وإنسانية، رغم التحديات المتفاوتة التي واجهتها. ويعكس هذا المسار الطويل مكانتها المتجددة في القديم والحديث على حد سواء.

مكانة المرأة في العصر الجاهلي

دور المرأة في التاريخ الاجتماعي يتجلى بوضوح من خلال مكانة المرأة في العصور القديمة، فقد كانت المرأة في العصر الجاهلي يُنظر إليها على أنها متاع من الأمتعة التي يمتلكونها، ويتصرفون فيها كيف شاؤوا كالأموال أو البهائم. وكان العرب لا يورثون المرأة، ويرون أنه ليس لها حق في الميراث فكانوا يقولون: لا يرثنا إلا من يحمل السيف ويحمي البيضة، بالإضافة إلى أنه لم يكن للمرأة على زوجها أي حقوق، ولم يكن للطلاق عدد محدد، وليس لتعدد الزوجات عدد معين، وكان العرب إذا مات الرجل وله زوجة وأولاد من غيرها كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من غيره، فكانوا يعتبرون المرأة إرثاً كبقية أموال أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان الرجل إذا مات أبوه أو حموه فهو أحق بامرأته، إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها، أو تموت فيذهب بمالها”. رواه أبو داود.

وقد كانت عدة المرأة إذا مات زوجها سنة كاملة، فكانت المرأة تحد على زوجها شر حداد، وتلبس شر ملابسها، وتسكن شر الغرف، وتترك الزينة والطهارة والتطيب، فلا تمس ماء ولا تزيل شعراً ولا تقلم ظفرا ولا تبدو للناس في مجتمعهم، وكان عند العرب أنواع من الزيجات اللاإنسانية الفاسدة، منها: اشتراك مجموعة من الرجال بالدخول على امرأة واحدة ثم إعطاؤها حق الولد تلحقه بمن شاءت منهم فتقول إذا ولدت: هو ولدك يا فلان فيكون ولده ويلحق به، ومنها: نكاح المتعة وهو المؤقت، ومنها: نكاح الاستبضاع وهو أن يرسل الرجل زوجته إلى رجل آخر من كبار القوم لكي تأتي بولد منه يتصف بصفات ذلك الكبير في قومه، ومنها: نكاح الشغار وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو موليته لرجل آخر على أن يزوجه هو موليته بدون مهر وذلك لأنهم يتعاملون على أساس أن المرأة مثل السلعة يمتلكونها.

كان العرب يكرهون البنات ويدفنونهن أحياء خشية العار كما يزعمون، وقد ذمهم الله بذلك وأنكر عليهم فقال الله تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ ﴾ ﴿بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير:9]. [1]

تعرف أيضًا على: المساواة بين الرجل و المرأة

ما هو دور المرأة عبر العصور التاريخية؟

لقد تنوع دور المرأة في التاريخ الاجتماعي بتنوع العصور، ففي الجاهلية عانت من الظلم، بينما تغيّرت مكانتها تدريجيًا مع تطور القيم والمجتمعات.

في العصور القديمة

• في الحضارة المصرية القديمة، كانت الملكة “حتشبسوت” واحدة من أبرز الحاكمات.
• في الحضارة اليونانية والرومانية، كانت المرأة تلعب دورًا اجتماعيًا داخل الأسرة، مع بعض الحالات المؤثرة سياسيًا.

في العصور الإسلامية

• السيدة عائشة رضي الله عنها كان لها دور كبير في نقل وتفسير الأحاديث النبوية.
• النساء في العصر الإسلامي شغلن أدوارًا هامة في مجالات التعليم والطب والفكر.

في العصور الوسطى

• النساء في العصور الوسطى كانت تساهم في الحفاظ على التقاليد الثقافية والإنجازات العلمية، وكانت هناك شخصيات نسائية بارزة مثل الملكات و الأديبات.

في العصر الحديث

• تسعى المرأة إلى تحقيق المساواة والمشاركة في كافة مجالات الحياة (العمل، التعليم، السياسة).
• المرأة قادت التغييرات الاجتماعية في العديد من البلدان، خاصة في مجالات الحقوق المدنية والتمكين الاقتصادي.

دور المرأة في العصر المعاصر

• تستمر في المساهمة الفعّالة في بناء المجتمعات من خلال القيادة السياسية، والتعليم، والابتكار في مختلف المجالات.

تعرف أيضًا على: ماهي حقوق المرأة في الإسلام؟

دور المرأة في المجتمعات الإسلامية الأولى

وللمرأة دورٌ في المحافظة على نفسها من أن تكون كما يُروّج أصحاب النفوس المريضة، فهم يُنادون بتحرير المرأة، ولا يريدون من ذلك إلا حرية الوصول إلى المرأة، فيجب أن تحذر من هؤلاء الذين يُحرّضون على فساد المجتمع بنشر المنكرات والشهوات والدعوة إليها.

نماذج لدور المرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي

دور المرأة في التاريخ الاجتماعي يتجلى في صور متعددة، ولعلّ إنجازات المرأة عبر التاريخ تتضح بشكل مؤثر في شخصية خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ القرشيَّة الأسديَّة، أول زوجة للنَّبيِّ، وكانت من أوائل الذين أسلموا من النساء والرجال، وقفت مع الرسول ﷺ في الشدة قبل اليسر؛ فحملت عنه مشاق الدعوةِ وأعبائها، وجاهدت في سبيل الله بنفسها ومالها -رضى الله عنها-، فكانت مؤمنة بشخصية وأفكار النبي ﷺ، ساندته في بداية بعثته، وعمل رسول الله ﷺ في تجارتها، وقد أنفقت من مالها لمساندة النَّبيِّ ﷺ والدعوة الإسلامية، وكان ﷺ يُثْنِي على عطائها الوفير ويشيد فيقول: “ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة”.

دور السيدة خديجة في حمل أعباء الدعوة

وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ القرشيَّة الأسديَّة ، أول زوجة للنَّبيِّ، وكانت من أوائل الذين أسلموا من النساء والرجال، وقفت مع الرسول(صلى الله عليه واله وسلّم) في الشدة قبل اليسر؛ فحملت عنه مشاق الدعوةِ وأعبائها، وجاهدت في سبيل الله بنفسها ومالها -رضى الله عنها- فكانت مؤمنة بشخصية وأفكار النبي (ﷺ)، ساندته في بداية بعثته و عمل رسول الله -ﷺ- في تجارتها، وقد أنفقت من مالها لمساندة النَّبيِّ -عليه الصلاة والسلام- والدعوة الإسلامية وكان (ﷺ) يُثْنَى على عطائها الوفير ويشيد فيقول: “ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة”.

بنت معه أسرة مسلمة أقام النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مع السيدة خديجة بيتاً هانئاً وأسرةً مسلمةً نموذجيَّةً يقتدي بها المسلمون من بعدهم، ضمَّت هذه الأسرة المباركة سيِّد الخلق -صلوات ربي وسلامه عليه- وخير النِّساء خديجة -رضي الله عنها-، وأبناءَه: القاسم، وعبد الله، وبناته: زينب، ورقيَّة، وفاطمة وأمُّ كلثوم.

دور أم سلمة -رضي الله عنها- في المشورة

عندما عاد المسلمون من صلح الحديبية وكانت نيتهم الحج فعقدوا الصلح، فانتكس الصحابة -رضوان الله عليهم-، فما كان من أم سلمة إلا أن تشير على رسول ﷺ الله بأن يفعل كما لو أنّه عائد من الحج، ففعل ذلك، ففعل الصحابة ذلك، وبهِ تغيرت الأجواء وعمّ الرضى والسعادة.

ما هو دور المرأة في المجال الاجتماعي؟

ما هي إنجازات المرأة في المجتمع؟

1. التعليم والتطوير: حققت المرأة تقدمًا كبيرًا في مجال التعليم وأصبحت جزءًا فاعلًا في المجتمع الأكاديمي والمجالات المهنية.
2. القيادة السياسية: تولت النساء العديد من المناصب القيادية، بما في ذلك رئاسة الدول والحكومات.
3. المشاركة في العمل: أثبتت المرأة قدرتها في مختلف القطاعات المهنية، بما في ذلك الطب والهندسة والتكنولوجيا.
4. العمل الاجتماعي: ساهمت المرأة في تنظيم الجمعيات الخيرية والمبادرات الاجتماعية لتحسين حياة الفقراء والمحتاجين.
5. المساواة والحقوق: حققت العديد من النساء إنجازات كبيرة في مجال حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.
6. الإبداع والفنون: برزت المرأة في مجالات الأدب والفن والسينما، وأسهمت في إثراء الثقافة والفن العالمي.

تعرف أيضًا على: متى يكون الهدي واجبًا على المرأة في الحج؟

المرأة وعلاقتها بالتقاليد القبلية

دور المرأة في التاريخ الاجتماعي يتأثر تأثرًا عميقًا بالصراعات بين الأديان والعادات، فقد جاءت الأديان كي تخلص البشرية من العادات والتقاليد البالية وغير الإنسانية، وتعيد للإنسان كرامته، بعيداً عن جبروت القبيلة وتزمتها وعنصريتها، وبعيداً عن التغني بالأصول والجذور، والأمر الجدير بالتوقف عنده هو أن الأديان اهتمت بالفرد مادياً واجتماعياً وروحانياً، وحررته من ملكية العشيرة له، وأنقذته من سلطة المجموعة الخاضعة لنمط واحد في التفكير، لا تحيد عنه مهما كلف الأمر.

ما هو دور المرأة في المجتمع؟

في مثل هذه البيئة الاجتماعية، يظهر جليًا أن المرأة في القديم والحديث غالبًا ما تكون هي المتأثرة الأولى بسلطة التقاليد، رغم ما أقرته الشرائع من حقوق. دورها هو الدفاع عن كرامتها ومكانتها، والمطالبة بالتحرر من أشكال القهر التي تمارس باسم الدين أو الموروث.

فكانت العادات والتقاليد والأفكار الجمعية مقدسة، ومن يخرج عنها تهدر القبيلة دمه وتنفيه أو تعزله أو تتبرأ منه، فهل تخلّص الإنسان من أفكاره البدائية والسلطوية وطبق ما نزل من السماء من كلام يعلي من قيمة الإنسان ككائن وكينونة؟ تعاني أغلب المجتمعات في كافة الأرجاء من سلطة العادات والتقاليد، إلا أنها في بلداننا العربية تشكل أزْمة فكرية واجتماعية وإنسانية، تصل إلى حد التنكر لما جاءت به الأديان، وأحياناً تجّير الدين لخدمة العادات والتقاليد، فتفسره تفسيراً يخدمها، حتى لو كان التفسير خاطئاً، وإذا ما جوبه كبير العائلة أو رب الأسرة بقول ديني يناقض فكره وتقاليده، فإنه يقول: “حتى لو كان كذلك، فنحن لنا ما نشأ آباؤنا وأجدادنا عليه”، هذا رد بكل صراحة ومباشرة فيه بدائية وجاهلية. و للأسف المرأة هي الطرف الذي يدفع الثمن غالياً في هذا المضمار، ففي بعض الحالات، قد تكون كثيرة، عليها أن تخضع خضوعاً كاملاً لسلطة الأب أو الأخ الأكبر، وربما تكون هذه المرأة متعلمة ومتقدمة ومثقفة ومتنورة ومتحررة فكرياً، ولكنها يجب أن تخضع للأب أو الأخ، وعليها أن ترضخ لفلسفته حتى لو كانت ضد ما جاء به الدين، أو ما جاءت به حقوق الإنسان التي أقرتها الشرائع والقوانين ولا تتناقض معها! والإجابة تكمن في اتباع العادات والتقاليد.

تعرف أيضًا على: الأدب النسوي: صوت المرأة في ساحة الأدب

نماذج مشهورة للمرأة العربية القديمة

كان دور المرأة في التاريخ الاجتماعي محوريًا، وكانت المرأة العربية جزءًا حيويًا وأساسًا في بناء المجتمعات والحضارات، حيث لعبت المرأة أدوارًا متعددة تجاوزت الأطر التقليدية. حيث أظهرت النساء العربيات قدرة فائقة على القيادة والحكمة، ومن تلك النماذج التي تمثل إنجازات المرأة عبر التاريخ:

• الملكة بلقيس: حكمت مملكة سبأ بحكمة وحنكتها السياسية، فنجحت في إدارة شؤون مملكتها وبناء علاقات قوية مع الدول المجاورة.
• الملكة زنوبيا: تولت حكم تدمر وتمكنت من توسيع نفوذها السياسي، متحدية بذلك الإمبراطورية الرومانية.
• الخنساء: برزت في المجال الأدبي والاجتماعي، فأثرت بشعرها الحماسي في معنويات القبائل العربية. [2]

تعرف أيضًا على: دور المرأة في المجتمع

وفي الختام، فإن دور المرأة في التاريخ الاجتماعي يعكس عمق مساهمتها في بناء الحضارات وتطور المجتمعات. فقد أثبتت التجارب أن المرأة في القديم والحديث كانت ولا تزال عنصرًا فاعلًا، وقد سطّرت إنجازات عبر التاريخ جديرة بالتقدير والاعتزاز، مما يؤكد على أهمية دعم حضورها وتعزيز مشاركتها في شتى المجالات.

• courses lumen learningWomen in Pre-Islamic Arabia (بتصرف)
• blog alifbee9 Inspiring Arab Women Who Shaped History (بتصرف)

مشاركة المقال

وسوم