مخاطر البراكين على الإنسان والحياة

مخاطر البراكين على الإنسان تنبعث من عمق الأرض أصوات لا نفهمها، تحمل في طياتها قوة تتحدى قدرات الإنسان، وتعيد صياغة الجغرافيا في لحظات. البراكين ليست مجرد قمم تتفجّر، بل هي بوابات طبيعية تهز العالم بهدوء ثم بعنف. في هذا المقال، نستقصي أسباب الخوف المتأصل، ونفهم كيف أن رمادها في السماء وجمراتها تحت الأرض تتصل بسلامتنا وبيئاتنا، حتى عندما يكون التعبير عنها بسيطًا، فإن أثرها يمتد لأبعد بالتالي تصوره الأعين.
من المخاطر التي تسببها البراكين؟
عند الحديث عن مخاطر البراكين على الإنسان، يتبدّى أمامنا مشهد معقّد يجمع بين القوة المدمّرة والصمت الأسود الذي يسبق العاصفة. أول تلك المخاطر المباشرة هي الحمم المتدفقة (lava flows)، وهي سيل حار جدًا من الصخور المنصهرة. يمكنه أن يجرف المباني والمحاصيل على مرأى.
والأكثر رعبًا من ذلك هو التيار البركاني الساخن (pyroclastic flow)، مزيج من الغاز والرماد الساخن يتدحرج بسرعة تصل إلى مئات الكيلومترات في الساعة.وبدرجات حرارة تقارب أو تتجاوز الألف درجة مئوية.وهي من أكثر الظواهر فتكًا على الإطلاق بالنسبة للبشر.
ثانيًا، ينبعث من البراكين الرماد البركاني (volcanic ash) والغازات السامة مثل ثاني أكسيد الكبريت. بالتالي يسبب تلوث الهواء والماء، أمراضًا تنفسية، ومشاكل في البنية التحتية والزراعة لمسافات بعيدة عن موقع الانفجار الأصلي. بالتالي يمكن أن يتسبب الرماد أيضًا في تعطيل الطيران لمسافات شاسعة إذا عمّ السماء بغيومه.
ثالثًا، هناك مخاطر الانهيارات الطينية (lahars)، وهي خليط من الحطام البركاني والمياه التي تجري كالسيلان عبر الأودية. وتحصد ما في طريقها من حياة وممتلكات. تحولت “مأساة أرميرو”. في كولومبيا إلى مثال صارخ على قدرات هذا النوع من الكوارث، إذ قضى لاهار نيفادو ديل رويز على أكثر من 23,000 إنسان.
أخيرًا، لا يقلّل الأمر من فئة مخاطر البراكين والزلازل. فالزلزال البركاني. أو انهيار جزء من الجبل، يمكن أن يؤدي إلى انهيارات أرضية وانهيارات سريعة في الصخور. وتعد هذه الأحداث خطرة حتى في فترات سكون البركان.[1]
تعرف أيضًا على:الزلازل والبراكين: العلاقة والتأثير
ما هو أخطر بركان في العالم؟

عند الحديث عن مخاطر البراكين على الإنسان، يتبادر إلى ذهننا السؤال: أيٌ منها يشكل تهديدًا أعظم؟ من الناحية التقنية والبيئية معًا، يتمتع بركان تل بركان يلوستون (Yellowstone Caldera) بوضع استثنائي. فهو يمثل سوبر بركان يعود مؤشر انفجاره (VEI) إلى 8، ما يجعله من النوع الذي يمكنه تغيير المناخ عالميًا في حالة ثوران كتفوق حدود التخيل.
على صعيد آخر، لا تقل بعض البراكين النشطة خطورة. خصوصًا تلك التي تقع بالقرب من مراكز سكانية كبيرة. على سبيل المثال.بركان فيزوف (Vesuvius) في إيطاليا، والذي دمر بومبي في عام 79 ميلادية، لا يزال مهددًا حياة ملايين السكان في نابولي.
تعرف أيضًا على:ما هي البراكين المخروطية؟ تعريفها وخصائصها وأمثلة عليها
وفي آسيا، يعدّ بركان ميرابي (Merapi) في إندونيسيا من أكثر البراكين نشاطًا وخطورةً بسبب قربه من المناطق المأهولة. انفجاراته المتكررة وسحب الرماد والحمم التي تنطلق بسرعة عالية تجعله من أخطر البراكين من الناحية الحيوية.
من منظور مخاطر البراكين على البيئة.كان ثوران تومبورا (Tambora) عام 1815 واحدًا من أكثر الانفجارات كلفة من حيث الأثر الإيكولوجي. فالتبريد العالمي الناتج أدى إلى ظاهرة “السنة بدون صيف”. مع فوات المحاصيل ومجاعات واسعة في نصف الكرة الشمالي.
باختصار، يصعب تحديد أخطر بركان دون وضع اعتبارات مكانية وزمنية: فسواء كان عميق التأثير الجغرافي كأنواع السوبر بركان. أو قريبًا من التجمعات البشرية كفيزوف وميرابي.أو ذو أثر بيئي عالمي كـتومبورا فكل منها يقف لوحده بوجه التهديد بطريقة فريدة. [2]
تعرف أيضًا على:أضرار البراكين وتأثيرها على الإنسان والبيئة والممتلكات
لماذا البراكين مخيفة جداً؟
الانخراط في موضوع مخاطر البراكين على الإنسان يفتح أمامنا فهماً عميقاً لأسباب جعلت من البراكين ظاهرة تخيف الإنسان منذ الأزل.
أولاً، طبيعة البراكين تأتي بصمتٍ مفاجئ؛ ففي كثير من الحالات لا تعطي الإشارات الأولية قبل أن تنفجر. ما يجعل المخاطر حقيقية حتى حين نكون في ظاهرة من الهدوء السطحي. وهذه هي بالفعل مخاطر البراكين على الإنسان، فقد أصبحت هذه الطبيعة غير المتوقعة من أخطر ما يصاحبها.
ثانياً، تتجاوز تداعيات البراكين نطاق انفجارها، لتشمل البيئة والمجتمعات المجاورة. فتبعث الرماد البركاني، والغازات السامة مثل ثاني أكسيد الكبريت. وينشأ ما يسمى بـ”الضباب البركاني” (Vog). وهي عوامل قد تضر بالجهاز التنفسي، وتؤثر سلبًا على الزراعة، وتعرقل حركة المرور.
تعرف أيضًا على:دليلك إلى أشهر البراكين في العالم وأخطرها عبر التاريخ
ثالثاً، تنبع المخاطر بشكل مباشر من البركان نفسه، مثل “التيارات البركانية الحارة pyroclastic flows ” التي تتدفق بسرعة كبيرة جدًا، مصحوبة بحرارة مميتة تتجاوز في بعض الأحيان 1000 درجة مئوية. بالتالي يشكل خطرًا هائلاً على حياة الإنسان.
رابعاً، تحمل البراكين تأثيرات نفسية عميقة. يعيش الملايين في محيط البراكين في حالة قلق دائمة. خوفًا من ثوران مفاجئ.بالتالي يسبب توترًا مزمنًا وشعورًا بالخوف يرافقهم حتى في الفترات الهادئة.
بالرغم من تنوع هذه المصادر التي تبعث على الخوف والتدمير. يصبح استيعاب مخاطر البراكين على الإنسان أكثر من مجرد بحث في المخاطر الجيولوجية. بل هي قصة عن مدى ضعف الإنسان أمام عظمة قوة الأرض.
تعرف أيضًا على:“ما هي أسباب حدوث البراكين والزلازل؟ شرح مبسط للعوامل الجيولوجية التي تؤدي للكوارث الطبيعية”
ما هي أنواع المخاطر الناتجة عن البراكين؟
عندما نتحدث عن مخاطر البراكين على الإنسان، أو ما هي مخاطر البراكين؟ فـ لا تنحصر التحديات في الانفجار نفسه، بل تتعدى إلى أبعاد متنوعة تتطلب فهمًا عميقًا حتى نتمكن من الحد من أضرار البراكين و الوقاية منها. وفيما يلي أبرز أنواع المخاطر النابعة من النشاط البركاني:
المخاطر المباشرة (Direct Hazards)
تدفقات الحمم (Lava Flows): سيل حمم ساخنة تدمر البنية التحتية والغطاء النباتي.
التيارات البركانية الساخنة (Pyroclastic Flows): خليط قابل للحركة السريعة من غازات وحطام ساخن يبيد كل ما في طريقه.
المخاطر الناتجة عن المواد المتطايرة (Ash, Tephra & Gases)
الرماد البركاني والإنبعاثات الغازية تنتشر لمسافات بعيدة، مسببة مشاكل تنفسية، تلوثاً بيئياً، وتغيرات مناخية مؤقتة.
الانهيارات الطينية (Lahars)
مزيج من الحطام والطين والمياه يتدفق على شكل سيل كالإعصار، يدمر المباني والممتلكات، وقد تجاوزت سرعته 200 كم/ساعة.
الانهيارات الأرضية والبراكين البحرية
انهيارات البراكين أو تدفق الحطام تكوّن جبال خراب وقطوع جغرافية، وقد تثير أمواجاً مدية (تسونامي) في المناطق الساحلية.
الزلازل المرتبطة بالنشاط البركاني
تسبب حركة الصهارة زلازلًا قد تتضرر بها البنية التحتية، وتفتت الصخور أو تشق الأمكنة
تعرف أيضًا على:تأثير البراكين على سطح الأرض من حيث التغيرات الجغرافية والبيئية؟
في الختام، حين ينهى النقاش حول مخاطر البراكين على الإنسان، نجد أنه أكثر من مجرد قائمة بمخاطر طبيعية؛ إنه أيضًا دعوة لفهم توازن هش بين ضعف الإنسان وقوة كوكبنا. من تدفقات الحمم الساخنة إلى الغازات الحمضية، ومن الرماد المحتمل أن يحسب على أجيال إلى التربة الخصبة التي تليها، يصبح واضحًا أن البراكين ترسم دورة حياة الأرض بأقسى تفاصيلها وأكثرها دقة. في النهاية، لا تقاس قيمة هذه المخاطر بجيوبنا الفارغة فحسب، بل بقدرتنا على التحول — من رهبة الكارثة إلى احترام الطبيعة، ومن الخوف إلى التعلم، ومن الهلاك إلى الحماية.
المراجع
- bgsVolcanic hazards -بتصرف
- volcanoDeadliest Eruption | Volcano World - Oregon State University -بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

الجبال البركانية في أفريقيا وأهميتها

الجزر البركانية تكوينات طبيعية مدهشة

الهجرة البشرية بين القارات

النجم النيوتروني وخصائصه

الانفجارات الشمسية وتأثيرها

زلزال نابولي التاريخي

الأقمار الصناعية الاصطناعية ودورها

دول قارة أوقيانوسيا وتوزيعها الجغرافي

الأحياء البحرية النادرة والمهددة

المياه في الفضاء واكتشافاتها

نهر سيحون وجيحون أنهار آسيا الوسطى

المناخ الصحراوي في الجزيرة العربية

نهر الأمازون أعظم أنهار العالم وأكثرها غموضا

دليل سياحة صلالة عمان
