نهاوند: فتح الفتوح

الكاتب : آية زيدان
04 ديسمبر 2025
عدد المشاهدات : 3
منذ 17 ثانية
نهاوند
الأهمية: المعركة الحاسمة مع الفرس
الاستعدادات: آخر جيوش الفرس
خطة المسلمين: الهجوم المفاجئ
التقسيم والتنسيق
الهجوم على شكل موجات
استغلال التضاريس
المفاجأة والضغط النفسي
استشهاد النعمان بن مقرن
آثار المعركة على المنطقة
الأسئلة الشائعة
س: من هي معركة نهاوند؟
س: ما سبب تسمية معركة نهاوند بفتح الفتوح؟
س: لماذا سمي مقام النهاوند بهذا الاسم؟
س: أين تقع مدينة نهاوند؟
س: ما أبرز نتائج معركة نهاوند؟

تعد نهاوند واحدة من أبرز المعارك في التاريخ الإسلامي، إذ لم تكن مجرد مواجهة عسكرية بين جيشين، بل كانت لحظة فاصلة أنهت عهدًا وبدأت آخر، في تلك الأرض التي احتضنت أمل الفرس الأخير في البقاء، وقف المسلمون بقيادة النعمان بن مقرن بكل إيمان وعزيمة، مدافعين عن الرسالة ومكملين لمسيرة الفتح، حملت المعركة في طياتها شجاعة وإصرارًا، وكتبت فصلاً جديدًا في تاريخ الفتوحات الإسلامية. تابع القراءة لتتعرف على تفاصيل “فتح الفتوح” الذي غيّر مجرى الأحداث في الشرق.

الأهمية: المعركة الحاسمة مع الفرس

نهاوند

تعد نهاوند واحدة من أعظم المعارك في التاريخ الإسلامي، فهي التي وضعت النهاية الحقيقية للإمبراطورية الفارسية وفتحت الطريق أمام المسلمين نحو عمق بلادهم. بعد سنوات طويلة من الصراع بين المسلمين والفرس، جاءت هذه المعركة لتكون الحسم الذي أنهى نفوذهم تمامًا. كانت نتيجتها نقطة تحول كبرى، حيث انتقل الإسلام من مرحلة الدفاع إلى مرحلة التمكين والتوسع.

أما بالنسبة لـ من هي معركة نهاوند؟ فهي معركة وقعت بين المسلمين بقيادة النعمان بن مقرن المزني، وبين الفرس بقيادة فيروزان سنة 21 هـ (حوالي 642م). جرت أحداثها قرب مدينة نهاوند في بلاد فارس، وكانت من المعارك الفاصلة التي أعادت رسم خريطة المنطقة بالكامل. شارك فيها آلاف المقاتلين من الطرفين، وكان فيها من الحماس والإيمان ما جعل المسلمين يحققون انتصارًا عظيمًا رغم قلة عددهم مقارنة بالفرس.

لقد أثبتت نهاوند أن الإيمان والعقيدة الصادقة أقوى من السلاح والعدد، وأن التصميم على نصرة الدين يمكن أن يغيّر مجرى التاريخ بأكمله، ومنذ تلك اللحظة بدأ الإسلام ينتشر في بلاد فارس انتشارًا واسعًا، حتى صارت منارة للعلم والحضارة الإسلامية فيما بعد. [1]

تعرف أيضًا على: فتح صقلية: الجسر الإسلامي إلى إيطاليا

الاستعدادات: آخر جيوش الفرس

نهاوند

قبل أن تبدأ معركة نهاوند، كان الفرس يدركون أنها ستكون الفرصة الأخيرة لهم لاستعادة قوتهم المفقودة؛ فقد انهزمت جيوشهم في القادسية والمدائن وجلولاء، ولم يتبقَّ لهم سوى أن يجمعوا ما تبقى من جنودهم في محاولة أخيرة يائسة، وهكذا قرر ملكهم “يزدجرد الثالث” أن يحشد كل من بقي من قادته ومحاربيه، فكوَّن جيشًا ضخمًا يقال إنه بلغ عشرات الآلاف، واتجه بهم نحو مدينة نهاوند، ليكونوا سداً أمام الزحف الإسلامي.

أما المسلمون، فكانوا على علم بأن هذه ستكون معركة مصيرية، فكتب الخليفة عمر بن الخطاب إلى القادة في العراق وفارس يأمرهم بالاستعداد. اختار النعمان بن مقرن ليقود الجيش، لما كان يعرف عنه من شجاعة وذكاء في القيادة. جمع النعمان جيش المسلمين، وخطب فيهم يشحذ الهمم ويذكّرهم بأنهم يقاتلون في سبيل الله لا في سبيل دنيا أو ملك، وكانت كلماته تبعث في القلوب عزيمة لا تقهر.

أما عن ما سبب تسمية معركة نهاوند بفتح الفتوح؟
سمّيت المعركة بهذا الاسم لأنها فتحت أبواب فارس كلها أمام المسلمين، فبعدها لم تقم للفرس قائمة. كانت المعارك السابقة تمهيدًا، أما نهاوند فكانت النهاية الحقيقية. فتحت المدن واحدة تلو الأخرى، وتحوّل ميزان القوة في المنطقة بالكامل لصالح المسلمين.

لقد كانت الاستعدادات لهذه المعركة فريدة من نوعها، ليس فقط من حيث التنظيم العسكري، بل أيضًا من حيث الإيمان الذي ملأ قلوب المقاتلين، وكان كل جندي يعلم أنه جزء من لحظة تاريخية ستغيّر وجه الأمة الإسلامية إلى الأبد، وكان هذا الإيمان هو السلاح الأقوى الذي جعل النصر حليفهم في النهاية. [2]

تعرف أيضًا على: قضاة الإسلام: رموز العدالة

خطة المسلمين: الهجوم المفاجئ

أدرك القادة المسلمون أن مواجهة جيش فارسي ضخم تتطلب أكثر من شجاعة، فكانت الخطة قائمة على عنصر المباغتة والتنظيم المحكم. في ساحة نهاوند اختلط الصبر بالجرأة، فاختار القائد النعمان بن مقرن توقيتًا وموقعًا يفرضان شروطه على المعركة قبل أن تبدأ، وفيما يلي نوضح لكم تفاصيل خطة المسلمين:

نهاوند

  • التقسيم والتنسيق

قسّم الجيش المسلم إلى ألوية متوازنة تجمع بين المشاة والفرسان، مع احتياطي جاهز للتدخل عند الحاجة، وكان ذلك يتيح مرونة في التحرك ورد الفعل على أي مناورة فارسية مفاجئة.

  • الهجوم على شكل موجات

تقرّر بدء القتال بموجات قصيرة ومركّزة لإرهاق العدو وإرباك صفوفه، لا المواجهة المباشرة بالكلية منذ اللحظة الأولى، هذه التكتيك سمح للمسلمين بقياس قوة العدو وتحديد نقاط الضعف.

  • استغلال التضاريس

وضع القادة خطة تستفيد من تضاريس الميدان لتقييد حركة الفرس، ومنعهم من استخدام أعدادهم الكبيرة بشكل فعال، كما كان موقع الانتشار المختار يحدّ من قدرة الفرس على التفاف الجيوش الإسلامية.

  • المفاجأة والضغط النفسي

ركّز النعمان على توجيه ضربات مباغتة في أوقات غير متوقعة، مما أضعف الروح المعنوية لدى الفرس وأكسب المسلمين زمام المبادرة. اجتمعت في هذه الخطة عناصر الانضباط والإيمان والحكمة، فكانت بمثابة الوصفة التي أعدت الأرضية لنصرٍ حاسم، وعلى الرغم من كل ذلك، بقيت نتائج المعركة مرتبطة بمصير القادة وبثبات الجنود في لحظات الحسم.

تعرف أيضًا على: مؤلفو الكتب الإسلامية: كتب خالدة

استشهاد النعمان بن مقرن

نهاوند

حين بدأت معركة نهاوند بأشدّ مراحلها، كان القائد النعمان بن مقرن في مقدمة الصفوف، يقود جيشه بنفسه دون تراجع أو خوف. كان يؤمن أن القيادة لا تكون بالأوامر فقط، بل بالفعل والمثال، فاختار أن يكون بين جنوده يشاركهم القتال والخطر، ومع اشتداد المعركة وتزايد عدد القتلى، أصيب النعمان بسهم في صدره فسقط شهيدًا، تاركًا خلفه إرثًا من البطولة والقيادة الصادقة.

بعد استشهاده، لم يتراجع المسلمون بل ازدادوا عزيمة. إذ أخفى أخوه “معن بن مقرن” خبر وفاته حتى لا تهتز صفوف الجيش. تابع الجنود القتال بشجاعة نادرة، حتى تحقق النصر الكامل، وكانت لحظة استشهاد النعمان نقطة تحول في المعركة، جمعت بين الحزن والفخر، لكنها أيضًا أبرزت عمق إيمان المقاتلين ووحدتهم في سبيل الله.

أما عن لماذا سمي مقام النهاوند بهذا الاسم، فذلك يعود إلى تخليد ذكرى هذه المعركة العظيمة. ومكان استشهاد القائد النعمان بن مقرن. فقد أقيم في المنطقة مقام يرمز إلى بطولته، وإلى أرواح الشهداء الذين ضحّوا في سبيل نشر الحق. أصبح هذا المقام مع مرور الزمن رمزًا للنصر والتضحية، ومعلَمًا تاريخيًا يذكّر الأجيال بعظمة تلك اللحظة التي أنهت وجود الدولة الفارسية إلى الأبد.

لقد بقيت قصة النعمان جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الإسلام العسكري. تروى في كتب التاريخ والبطولة، وتذكر كلما تحدث الناس عن الشجاعة والإخلاص في سبيل الله.

آثار المعركة على المنطقة

نهاوند

بعد انتهاء معركة نهاوند بانتصار المسلمين، تغيّر وجه المنطقة بالكامل. فقد كانت هذه المعركة بمثابة النهاية الفعلية للإمبراطورية الساسانية. وبداية مرحلة جديدة من الحكم الإسلامي في بلاد فارس، لم تعد نهاوند مجرد ساحة قتال. بل أصبحت بوابة لتوسّع حضاري وديني امتدّ شرقًا حتى حدود الهند.

انتشار الإسلام في تلك المناطق لم يكن بالسيف وحده، بل بالعدل والمعاملة الحسنة التي تميز بها المسلمون بعد النصر، استقرت الجيوش الإسلامية في المدن، وأعادوا تنظيمها وفق مبادئ الشريعة. فانتعشت التجارة، وازدهرت الزراعة، وتبدلت أنظمة الحكم والضرائب بما يتماشى مع قيم العدالة الإسلامية. وهكذا تحوّلت نهاوند من ميدان معركة إلى رمزٍ للتحوّل والسلام.

أما أين تقع مدينة نهاوند؟ فهي تقع اليوم في غرب إيران. ضمن محافظة همدان، على بعد نحو 400 كيلومتر جنوب غربي طهران. تعد المدينة من أقدم المناطق التاريخية في البلاد، وتحيط بها الجبال والسهول الخصبة التي كانت مسرحًا لتلك المعركة العظيمة، ولا تزال المنطقة تحتفظ ببعض المعالم التي تذكّر بتلك الحقبة. مثل بقايا القلاع القديمة والمواقع التي يعتقد أنها شهدت القتال.

إن آثار معركة نهاوند لم تقتصر على الجانب العسكري فحسب. بل امتدت إلى الهوية الثقافية والسياسية للمنطقة؛ فقد رسخت الإسلام كقوة حضارية في الشرق. ومهّدت الطريق لعصور من التبادل العلمي والثقافي بين العرب والفرس، مما جعلها بحق “فتح الفتوح” الذي غيّر مسار التاريخ.

وفي الختام، تبقى نهاوند علامة خالدة في ذاكرة التاريخ الإسلامي، فهي لم تكن انتصارًا عسكريًا فحسب. بل كانت تحولًا حضاريًا أنهى النفوذ الفارسي ومهّد لبناء أمة قوية موحدة، أظهرت هذه المعركة أن الإيمان والتخطيط قادران على قلب موازين القوى مهما بدت الظروف صعبة. لقد استشهد فيها القائد النعمان بن مقرن، لكنه ترك للأمة درسًا خالدًا في القيادة والتضحية، واليوم حين تذكر نهاوند. تذكر معها الشجاعة والإصرار والوحدة، لتظل رمزًا لمرحلة غيّرت وجه التاريخ وأثبتت أن النصر يولد من الثبات والإيمان لا من العدد والعدة.

الأسئلة الشائعة

س: من هي معركة نهاوند؟

ج: معركة نهاوند هي مواجهة حاسمة دارت بين المسلمين بقيادة النعمان بن مقرن والفرس الساسانيين عام 21 هـ (حوالي 642م). وتعد من أهم المعارك في التاريخ الإسلامي، لأنها أنهت حكم الفرس نهائيًا، ولذلك لقبت بـ “فتح الفتوح”.

س: ما سبب تسمية معركة نهاوند بفتح الفتوح؟

ج: سميت المعركة بهذا الاسم لأنها فتحت أبواب بلاد فارس أمام المسلمين. وجعلت السيطرة الإسلامية تمتد إلى الشرق بأكمله.

س: لماذا سمي مقام النهاوند بهذا الاسم؟

ج: أقيم مقام النهاوند في المنطقة تخليدًا لذكرى القائد الشهيد النعمان بن مقرن الذي استشهد في المعركة. فحمل المقام اسمه تكريمًا لشجاعته وتضحيته.

س: أين تقع مدينة نهاوند؟

ج: تقع مدينة نهاوند في غرب إيران حاليًا، ضمن محافظة همدان، وتعد من أقدم المدن التاريخية في المنطقة. وتشتهر بسهولها الخصبة وجبالها المحيطة، وهي المكان الذي شهد واحدة من أعظم معارك الإسلام.

س: ما أبرز نتائج معركة نهاوند؟

ج: من أهم النتائج سقوط الإمبراطورية الساسانية بشكل نهائي، وانتشار الإسلام في مناطق واسعة من فارس، إضافة إلى ترسيخ مكانة المسلمين كقوة سياسية وعسكرية وحضارية في المنطقة.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة