الحضارة الآشورية: إمبراطورية الحرب والفن في آنٍ واحد

الحضارة الآشورية ليست مجرد مرحلة من مراحل التاريخ القديم، بل تجسيد لحضارة عريقة تركت بصمات واضحة في البناء والسياسة والفنون. حين نتأمل في الحضارة الآشورية وإنجازاتها، ندرك حجم التقدّم الذي حققته في الإدارة والعمارة والتوسّع العسكري. ويثير هذا الفضول للتساؤل حول أصل الآشوريين وما هو الموطن الأصلي للأشوريين؟، وهو ما يدفع البعض أيضًا للبحث في مدى علاقتهم بالقبائل العربية وطرح سؤال شائع: هل الآشوريين عرب؟ تلك الأسئلة تقودنا إلى فهم أعمق لهوية هذه الأمة وتأثيرها في مسار التاريخ البشري.

الحضارة الآشورية

تعتبر الحضارة الآشورية إحدى أقدم الحضارات في التاريخ، نشأت في شمال بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًا) وامتدت من القرن الـ25 قبل الميلاد حتى سقوط نينوى عام 612 ق.م. اشتهرت بقوتها العسكرية، ونظامها الإداري المتطور، تاريخ الحضارة الآشورية وانجازاتها المعمارية مثل القصور والمعابد. بالإضافة إلى ذلك تأسيس واحدة من أقدم المكتبات في نينوى. كانت العاصمة الأشهر لها هي نينوى، وتركزت حضارتهم على التنظيم، والسيطرة، والتوسع الإمبراطوري.

تعرف أيضًا على: حضارة الأنكا: إمبراطورية الذهب والجسور المعلّقة

أين نشأت الحضارة الآشورية ؟

ظهرت الحضارة الآشورية في مدينة آشور، التي أُسست حوالي 2600 قبل الميلاد. في البداية، لم تكن آشور دولة مستقلة، بل كانت تحت سيطرة قوى جنوب ما بين النهرين مثل السومريين والأكديين. بعد سقوط سلالة أور الثالثة في حوالي 2025 قبل الميلاد، استقلت آشور تحت قيادة بوزور آشور الأول، والتي تُعتبر بداية العصر الآشوري القديم.

خلال هذه الفترة، أصبحت آشور مركزًا تجاريًا رئيسيًا. قام الملك إريشوم الأول (1974-1934 قبل الميلاد) بتوسيع شبكة التجارة بشكل كبير حتى وصلت إلى الأناضول، كما يتضح من خلال 22,000 لوح طيني تم العثور عليها في موقع كولتيبي. وشهدت هذه الفترة أيضًا بداية تشكل الهوية الثقافية والدينية المرتبطة بالإله آشور، الذي كان يُنظر إليه على أنه تجسيد للمدينة ذاتها. بالإضافة إلى ذلك فيما يلي توضيح لـ أصل الآشوريين بالفترات الزمنية. [1]

تعرف أيضًا على: الجيوش القديمة: تنظيمات عسكرية شكلت خريطة العالم

أبرز المواجهات الحربية للآشوريين

عرفت الحضارة الآشورية بجيشها المنظم والمجهز بأسلحة حديدية وتقنيات حصار متطورة. بالتالي جعلها قوة عسكرية ذات نفوذ واسع. إليكم أهم المعارك والأحداث العسكرية التي خاضتها:

1. معركة نيحريا (حوالي 1237 قبل الميلاد): قاد الملك توكولتي نينورتا الأول حملة ضد الحيثيين، وحقق انتصارًا في معركة نيحريا. بالتالي أضعف سيطرتهم على شمال بلاد ما بين النهرين.
2. الاستيلاء على مصر (671 قبل الميلاد): تحت قيادة الملك أسرحدون، سيطر الآشوريون على مصر، ممثلين بذلك ذروة التوسع الآشوري.
3. سقوط آشور (614 قبل الميلاد): تعرضت مدينة آشور للنهب على يد تحالف بابلي-ميدي، وكانت هذه بداية لانهيار الإمبراطورية.
4. معركة نينوى (612 قبل الميلاد): سقطت العاصمة نينوى بعد حصار طويل الأمد، وكانت هذه الضربة القاضية للحضارة الآشورية.
5. الهزيمة في حران (609 قبل الميلاد): هُزم آخر ملوك الآشوريين، آشور أوباليط الثاني، إيذانًا بالزوال الرسمي للدولة الآشورية.

تُظهر هذه المعارك عظمة القوة العسكرية الآشورية، وكذلك التحديات التي واجهوها، خاصة من التحالفات التي وقفت ضدهم.

هل الآشوريين عرب؟

الفن في أرض آشور

بالرغم من سطوة الإمبراطورية العسكرية، ازدهرت في آشور فنون وثقافة باهرة. بالإضافة إلى ذلك تطور الفن الآشوري على مر العصور وظهرت الحضارة الآشورية وانجازاتها الفنية في:

• في العصور الأولى (2600-2025 ق.م): تجلت براعة الفنانين في تماثيل الجص الرائعة والمنحوتات العاجية الدقيقة، متأثرة بأساليب السومريين والأكاديين.
• في العصر الآشوري القديم (2025-1364 ق.م): انحصر الفن في الختوم الملكية والدينية، والتي كانت تعبر عن قوة الحكام وتعلقهم بالدين.
• في العصر الآشوري الوسيط (1363-912 ق.م): ظهرت فنون جديدة، كالروايات المصورة والرسوم الجدارية الضخمة، بالإضافة إلى المعابد الحجرية المهيبة، وكانت هذه الأعمال تستخدم للدعاية والتأثير.
• في العصر الآشوري الحديث (911-609 ق.م): ازدهرت النقوش الجدارية الهائلة، والتماثيل الحارسة الأسطورية (لاماسو)، وكذلك البلاط المزجج ذو الألوان الزاهية. النقوش التي زينت قصور سنحاريب وآشوربانيبال. بالإضافة إلى ذلك تخلد مشاهد المعارك والصيد بأسلوب بطولي (الفن الآشوري).

بالإضافة إلى ذلك تعتبر مكتبة آشوربانيبال في نينوى، والتي ضمت أكثر من 30 ألف لوح طيني، من أبرز كنوز الثقافة الآشورية. احتوت هذه المكتبة على نصوص هامة، مثل ملحمة جلجامش. بالتالي يدل على اهتمام الآشوريين بحفظ ونشر المعرفة.

تعرف أيضًا على: الحضارة الرومانية: إمبراطورية القانون والهندسة

تأثيرهم على الحضارات المجاورة

اتسعت بصمة الحضارة الآشورية على محيطها الجغرافي من خلال السيطرة العسكرية، والتنظيم الإداري، والتبادل الثقافي:

• التأثير العسكري والإداري: بسط الآشوريون نفوذهم على أقاليم شاسعة كبابل، ميتاني، مصر، وبلاد الشام. وخلال فترة حكمهم، نشروا أنظمة إدارية وعسكرية متطورة، كانت بمثابة نموذج للإمبراطوريات اللاحقة كالفارسية والرومانية.
• الإرث الثقافي: على الرغم من عدم إجبارهم للديانة الآشورية على الشعوب الخاضعة. بالإضافة إلى ذلك أسهمت مكتبة آشوربانيبال في حفظ الأدب المسماري الثمين. بالتالي أثر بشكل مباشر على الثقافات اليونانية الرومانية والعبرية (بصمة الإمبراطورية الآشورية).
• التقدم التكنولوجي: ابتكر الآشوريون أسلحة حديدية متطورة وآلات حصار فتاكة. بالإضافة إلى ذلك هذه الابتكارات غيرت قواعد الحرب القديمة، واستخدمتها الحضارات التي تلتهم.

ما هو الموطن الأصلي للأشوريين؟

نهايتهم وإرثهم المستمر

شهدت الإمبراطورية الآشورية انهياراً درامياً بين عامي 612 و609 قبل الميلاد، بعد سلسلة من الهزائم العسكرية أمام تحالف البابليين والميديين. بدأ التدهور بسقوط مدينة آشور (614 ق.م)، وتلاه سقوط نينوى (612 ق.م). بالإضافة إلى ذلك انتهى بهزيمة آشور أوباليط الثاني في حران (609 ق.م) (زوال الإمبراطورية الآشورية).

على الرغم من زوال الإمبراطورية، تركت الحضارة الآشورية بصمة خالدة:

• التأثير على الإمبراطوريات التالية: تركت الأنظمة الإدارية والفنون الآشورية إرثاً واضحاً أثر على الفرس والرومان.
• استمرار الديانة: بقيت الديانة الآشورية حية في مدن مثل حران حتى القرن العاشر الميلادي.
• الهوية الحديثة: ما زال المسيحيون الآشوريون في الشرق الأوسط يحافظون على تراثهم الثقافي واللغوي، مؤكدين بذلك استمرارية الحضارة الآشورية (الآشوريون). [2]

تعرف أيضًا على: التجارة والنقل في العالم القديم

في الختام، يمكن القول إن الحضارة الآشورية كانت من أكثر الحضارات تأثيرًا في تاريخ الشرق الأدنى، وقد برزت من خلال الحضارة الآشورية وإنجازاتها في مجالات السياسة والهندسة والإدارة. بالإضافة إلى ذلك لقد تنوعت الآراء حول أصل الآشوريين، كما يستمر الجدل حول سؤال: هل الآشوريين عرب؟. بينما تبقى الإجابة الأقرب مبنية على تحديد ما هو الموطن الأصلي للأشوريين؟ في شمال بلاد ما بين النهرين. بينما نشأت وتوسعت هذه الحضارة العريقة.

• national geographicAssyrian Empire (بتصرف)
• the collector ؟How Did the Almighty Assyrian Empire Fall

مشاركة المقال

وسوم