العيون في الحكايات العاطفية والشعر

عناصر الموضوع

1- تحليل نماذج من الروايات العاطفية

2- دور العيون في إبراز التحولات الدرامية

3- الاستعارات المشتركة بين الشعر والنثر

4- تفاعل القراء مع وصف العيون في النصوص

إن العيون تعتبر أكثرِ أعضاء الوجه لفتًا للانتباه، وكثيرًا ما تنوب عن الكلامِ فهي من أهم أنواع التّواصل غير الشفهي، فالإشارات والإيماءات بالعين ترسل رسائل معينة في مواقف وظروف عديدة فبها تخرج المشاعر الدّفينة، فتصل من خلالها معلومات وأفكار عن الشّخصِ الآخر بحيث لا يستطيع إخفاء الأفكار التي تدور في ذهنه، لهذا احتلت العين المكان الأكبر في الأدب العربي، دون غيرها من لغات الجسد، ولم يبقَ أحد من الشعراء والأدباء إلا وقد وظف حالاتها سواء في شعره أو نثره.

1- تحليل نماذج من الروايات العاطفية

وعند الحديث عن بيت شعر عن العيون. نزار قباني واصفًا عيون المرأة في كتابه “رموشها كالحبر” كتب: “عيناها صلاتان مقدستان لا تمران دون إجابة”. من خلال هذه الصور، أشار الشاعر إلى أن العيون الزرقاء لا تمتلك القدرة على إيصال جمال الشخص فقط، ولكن عمق عواطفه ورغباته أيضا. فتصوير العيون الزرقاء كصلاة للروح يدعو القارئ للتواصل مع شخصيات وموضوعات شعر قباني بشكل أكثر عمقا.

فضلا على أن، العيون الزرقاء بمثابة استعارة توحي بالقدرة البشرية الفطرية على التواصل مع بعضها البعض. في كتابه “النار داخل عينيها الزرقاوين”، كتب قباني: “العالم لا يشعر بالنار إلا عندما يحترق داخل تلك العيون الزرقاء”. هنا، يشير قباني إلى أنه من خلال نظرة العيون الزرقاء يمكن للمرء فهم العالم من حوله والتعاطف معه أيضا. و هذه الفكرة تبين لنا الإنسانية المشتركة وإمكانية التعاطف والتفاهم الموجودة بداخلنا جميعا. [1]

يرى ابن حزم أن أولى علامات الحب التي يدركها الفطن، ويفهمها الذكي، إدمان النظر، والعين باب النفس الشارع، وهي الكاشفة لسرائرها، والمعبرة لضمائرها، والمعربة عن بواطنها، فترى الناظرة لا بطرف، يتنقل بتنقل حبيبه، وينزوي بانزوائه، ويميل حيث مال كالحرباءِ معَ الشّمس، وهو إلى ذلك أفرد بابًا في كتابه طوق الحمامة أسماه «باب الإشارة بالعين»، وما ذلك إلا لأنها أداة البصر وأرقى وأرق الحواس الخمس، ولأنها صلة بين الإنسان وبين عالم النور والضياء، فالعين هي الوعاء السحري الذي تنطوي فيه صور الدنيا بكل ما فيها، وهي مقر الجمال لذلك شغلت بعمق أسرارها إحساس الأديب ووجدانه، إذ أكثر الشّعراء العرب قديمًا وحديثًا العيون في وصفها، لما لحركتها من أثر ودلالة، ومعنى رمزي تعبر فيه عن المعاني الكامنة في أعماق النفوس، وهذا ما جعلهم قديمًا يقولون «ربّ إشارة أبلغ من قول»، وهذا ما جعل أحدهم يقول:

أشارت بطرف العين خيفة أهلها إشارة محزون ولم تتكلم

فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبا وأهلا وسهلا بالحبيب المتيم. [2]

2- دور العيون في إبراز التحولات الدرامية

إليك أجمل بيت شعر عن العيون :

تراني أحبك؟ لا أعلمُ

سؤالٌ يحيط به المبهم

وإن كان حبي لك

افتراضا لماذا

إذا لُحت طاش برأسي الدمُ؟

وحار الجواب بحنجرتي

وحف النداءُ ومات الغمُ

وفر وراء ردائك قلبي

ليلثم منك الذي يلثم

تراني منك الذي يلثم

تراني أحبك؟ لا. لا. محالٌ

أنا لا أحب .. ولا أغرم

وأسأل قلبي : أتعرفها؟

فيضحك مني ولا أفهمُ

إلى أن يضيق فؤادي بسّري

ألح . وأرجو . وأستفهم

فيهمس لي : أنت تعبدها

لماذا تكابر .. أو تكتم؟

تحليل الحالة النفسية يقوم الصراع الداخلي في هذه الأبيات على تحليل الحالة النفسية والشعور الداخلي للذات عند رؤية المحبوبة عبر ذكر مجموعة من الأفعال (طاش، حار، جف، مات، فرّ، تلثم) مما عمل على بلورة الصراع النفسي الذي عاني منه الشاعر و الواضح من خلال الرصد الدقيق لحركاته.

وتتداخل في هذه البنية الذات الشاعرة بالمرأة المخاطبة، إذ تنكشف العلاقة بينهما عن طريق تحدي الشاعر لذاته ومكابرته وكتمان حبه لتلك المرأة، فتكشف لنا مفارقة واضحة تتمثل في التناقض بين أفكار الشخصية وهواجسها ومشاعرها التي يطرحها الصوت الداخلي وتلك المطروحة بصوت خارجي.

وهذا الذي يزيد من حدة الصراع وتوليد الفعل الدرامي وتعميق الحركة الذهنية.

وهذه المفارقة الدرامية تكون نتيجتها مؤدية إلى الصراع الدرامي، ومن خلال التعبير بالمفارقة يتمكن الشاعر من طرح موضوعات جريئة ولكن بطريقة فنية مكثفة، المفارقة عند نزار لم تكن هدفا أو غاية بحد ذاتها، إنما هي وسيلة تمنح المتلقي لذة أدبية وتعمق من حسّه وتذوقه الشعرى.[3]

3- الاستعارات المشتركة بين الشعر والنثر

كشف عن بعض النقاد العرب القدامى أنهم مالوا إلى المساواة بين الشعر والنثر في الإبداع، وهي مساواة تشير إلى الجوامع المشتركة بين الشعر والنثر، ويذهب هذا الميل إلى تصور قائم على أنّه يمكن تسميته بالمستوى الفني العالي، يُحقّق للنص الأدبي وجوداً إبداعياً طالما توفر فيه، سواءٌ أكان شعرًا أم نثرًا. وبينت أن الوزن شرطا هاما في جميع ألوان الشعر، القديم والحديث، على حد سواء، بما فيه الشعر المعاصر باستثناء ما يسمى ب (قصيدة النثر).

أما القافية في أي بيت شعر عن العيون. فهي لازمة في معظم أنواع الشعر القديم (العمودي)، أما في الشعر الحديث فقد تقلص دور القافية الخارجية.

كان الشعر في العصر الجاهلي مسيطرًا على المشهد الأدبي العام لقدرته على التأثير في النفوس، لكن هذه الحالة لم تستمر طويلًا إذ حدثت هناك تحولات جعلت الشعر ينسحب بالتدريج لصالح النثر، وقد بدأ ذلك مع نزول القرآن الكريم وتقليله من شأن الشعر والشعراء، ثم بعد ذلك ما حدث من قوة تأثير النثر على الحياة العامة بعد عصر التدوين، إذ قام النثر متمثلًا بالكتابة يأخذ دور الشعر، وصار الكتاب ممثلي السياسة، ووزراء الخلفاء و أيضا جلساءهم والذين يربون أبنائهم، وأصبح أغلبية الناس ينظر إلى الشاعر على أنه المتطفل والمتكسب بشعره على الأبواب، وبذلك فقد الشعر بريقه ورونقه، ومع مرور الزمن تحولت الأنظار عن الشعر لصالح النثر، فصار النثر هو المعبر عن الحاجات الإنسانية للمجتمع ولم تعد فضيلة الشعر كما كانت سابقًا.[4]

4- تفاعل القراء مع وصف العيون في النصوص

تعتبر استجابة القارئ المعبرة عن تفاعله وتجاربه مع نص الشعر هي التي تساعد القارئ على إدراك معنى النص الشعرى ودلالته وكذلك إدراك لجمال الشعر المبنى على أنظمة وأبنية وإشارات مهمة القارئ اليوم تختلف عن مهمته فيما مضى لأن الإنتاج الدلالي صار  شريكا بين كلًا من النص الشعرى ومتلقيه في بيت شعر عن العيون.[5]

فقراءة الشعر ليست قراءة مجردة مثل قراءة المعلومات البحتة، ولكنها إطار عقلي، ووعي، وتأمل حالم. وليست كقراءة رواية حيث يمكنك تجاوز المقاطع الوصفية أو ما شابه. القصيدة، باعتبار قالبها المختزل، كثيفة المعنى، ولكل كلمة وزن و لا يكفي أن تفهم الجملة، يجب أن تدرك وتحمل كل كلمة أمام نور الشمس وتفحصها. بعض الشعراء أمضى أيامًا في اختيار كلمة بديلة عن أخرى، لذلك يجب أن تقرأ كل كلمة بكلمة، عدا الجملة الكاملة، وعلى القارئ سؤال نفسه لماذا اختار الشاعر هذه الكلمة دونًا عن غيرها؛ قد يكون السبب أحيانًا للقافية أو الصوت، ولكن بالنسبة لأعظم الشعراء، اختيار الكلمات بذاتها لما لها من معنى.

وفي ختام الحديث عن بيت شعر عن العيون. إن الشعر لم يفقد أهميته فجأة بل كان هناك صراع وتحولات ثقافية واجتماعية أدت إلى ما سمي بحل الشعر؛ أي تحويله من منظوم إلى منثور، حتى وإن ظهر تطور طبيعي في حركة الشعر في العصور اللاحقة.

• ثقافة المقال تحليل نماذج من الروايات العاطفية -بتصرف
• جريدة القبس دور العيون في ابراز التحولات الدرامية -بتصرف
• موقع جريدة الراية الاستعارات المشتركة بين الشعر والنثر -بتصرف
• موقع جريدة الرأي تفاعل القراء مع وصف العيون في النصوص -بتصرف
• Philodelphia تفاعل القراء مع وصف العيون في النصوص -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم