معاذ بن جبل: أعلم الأمة بالحلال والحرام

من هو معاذ بن جبل؟ إنه أحد أبرز الصحابة الذين عرفوا بالعلم والتقوى، فهو الصحابي الذي لقبه النبي ﷺ بأنه “أعلم الأمة بالحلال والحرام” ولد في المدينة المنورة. وأسلم وهو شاب في مقتبل العمر، فكان من أوائل الذين استجابوا لدعوة الإسلام فمَا سر مكانته العالية؟ وما الذي جعله يختص بهذا الشأن العظيم من رسول الله؟ في هذا المقال، نستعرض سيرة هذا العالم الرباني، ونكشف عن قصة الثابت على الحق مع الرسول، وصفاته الفريدة، وسبب اهتزاز عرش الرحمن لوفاته، إلى جانب تسليط الضوء على مهنته. ومبشرات الجنة التي نالها، ووفاته، وأين دفن، مع قراءة في إرثه العلمي والدعوي.

ما هي قصة معاذ بن جبل؟

من أجمل وأعمق القصص الذي تربط بين الصحابة والنبي محمد ﷺ، هي قصة معاذ بن جبل مع الرسول. كان معاذ بن جبل من الأنصار الذين أسلموا على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة. واشتهر بشدة حرصه على العلم منذ صغره وعندما هاجر النبي إلى المدينة. أصبح معاذ من أقرب الناس إليه، حتى قال فيه: “يأتي يوم القيامة أمام العلماء برتوة”.

أرسل النبي ﷺ معاذًا إلى اليمن كقاض ومعلم، وسأله حينها: “بم تحكم؟” قال: “بكتاب الله”، قال: “فإن لم تجد؟” قال: “بسنة رسوله”، قال: “فإن لم تجد؟” قال: “أجتهد رأيي ولا آلو” ففرح به النبي ﷺ وضرب على صدره وقال: “الحمد لله الذي وفق رسول الله لَمَّا يرض الله ورسوله” هذه القصة تلخص مدى دِقَّة النبي به واعترافه بقدرته الفقهية والعقلية المتقدمة.

إن شخصية معاذ بن جبل تمثل نموذجًا للعلماء الذين جمعوا بين العلم والعمل، والتفقه والإخلاص. وكان دائمًا حريصًا على تعليم الناس وتبليغ دعوة الإسلام، ما جعله محل محبة وتقدير كبير في حياة الرسول وبعد وفاته.[1]

تعرف أيضًا على: أم حرام بنت ملحان: شهيدة البحر وبشرت بالغزو في سبيل الله

لماذا كان الرسول يحب معاذ بن جبل؟

محبة الرسول ﷺ لـمعاذ بن جبل لم تكن أمرًا عابرًا، بل كانت مملوءة بمعان تربوية وروحية. من أبرز أسباب هذه المحبة هي صفات معاذ بن جبل، التي جمع فيها بين الذكاء والفطنة، والتواضع والإخلاص، بالإضافة إلى حب العلم.

كان معاذ فقيهًا بارعًا، حسن الخلق، لين الكلام، لا يمل من السؤال، ولا يتردد في طلب الحق. وقد ورد أن النبي ﷺ قال له يومًا: “يا معاذ، والله إني لأحبك”، ثم أوصاه أن يقول في كل صلاة: “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” هذا الحديث وحده يكشف عن مدى قربه من النبي. وكيف كان له مكانة خاصة في قلبه.

ثم أن معاذ كان يسأل النبي عن أدق الأمور، لا رغبة في الجدل، بل حبًا في الفهم واليقين، وكان يتعلم ليعلم وقد روى أحاديث كثيرة. وكان من أبرز المفتين في عهد الخلفاء الراشدين لهذا، فإنه لم يكن مجرد صحابي، بل كان قدوة علمية وروحية عالية.

تعرف أيضًا على: جعفر بن أبي طالب: طيّار الجنة وسفير الإسلام الأول

ماذا فعل سيدنا معاذ بن جبل ليهتز له عرش الرحمن؟

يروى أن النبي ﷺ قال عن سعد بن معاذ أن عرش الرحمن اهتز لموته، ولكن بعض الرواة نقلوا أن معاذ بن جبل أيضًا بلغ مرتبة عظيمة عند الله. فمَا هي أعماله التي أوصلته إلى هذا المقام؟

أول ما يميز معاذًا هو إخلاصه التام في تبليغ الرسالة، وقدرته على الفهم والتفسير. فقد كان المرجع الأول في الفتوى بعد النبي ثم أن مهنة معاذ بن جبل كانت خدمة الإسلام كداعية ومعلم، وكان رسولًا لرسول الله في اليمن. يعلم الناس أمور دينهم، ويقيم العدل بينهم.

وبالإضافة إلى عمله الرسمي، كان معاذ يمضي الليالي في العبادة والتهجد. ويعرف عنه شدة خشوعه وخوفه من الله جمع بين العمل في الناس وخدمة المجتمع. وبين عبادة خفية لا يراها إلا الله تلك المزايا النادرة في شخصية معاذ جعلته محبوبًا في السماء قبل الأرض.

إن الذين بلغوا هذا القدر من الطهر والنقاء والإخلاص قلائل، والثابت على الحق كان أحدهم. ولهذا يعد من أعظم رموز الأمة الإسلامية.

تعرف أيضًا على: الزبير بن العوام: حواري الرسول وأول من سل سيفًا في الإسلام

هل معاذ بن جبل مبشر بالجنة؟

نعم، إن معاذ بن جبل ممن بشرهم النبي محمد ﷺ بالجنة. فقد ورد في أحاديث عدة أن معاذًا من السابقين المقربين ومكانته عند النبي والصحابة جميعًا تدل على أنه نال هذا الفضل الكبير في حياته.

ومن الأمور اللافتة أن معاذ لم يكن غنيًا، ولا من كبار القادة العسكريين. لكنه كان عالمًا فقيهًا، ومجتهدًا في دين الله. وهذا يوضح أن الجنة لا تنل بالمناصب ولا القوة، بل بالإيمان والعمل الصالح.

وكان من المواقف المؤثرة في حياته، أنه في أيام مرضه الأخير، بكى معاذ وقال: “اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا لطول البقاء، ولا لجري الأنهار، وإنما كنت أحبها لظمأ الهواجر، وقيام الليل، ومزاحمة العلماء في حلق الذكر” لقد قال هذا وهو يعلم أن أجله قريب. وأين يقع قبر معاذ بن جبل؟ في الأردن، في منطقة الأغوار الشِّمالية. وهو مقام معروف ويزار من الكيرين.

هذا التواضع، وعمق الصدق في العبودية، هو ما جعل معاذ بن جبل من المبشرين بالجنة دون تردد.

تعرف أيضًا على: عبد الرحمن بن عوف: تاجر الجنة وصاحب الصدقات العظيمة

كيف توفي معاذ بن جبل ومتى؟

كانت وفاة معاذ بن جبل من الأحداث المؤثرة في التاريخ الإسلامي، إذ توفي في طاعون عمواس سنة ١٨ هـ. وهو الطاعون الذي ضرب بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب

بالرغْم من شدة الوباء، بقي معاذ صابرًا محتسبًا، يواسي الناس ويحثهم على الثبات، قائلًا: “إن هذا الطاعون رحمة بكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم” لقد واجه الموت بإيمان ورضا. وكانت تلك المواقف دليلًا على ثبات شخصية معاذ بن جبل وقوة يقينه توفي عن عمر ٣٨ عامًا، ودفن في منطقة الأغوار بالأردن. حي لا يزال قبره معروفًا ويزار.

تعرف أيضًا على: عبد الله بن مسعود: أول من جهر بالقرآن في مكة

أبرز ملامح سيرة معاذ بن جبل العلمية والدعوية

تتميز سيرة معاذ بن جبل بوضوح أره في العلم والدعوة، وفيما يلي أبرز ملامح حياته:

• كان من أوائل من حفظوا القرآن الكريم من الأنصار وشارك في جمعه.
• عرف بعلمه الغزير، وكان من كبار المفتين في عهد النبي ﷺ.
• أرسله النبي إلى اليمن معلمًا وقاضيًا، وكان نموذجًا للداعية الفقيه.
• كان له دور بارز في الفتوى والتعليم في عهد الخلفاء من بعد النبي.
• اتصف بالتواضع والورع، وحرص دائمًا على طلب العلم وتعليمه.
• في كتب السير معاذ بن جبل تاريخ ومكان الوفاة، حي توفي سنة ١٨ هـ في طاعون عمواس، ودفن في الأغوار بالأردن. ولا يزال قبره مزارًا معروفًا حتى اليوم.[2]

تعرف أيضًا على: طلحة بن عبيد الله: الشهيد الحي والمدافع عن النبي في أحد

في الختام، لقد قدم معاذ بن جبل نموذجًا فريدًا للعالم الرباني، الذي يوازن بين العلم والعبادة، والقيادة والتواضع بواسطة سيرته، نرى كيف يمكن للعلم أن يرفع صاحبه درجات، وكيف أن الإخلاص والعمل الصالح هما طريق الجنة الحقيقي. سيبقى اسم معاذ خالدًا في تاريخ الإسلام، وعطرًا يروى في المجالس، فهو بحق “أعلم الأمة بالحلال والحرام”.

• Islamlegacy Mu’adh ibn Jabal ( بتصرف)
• Linkedin Hazrat Muadh ibn Jabal R.A. ( بتصرف)

مشاركة المقال

وسوم