مياموتو موساشي سيد السيف وفيلسوف القتال

كرس مياموتو موساشي المعروف أيضًا باسم كينسي، إله السيف، صقل موهبته في فنون المبارزة ليصل إلى الكمال، خاض أكثر من 60 مبارزة. وانتصر فيها. وأنهى مسيرته ببراعة لا تقهر. وظلّ على تواصل مع فنون متنوعة، منها الرسم والنحت والخط والشعر. بالإضافة إلى تأمل الزن والبوذية، وترك للأجيال اللاحقة إرثًا هائلًا من روائع الرسم والنحت والخط والشعر، بالإضافة إلى أهم أطروحة يابانية في الاستراتيجية، وهي كتاب الحلقات الخمس.

هل قصة موساشي حقيقية؟

نعم، تشير السجلات التاريخية إلى وجود مياموتو موساشي، محارب من لحم ودم، عاش بالسيف.

لكن هل كان موساشي الأساطير، المعلم الذي لا يقهر ذا المهارة الخارقة؟ هنا يتلاشى التاريخ في الأسطورة، تاركًا لنا شخصية غامضة، رجلًا قد لا يعرف حق المعرفة أبدًا.

ولِد مياموتو موساشي عام ١٥٨٤، في اليابان. كان ذلك زمن حربٍ وصراعٍ إقطاعي، في الماضي، كانت اليابان أرضًا يجوبها الساموراي بحثًا عن الشرف والواجب وإثارة القتال.

عرف موساشي بـ”كينسي” أو “قديس السيف”. ولم يتبع نهج الساموراي التقليدي. كان رونين، أي ساموراي بلا سيد. يجوب البلاد دون ولاء لأي سيد. هذا الاختيار ميّزه، عاش وفق قواعده الخاصة، وصقل مهاراته في المبارزات.

• رواية موساشي

غالبًا ما تروى بتفاصيل غامضة، إنه رجل يقال إنه قاتل بسيوف خشبية، حتى ضد خصوم يستخدمون سيوفًا فولاذية قاتلة، هذه الصورة وحدها تثير الإعجاب والريبة. كيف نجا، ناهيك من الفوز، من مثل هذه المواجهات؟ كانت السجلات نادرة في اليابان الإقطاعية، هذا الندرة تغذي الأسطورة، وتمنح رواة القصص مساحةً لإضافة الدراما والبراعة والغموض.

• مبارزة موساشي مع ساساكي كوجيرو

من أشهر الحكايات وأكثرها تكرارًا، مبارزة موساشي مع ساساكي كوجيرو، كان كوجيرو مبارزًا بارعًا، معروفًا بسيفه الطويل، التقيا على جزيرة صغيرة. تأخر موساشي عمدًا ليُثير أعصاب كوجيرو، ولم يكن ذلك كافيًا. فقد أحضر معه سيفًا خشبيًا منحوتًا من مجداف بدلًا من السيف التقليدي، بدأت المبارزة. ضرب موساشي كوجيرو الحائر أرضًا، منهيًا المبارزة بضربة واحدة.

إنها قصة ملحمية. تفاصيلها متباينة لدرجة أنك تتساءل إن كانت حقيقية أصلًا، قد تتساءل إن كان موساشي نفسه قد أسهم في نشر القصة.

حتى مظهره مثير للجدل، بعض الروايات تصوره كشخصية قوية، أشعث. بشعر كثيف وعيون ثاقبة، بينما يصوره آخرون كشخصية أكثر تحفظًا، كفنان متأمل، تخلى عن المبارزة في سنواته الأخيرة للتركيز على الرسم والكتابة.

يبدو الأمر كما لو أن مياموتو موساشي، اتخذ هويات متعددة، هوية واحدة لكل معجب، هوية واحدة لكل راوي قصص.

• مياموتو موساشي انمي

في بداية المسلسل، صوِّر موساشي على أنه شاب متهور مدفوع برغبته في أن يصبح قويًا، بشخصية عدوانية للغاية.

• في فيلم“Vagabond”

كان مهووسًا بفكرة “لا يقهر تحت السماء” حتى أدرك أنها مجرد فكرة فارغة، وأن قدراته محدودة، عندما سئل عن تعريف “لا يقهر تحت السماء”، شبّهه بضباب حراري يشتعل عند السعي نحوه، لكنه يتلاشى عند الوصول إليه.

بعد تدمير عشيرة يوشيوكا. أصبح أكثر لطفًا وسلامًا، لكنه أدرك أنه لا يستطيع الفرار من دوامة الموت والقتل. وعندما أدرك أنه عالق في دوامة الموت والقتل، شعر أن قتل الآخرين أشبه بطعن نفسه. [1]

تعرف أيضًا على: لي كوان يو رؤى وإرث زعيم سنغافورة المؤسس

 من هزم مياموتو موساشي؟

هزم مياموتو موساشي أخيرًا في 13 يونيو 1645، لكن لم يكن السيف هو الذي هزم الساموراي الهائل، لعب ياموتو موساشي بالوقت. في عام ١٦١٢، خاض مبارزة مع ساساكي كوجيرو، “شيطان المقاطعات الغربية”، على جزيرة في مضيق شيمونوسيكي، وصل كوجيرو في الموعد المحدد؛ بينما وصل موساشي متأخرًا بساعات، حاملًا سيفًا خشبيًا طويلًا نحته للتو من مجداف.

تعرف أيضًا على: سوكارنو: مؤسس إندونيسيا الحديثة ورمز الاستقلال الوطني

تعرف أيضًا على: سوهارتو: الرئيس الذي حكم إندونيسيا لأكثر من ثلاثة عقود

 من هو أقوى ساموراي في التاريخ؟

يعرف غالبية اليابانيين مياموتو موساشي. باعتباره أشهر وأقوى ساموراي في التاريخ وأمهر سياف في اليابان. وقد بلغت مكانته بين اليابانيين مكانةً أسطوريةً تضاهي مكانة محمد علي أو مايكل جوردان في الغرب، تعد حياة موساشي بمنزلة النموذج الذهبي للساموراي في اليابان

.تعرف أيضًا على: فرديناند ماركوس: الزعيم الذي حكم الفلبين لأربعة عقود

فاز مياموتو موساشي. بأول مبارزة له في سن الثالثة عشرة، وشارك فيما لا يقل عن 60 مبارزة أخرى. دون أن يخسر أيًا منها، أما مبارزة موساشي الأخيرة في سن الثلاثين، فكانت أسطورية. بينما واجه سيافًا محترفًا آخر، هو كوجيرو ساساكي، ويعد انتصار موساشي على ساساكي موضوعًا لكثير من اللوحات والقصص اليابانية الكلاسيكية. ابتكر موساشي أسلوب “هيوهو نيتن إيتشي ريو” أو “مدرسة السماواتين كواحد”. ويشير هذا الأسلوب إلى أسلوبه الفريد في المبارزة. بينما يستخدم سيفين، أحدهما طويل (أوداتشي) والآخر قصير (كوداتشي).

كوماموتو وموساشي: مركز فلسفة الأعظم في فنون القتال

من أهم جوانب تقدير كيوشو فهم تأثير ماضي الساموراي فيها. ولا مكان يتجلى فيه ذلك أكثر من محافظة كوماموتو، قضى موسا شي جزءًا كبيرًا من حياته في كوماموتو، ومع أن العالم لا يعرف كثير عن بدايات موساشي. فإن مساهماته في فلسفة الفنون القتالية وتأثيره الدائم على الثقافة اليابانية تجعله واحدًا من أعظم الساموراي. إن لم يكن الأعظم على الإطلاق، الذين استخدموا السيف الياباني.

حقق هذا السياف الياباني الأسطوري أكثر من 60 انتصارًا في مبارزة. لم يهزم أبدًا، بما في ذلك المباراة الشهيرة ضد ساساكي كوجيرو في عام 1612، ما جعل المبارزة مثيرة للاهتمام هو أن موساشي استخدم مجدافًا خشبيًا منحوتًا من مجداف، مما يجسد قدرته الفريدة على التكيف في القتال وبراعته التكتيكية. جعل كوجيرو ينتظره على جزيرة لإثارة غضب خصمه، مما جعل الأخير يفقد تركيزه.

نيتن إيتشي ريو: موساشي وفلسفة القتال بالسيفين

قدّم موساشي أسلوب “نيتن إيتشي ريو”، أو أسلوب القتال بالسيفين، مُكمّلاً بذلك فلسفته الفريدة في السيف. بينما  ينبغي تطبيق الانضباط والاستراتيجية على نطاق واسع، وليس فقط في ساحة المعركة، وقد كان لهذه الرؤية الشاملة للفنون القتالية دورٌ أساسي في تشكيل أجيال الساموراي القادمة، وفي كل ما نعرفه عن سيف الساموراي.

تعرف أيضًا على: ساموراي من هم؟ وما هي قواعد شرفهم الصارمة؟

 كتب مياموتو موساشي

جُمعت مخطوطات مياموتو موساشي تحت عنوان “كتاب الحلقات الخمس”، الذي كان شائعًا جدًا في أمريكا الشمالية بين ممارسي الفنون القتالية وقادة الأعمال، وخاصةً في الثمانينيات.

تشتهر موساشي أيضًا بـ”ني تين إيتشي ريو”، وهي سلسلة من التقنيات تعتمد على استخدام سيفين في آنٍ واحد بدلًا من استخدام سيف واحد بكلتا اليدين.

ألّف كتابًا لتدريب الساموراي والسيوف، يُنصح به الكل، بمن فيهم ممارسو الفنون القتالية ورواد الأعمال، تُمثل الحلقات الخمس الحلقات الخمس التي كتبها موساشي: كتاب الأرض: فنون القتال والقيادة وأهمية التدريب، كتاب الماء: تقنيات المبارزة، كتاب النار: أهمية التوقيت، كتاب الريح: أكثر أخطاء القتال شيوعًا، كتاب الفراغ: قوة العقل واليقظة والزِن.

• مقولات مياموتو موساشي

“إذا كنت تريد السيطرة على الآخرين، يجب عليك أولاً السيطرة على نفسك”.

“من شيء واحد، تعرف عشرة آلاف شيء”.

“من الصعب فهم الكون إذا كنت تدرس كوكبًا واحدًا فقط”.

“في المعركة، إذا جعلت خصمك يتراجع، فقد فزت بالفعل”.

“لا تندم على ما فعلت”.

“إذا لم تسيطر على العدو، فسوف يسيطر عليك العدو”.

“احترم بوذا والآلهة دون الاعتماد على مساعدتهم”.

“إن أهم شيء في الإستراتيجية هو عدم قمع أفعال العدو المفيدة، بل السماح له بأفعاله غير المفيدة”.

“الإدراك قوي والبصر ضعيف. في الاستراتيجية، من المهم رؤية الأشياء البعيدة كما لو كانت قريبة، واتخاذ منظور بعيد للأشياء القريبة”.

“تقبل كل شيء كما هو”.

• تجنب الاستسلام للحزن بسبب أي انفصال.
• قاوم خداع الروح الناتج عن ضعف استجابات الجسد.
• احذر من أن يكشف العدو عن حقيقتك الداخلية أو الخارجية  [2]

تعرف أيضًا على: إياسو توكوغاوا: القائد الذي غيّر مجرى التاريخ الياباني

ختاما، تتجاوز عظمة مياموتو موساشي الساموراي ساحة المعركة، إذ تدمج الانضباط العقلي والحكمة الفلسفية والمهارة البدنية في أسلوب حياة متماسك. ولا تزال تعاليمه تلهم الباحثين عن الإتقان في أي مجال، مما يجعل مياموتو موساشي ليس ساموراي يابانيًا مشهورًا فحسب، بل والأهم من ذلك، شخصية خالدة في التاريخ.

الأسئلة الشائعة

س. من هو مياموتو موساشي؟

ج. مياموتو موساشي (1584–1645) هو مبارز ساموراي ياباني مشهور وأسطوري، يُعتبر من أعظم المبارزين في تاريخ اليابان.

س. ما سبب شهرته؟

ج. خاض أكثر من 60 مبارزة، ولم يُهزم في أي منها، مما جعله أسطورة في فنون القتال بالسيف.

س. ما أسلوبه القتالي المميز؟

ج. ابتكر أسلوبًا يُسمى نيتين إيتشي ريو (Niten Ichi-ryū) يعتمد على استخدام سيفين معًا (الكاتانا والواكازاشي).

س. ما أشهر كتاباته؟

ج. كتابه الأشهر هو كتاب الحلقات الخمس، الذي يتناول استراتيجيات القتال، وفلسفة الحياة.

س. ما إرثه اليوم؟

ج. يعد رمزًا للساموراي الحقيقي، وتُدرّس أفكاره في الفنون القتالية، والقيادة، والاستراتيجيات حتى خارج المجال العسكري.

س. ما فلسفته في الحياة والقتال؟

ج. ركز على المرونة والانضباط، وعدم التعلق بالمتعة أو الماديات، وفهم النفس والمبارز لتحقيق النصر.

• bookjellyWas Miyamoto Musashi Real? Exploring The Legend and The Man_بتصرف
• mai-koMusashi Miyamoto’s Teachings (1584~1645)_بتصرف

مشاركة المقال

وسوم