تحليل ديوان البحتري: عبقرية الوصف وجمال الصورة الشعرية

الكاتب : سماح محمد
04 مارس 2025
عدد المشاهدات : 194
منذ شهرين
تحليل ديوان البحتري: عبقرية الوصف وجمال الصورة الشعرية
عناصر الموضوع
1-نبذة عن حياة البحتري وبيئته
نشأته
3-أهم أغراضه في الديوان
4- دور الوصف والتشبيه في شعره
5- مكانته بين معاصريه
6-أثره في الشعر العربي اللاحق

عناصر الموضوع

1- نبذة عن حياة البحتري وبيئته

2- الأسلوب والمميزات الشعرية

3- أهم أغراضه في الديوان

4- دور الوصف والتشبيه في شعره

5- مكانته بين معاصريه

6- أثره في الشعر العربي اللاحق

إنه الوليد بن عبيد بن يحيى أبو عبادة وشاعر صاحب مكانة كبيرة عند العرب، وينتمي إلي بطن بحتر ونشأ في حياة البادية سنة 204هـ. وعاش طفولته بين منبج وحلب. وفي حلب عرف علوه الحلبية التي كان يذكرها في الكثير من شعره.

1-نبذة عن حياة البحتري وبيئته

بدأ بمدح أشخاص من الأسر الطائية، واستطاع أن يجد عند القائد الطائي أبي سعيد مسكن يلجأ فيه ومقامًا. وألتقي عنده أبي تمام فأعجب به أبي تمام و قام بسؤال أهل معرة النعمان أن يعطوا له عطاء سنويًا.

نشأته

نشأ في بيئة ساعدته علي تنمية موهبته الشعرية. وكان يتميز شعراء هذه الفترة بأنهم وجدوا في المدح الوسيلة إلى الرزق والثروة, وعندما شَعر البحتري بمقدرته الشعرية. توجه إلى الشاعر أبى تمام الذي كان يزور حمص بعد التجوال في الممالك الإسلامية في الشرق والغرب طالبًا العطاء. وكان الشعراء في هذا الوقت يتوجهون إلي أبي تمام طالبين منه الاعتراف بهم ونصحهم كما كان صاحب خبرة في هذه المهنة الفنية فلما جاء إليه البحتري مع مجموعة من الشعراء قال أبو تمام للبحتري: (أنت أشعر من أنشدني فكيف حالك). [1]

2- الأسلوب والمميزات الشعرية.

تميّز شعر البحتري بالخصائص التالية: المعني الواضح، وتجنب التعقيد والابتذال، نقاء اللغة المستخدمة واتسامه بالشفافية والابتعاد عن التفلسف، التحلي بمحسنات موسيقية جميلة مصحوبة بالموسيقى الهادئة، عدم الإكثار من المحسنات اللفظية والمعنويّة، وإنَّما الاعتدال والاتزان في استخدامها، استخدام المتين من الألفاظ، أساليب ذات جودة عالية، والعرض الجيد، الجَرْس الموسيقيّ. هذه الأمور كثرت خصوصًا في شعر المدح للبحتري. ومن المعني بالذكر أنَّه اتبع في ذلك طريقة أستاذه أبو تمام، وأخذ بوصيته القائلة: (إذا أخذت في مديح سيد ذي اياد فأشهر مناقبه، وأظهر مناسبه ….). تأثره بشعر كبار الشعراء، وفي مقدمتهم أبي تمام، حيث استخدم من أقواله الكثير، ولكن لم يأخذ البحتري منه حكمته، ولم يأخذ الفلسفة والمنطق من شعره. واهتم باختيار ألفاظه؛ فتجنب التعقيد والغرابة. [2]

3-أهم أغراضه في الديوان

إن من خصائص شعر البحتري أنه كان قد قام باستخدام أكثر من غرض شعري واحد. فكتب القليل في الرثاء. وكتب الكثير في المدح، وكتب أيضًا في الوصف وغيره من الأغراض الكثيرة. وكان من فخامة وعظمة رثاؤه ما تطغى عليه العاطفة. وعُرف في ديوان البحتري أيضًا شعر في الوصف وخصوصًا وصف الطبيعة. فقد قام البحتري بوصف فصل الربيع في إحدى قصائد ديوانه. وقد قام بالتميز والإبداع في وصفه للطبيعة. بل استطاع أن يقوم بالرقي في الأسلوب العربي التقليدي في وصف الطبيعة. فقد قام بانتقاء وصف التفاصيل الدقيقة المحسوسة والملموسة بموسيقى شعرية. حيث يقول:

أتاكَ الرَّبيع الطَّلقُ يختالُ ضاحكًا من الحسن حتَّى كاد أنْ يتكلَّما، وقد نبَّهَ النيروزَ في غسقِ الدُّجى أوائلَ وردٍ كُنَّ بالأمسِ نُوَمَا. [3]

4- دور الوصف والتشبيه في شعره

إن البحتري من أبرز الشعراء العرب الذين تميزوا كثيرًا في فن الوصف، حيث قام الوصف بلعب دورًا مركزيًا في إظهار المحسنات الفنية في شعره. تفرد البحتري بقدرته العالية على تصوير المشاهد والأحداث بدقة كبيرة جدًا، مما غَلب على قصائده ظهور طابعًا فنيًا خاصًا به يجذب القارئين، ويأسرهم. إن سبب استعمال البحتري للوصف لم يكن لتزيين القصيدة فقط، بل كان أيضًا وسيلة لنقل المشاعر بشكل واضح وجميل. ومن الجوانب التي تظهر فيها براعة البحتري في وصفه هو أنه أجاد تصوير الطبيعة، فقد استطاع أن يعبر عن روعة الطبيعة وجمالها الساحر الخلاب عن طريق استخدام كلمات بسيطة لكن في نفس الوقت غنية بالمعاني العميقة.

تحليل ديوان البحتري: عبقرية الوصف وجمال الصورة الشعرية

كان يقوم باستخدام الحواس في تصوير الطبيعة فكان يصف الألوان والأصوات والروائح لينشئ صورًا حية تعيش في ذهن القارئ، مما يساعد القارئ على الشعور، وكأنه يعيش بداخل المشهد الذي قام بوصفه. على سبيل المثال، عندما يقوم البحتري بوصف مشهدًا للربيع، فإنه لا يكتفي بذكر الزهور، بل يصف تفتح الأزهار وتغريد الطيور وحركة النسيم، مما يعطي للقصيدة حيوية وديناميكية. [4]

5- مكانته بين معاصريه

يقولون أن شعره قلائد ذهبية، وهو واحد من أحد الثلاثة الذين كانوا من أهم شعراء في عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري. قيل قديمًا لأبي العلاء المعري: (أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان، وإنما الشاعر البحتري). وُلد البحتري في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب في سوريا. بدأ يقرض الشعر منذ نعومة أظافره، توجه إلى حمص وتتلمذ على يد أبي تمام. كان من ضمن شعراء البلاط الملكي في بلاط كلا من الخلفاء: المتوكل والمستنصر والمستعين والمعتز بن المتوكل، وكان يملك الكثير من العلاقات الجيدة مع جميع الأمراء والولاة في الدولة العباسية. كما كان البحتري شخصًا يحبه الناس، على خلاف أبو تمام بغيض كثير الخصوم؛ ذلك بسبب أن فن البحتري في الشعر كان قريبًا إلى قلوب الذين قرؤوه، على عكس فن أبي تمام فكان غير مألوف غريب، فلم يعجب به الكثير من الناس، وكرهت أذواقهم العربية الخالصة من فنه هذا المعقد، الذي لا يخلو من الغرابة والتواء.

6-أثره في الشعر العربي اللاحق

على الرغم من كل هذه العيوب في أخلاق البحتري، أجهل شعرًا يوهم الناس، ويخدعهم عن صاحبه كشعر البحتري. فهؤلاء الذين يقرؤون شعر البحتري يُفتَنون بأشياء مختلفة؛ يُوهمون أولًا بجمال الألفاظ، ومن الممكن أنه كان البحتري أبرز الشعراء الذين حافظوا على جمال الديباجة العربية كأفضل ما يحافظ الشاعر على جمال تلك الديباجة في القرن الثالث الهجري. وأصاب شيوخ صاحب الأغاني حين اختتموا به الشعراء؛ لأن كل هؤلاء الناس كانوا من الأدباء المحافظين في الأدب. فكما كان أبو عمرو بن العلاء يختم الشعراء بجرير. كان هؤلاء الناس يختمون الشعراء بالبحتري. والواقع أن ما كان يمتاز به جرير كان يمتاز به البحتري في القرن الثالث الهجري. ثم نعجب من البحتري؛ لأنه كان في أكثر شعره مطبوعًا يرسل نفسه على سجيتها، لا يتعمق، ولا يتكلف، وقد لا يروق شعره المتعمقين الذين يلتمسون اللذة الفنية بعد الجهد.

هؤلاء المثقفين الذين يحبون الجهد والعناء قليلون. فإذا كان لا يعجبهم البحتري فقد كان يعجب غيرهم من جمهور الناس، كانوا يلتمسون عنده اللذة المريحة؛ ذلك أنه كان لا يصنع صنيع أبي تمام في الغوص وتكلف الاستعارات النادرة، وإنما كان يقوم بإرسال نفسه على طبيعتها إرسالًا. ويقوم بالتعبير عن عواطفه كما يعبر جميع الناس حين يحبون أو يكرهون، فليس غريبًا أن يجد كل إنسان من معاصريه مرآة لهذه العواطف التي يشعر بها في حياته، وفيما يختلف عليها من ظروف. [5]

وختامًا في نهاية موضوعنا عن البحتري. نستطيع أن نقول إنه كان شاعرًا مبدعًا استطاع أن يترك بصمة مميزة في الأدب العربي. وذلك بفضل بلاغته وقدرته على التعبير عن المشاعر والأفكار بأسلوب رفيع. كانت قصائده مرآة تعكس جمال الطبيعة وعمق المشاعر الإنسانية، والذي ساعد على جعله أحد أعمدة الشعر العربي في العصر العباسي. لقد ترك لنا إرثًا شعريًا خالدًا. يظل مصدر إلهام للأدباء والمهتمين بالشعر على مر كل العصور.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة