من هو ابن المقفع وأشهر كتبه؟ تعرف على مؤلف \كليلة ودمنة\

الكاتب : بسمة وليد
09 مارس 2025
عدد المشاهدات : 23
منذ 9 ساعات
دعوة نوح لقومه
عناصر الموضوع
1- نشأة ابن المقفع وتحوله الفكري
2- أصول كتاب كليلة ودمنة
3- أشهر المؤلفات الأخرى
4- الأسلوب واللغة في أعماله
5- النزعة الإصلاحية والفكرية

عناصر الموضوع

1- نشأة ابن المقفع وتحوله الفكري

2- أصول كتاب “كليلة ودمنة”

3- أشهر المؤلفات الأخرى

4- الأسلوب واللغة في أعماله

5- النزعة الإصلاحية والفكرية

ابن المقفّع كان عالماً واسع الاطلاع، حيث كان ملمّاً بالثقافات العربية والفارسية واليونانية والهندية. ورغم أنه انتقد عيوب النظم الإدارية في عصره وفضل النظم الفارسية، فإن العرب كانوا في ذلك الوقت بعيدين عن هذه النظم. بعد تأسيس الدولة الإسلامية في عهد الرسول، قام الفاروق عمر بن الخطاب باقتباس العديد من النظم الإدارية من الفرس، مما ساعده في بناء دولة قوية. وقد كان لذلك تأثير كبير على تطور الدولة الإسلامية.

1- نشأة ابن المقفع وتحوله الفكري

هو عبد الله بن المقفع، من أصل فارسي، ولد في قرية تدعى جور (فيروز أباد) في فارس، بينما يعتقد بعض المؤرخين أنه ولد في البصرة. كان يعرف باسم روزبه بن داذويه ولقب بـ “أبا عمرو”. بعد إسلامه، اتخذ اسم عبد الله وكنية “أبي محمد”. أما لقب والده “المقفع”، فقد أطلق عليه بسبب اتهامه بالسرقة من أموال المسلمين والدولة الإسلامية، مما أدى إلى تعذيبه على يد الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي ضربه على أصابعه حتى تشنجت وتورمت، مما تسبب في اعوجاجها وشللها. ووفقًا لما ذكره ابن خلكان، فإن الحجاج كان قد عين داذويه لجمع خراج فارس، لكنه استغل سلطته وأخذ الأموال، مما أدى إلى تعذيبه. هناك رأي آخر يقول إن اللقب جاء من عمله في صناعة القفاع وبيعها، لكن الرأي الأول هو الأكثر شيوعًا، ومن هنا عرف روزبه بابن المقفع.

نشأ ابن المقفع في بيئة مجوسية على مذهب المانوية، حيث كان له دور بارز في نشر تعاليمها وترجمتها إلى اللغة العربية، ومن بين أعماله كتاب يتناول سيرة مزدك، أحد أبرز دعاة الثنوية. لكنه أسلم على يد عيسى بن علي، وتغير اسمه إلى عبد اللة وتكنى بأبي محمد. لم تدم فترة إسلامه طويلا، إذ قتل على يد سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بتوجيه من المنصور، حيث اتهم بالزندقة. وقد استندت مبررات قتله إلى اعتباره زنديقا من أولئك الذين يتظاهرون بالإسلام لأغراض خادعة. ومع ذلك، لا توجد في آثار ابن المقفع ما يدل على زندقته، ولم يكن هناك دليل مادي يدعم تلك الاتهامات. لذا، فإن الزندقة لم تكن السبب الحقيقي وراء مقتله، بل كانت مجرد غطاء. ورغم ذلك، يبقى احتمال كونه زنديقًا بعد إسلامه واردًا، حيث يشير بعض المؤرخين إلى أن إسلامه قد يكون كان بدافع الحفاظ على كرامته وطمعًا في الشهرة والجاه، بالإضافة إلى التقرب من مواليه العباسيين. [1]

2- أصول كتاب كليلة ودمنة

يعتبر كتاب “كليلة ودمنة” من أقدم النصوص العربية التي تم تفسيرها. تمت أول ترجمة لهذا الكتاب إلى اللغة العربية على يد ابن المقفع، حيث استندت إلى النسخة البهلوية التي لم تعد موجودة اليوم. يُعد الرسم التوضيحي لقصة “الكركي والسلطعون” من أقدم النسخ العربية للكتاب، والتي تعود إلى عام 1220 ميلادي، وقد أُعدت في سوريا، وهي محفوظة حالياً في المكتبة الوطنية الفرنسية في باريس. تستند القصة إلى حكايات من الكتاب الهندي “بانشاتانترا”، الذي يتضمن مجموعة من الأمثال السنسكريتية. وقد تُرجم هذا العمل إلى العديد من اللغات. من الشخصيات الرئيسية في الكتاب نجد اثنين من ابن آوى يُدعيان كليلة ودمنة، اللذين يرويان القصص المتعلقة بالمؤامرات والمكائد في مملكة الأسد، وتختتم كل قصة بعبرة أخلاقية.

تمت ترجمة الحكايات الرمزية في كتاب “كليلة ودمنة” إلى اللغة العربية في القرن الثامن الميلادي على يد الفارسي ابن المقفع. وتعتبر ترجمة ابن المقفع من أبرز الأعمال في النثر الفني العربي، حيث استندت إليها العديد من الترجمات إلى اللغات الأوروبية والشرقية التي تعود إلى الفترة ما بين القرن العاشر والرابع عشر. كما يظهر تأثير ترجمته في العديد من الأعمال الأدبية الغربية البارزة، مثل أساطير لافونتين. يُعتبر كتاب “كليلة ودمنة” بمثابة مرآة للأمراء، حيث يتناول قضايا الحياة الاجتماعية والحكمة الأميرية من خلال قصص مستوحاة من مملكة الحيوانات. وتُعد المخطوطة المعروفة في مصر منذ حوالي عام 1310 من أقدم المخطوطات العربية المعروفة من القرن الرابع عشر. [2]

3- أشهر المؤلفات الأخرى

  • تتناول الرسالة في الصحابة مجموعة من القيم والحِكم المتعلقة بنظام الدولة. ويشير مفهوم الصحابة هنا إلى صحابة الملوك والحكام، بما في ذلك حاشيتهم ورعاياهم وجنودهم. في هذه الرسالة، يستعرض ابن المقفع السياسة العامة للدولة، وقد يكون قد أضاف إليها بعض التطبيقات المتعلقة بأوضاع الدولة العباسية والرعية الإسلامية. ومع ذلك، فإن محتوى هذه الرسالة مستمد في جوهره من أنظمة الملك الساسانية.
  • في كتابه “الأدب الصغير والأدب الكبير”، يقدم ابن المقفع لمحة شاملة عن حياة الإنسان، متناولاً أدبه وأفكاره، وتفاعلاته وأخلاقه، وظروف معيشته. كما يسلط الضوء على أهمية الخلق الحسن والمعروف، ويشجع الطموحين من ذوي الهمم العالية. يحفز ابن المقفع في هذا الكتاب على التحلي بالورع والاستقامة والحلم في كل مسار يسلكه الفرد، وفي كل كلمة يتفوه بها. كما يرفع من قيمة الحكمة والعقل، مما يساعد أصحاب العقول الراجحة على تجنب الزلل والانزلاق نحو الهوى والطيش.
  • تحتوي “الدرة اليتيمة” على العديد من الوصايا القيمة في مجالات متنوعة من الحياة. قام ابن المقفع بتنظيم الكتاب وتقسيمه إلى خمسة أقسام تتناول أصول الأمور، وأصحاب السلطان، والولاة، والمعارف، والأصدقاء، بالإضافة إلى أدب الحديث وأفضل الخصال. ومن الجدير بالذكر أن الأديب شكيب أرسلان قد أولى هذا الكتاب اهتمامًا خاصًا، ويُعتبر أيضًا من بين الكتب الخمسة التي اتفق الأدباء على جودتها. ومع ذلك، فقد فقدت معظم نصوصه، ولم يتبقَ منها سوى بعض المقتطفات من كتاب “جامع بيان العلم وفضله”.

4- الأسلوب واللغة في أعماله

أسلوب ابن المقفع يتميز بالسلاسة والعمق، حيث يجمع بين أفكار متناسقة ومنطق قوي، مع استخدام ألفاظ سهلة وفصيحة، تحمل دلالات قوية على المعاني. يتمتع أسلوبه ببلاغة عالية، وقد كان ينصح بالابتعاد عن الألفاظ الغريبة والمعاني المبتذلة، حيث قال لأحد الكتاب: “احذر من التوجه نحو الألفاظ الوحشية بحثًا عن البلاغة، فإن ذلك هو العيّ الأكبر”.

لقد انتشر أسلوبه وأصبح نموذجًا يحتذي به البلغاء، واستمر تأثيره حتى ظهور أسلوب الجاحظ.

يعتبر ابن المقفع شخصية بارزة في تاريخ اللغة العربية، حيث كان أول من أدخل الحكمة الفارسية والهندية، بالإضافة إلى المنطق اليوناني، وعلم الأخلاق، وفن سياسة الاجتماع. كما أنه كان رائدًا في تعريب وتأليف النصوص، مما ساهم في رفع مستوى النثر العربي إلى آفاق جديدة من الفن. [3]

5- النزعة الإصلاحية والفكرية

تظهر النزعة الإنسانية في مؤلفات ابن المقفع من خلال دعوته إلى ضرورة احترام الإنسان وتقديره، وتحقيق حريته، وتعزيز المساواة الاجتماعية بين جميع الأفراد. كما سعى إلى إرساء قيم العدالة في المجتمع، بغض النظر عن تنوع معتقداته وأجناسه واختلاف فئاته الاجتماعية. وقد اتبع مبادئ أخلاقية مشتركة بين مختلف الأديان، منادياً بأهمية الرأي والاجتهاد واستقلالية القضاء، مما جعله ينضم إلى أتباع مدرسة أهل الرأي في العراق.

استشعر ابن المقفع أهمية البذل والاجتهاد كوسيلة لتمكين الإنسان من التطور وتحقيق السعادة وتحسين ظروف معيشته. وفي تقديره، يعيش الإنسان بين حرية الإرادة وقدر الله وقضائه، مما يستدعي الاعتماد على العقل كوسيلة لتحقيق الأهداف والأحلام، وتجاوز الجهل وفتح سبل السلام. وقد اعتبر فريد غازي ابن المقفع لائكيّاً، حيث أن اللائكية تمثل تياراً فكرياً يدعو إلى حرية الاعتقاد والفكر، ويقوم على مبدأ فصل الدين عن الدولة وعلمنتها لتحقيق استقلالية الدولة والأمة عن المسلّمات الغيبية، مع التأكيد على أن الإنسان هو المسؤول الأول عن مصيره، وأن التديّن هو مسألة تتعلق بالحرية الشخصية. [4]

في الختام. اجتمع في شخصية ابن المقفع علم غزير. وعقل راجح. وذكاء حاد. وطبع متدفق. ولغة رفيعة. وقد قيل إنه لم يكن هناك أذكى من الخليل بن أحمد بين العرب بعد الصحابة. ولا أذكى من ابن المقفع بين العجم. كما اعتبر ابن المقفع من رواد الأدب في البلاغة. حيث رتبهم ابن النديم على النحو التالي: (عبد الله بن المقفع. عمارة بن حمزة. حجر بن محمد. محمد بن حجر. أنس بن أبي شيخ. سالم. مسعدة. الهرير. عبد الجبار بن عدي. أحمد بن يوسف). وقد شهد كبار الأدباء بموهبة ابن المقفع. حيث حدث أن اجتمع بالخليل بن أحمد. الذي يعتبر سيد الأدباء وأعظمهم. وظلا يتحدثان معا لمدة ثلاثة أيام. وعندما افترقا. سئل الخليل عن ابن المقفع. فقال: “ما شئت من علم وأدب. إلا أن علمه أكثر من عقله”. بينما سئل ابن المقفع عن الخليل. فقال: “ما شئت من علم وأدب. إلا أن عقله أكثر من علمه”.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة