الحيلة عند العرب: قصص ذكاء ومكر من نوادر العرب

الكاتب : سهام أحمد
29 يونيو 2025
عدد المشاهدات : 23
منذ 11 ساعة
الحيلة عند العرب
حيلة الشنفرى والعصا
ذكاء إياس بن معاوية والقاضي
 حيلة أبي الأسود الدؤلي وإعجام القرآن
حيلة الأصمعي مع الخليفة العباسي
ذكاء الإمام الشافعي في القضاء
مكر عمرو بن العاص ودهائه السياسي

عرف العرب ببراعتهم في الحيلة والتدبير فمن صحاري الجزيرة العربية حيث البقاء للأذكى. إلى مجالس الخلفاء حيث تصاغ  المؤامرات نسجت قرون من الذكاء الفطري وتروي الحيلة عند العرب في قصص كيف استخدم العرب المكر والدهاء. لتجاوز الصعاب و تحقيق  العدل هذه الحكايات ليست مجرد تسلية. بل، هي مرآة تعكس جوانب عميقة من الفكر العربي والاستراتيجيات الذهنية التي مكنتهم من الازدهار. في أزمنة مختلفة  فكيف اثرت هذه الحيل العربية في مواقف الحياة اليومية. وكيف أثرت في مجتمعاتهم؟ اليكم قصص الذكاء العربي.

حيلة الشنفرى والعصا

 الحيلة عند العرب

في إحدى ليالي الظلام، الدامس أراد الشنفرى وهو أحد العرب المشهورين أن يسطو على إبل قوم من الأعداء ولم يكن معه سوى عصاه فأخذ يضرب بها الأرض بقوة محدث صوت عاليا ومتقطع.

فظن القوم أن هناك عدد كبير من الرجال يتقدمون نحو إبلهم. فتراجعوا خوفا على حياتهم و في هذا الوقت تسلل الشنفرى بهدوء وساق الإبل دون أن يواجهه أحد. مستخدم صوته والحيلة في التمويه دلالة على ذكاء الشنفرى والفطنة في الخداع.

تعرف أيضًا على: أساطير العرب: أغرب الخرافات والأساطير التي تناقلها العرب قديمًا

ذكاء إياس بن معاوية والقاضي

 الحيلة عند العرب

اشتهرت الحيلة عند العرب عند الكثير ومنهم إياس بن معاوية بحدسه وفطنته الخارقة وله في ذلك نوادر عديدة. فيروى أنه بينما كان يتجول في السوق رأى رجل يبيع سمك وآخر يبيع زيت وتصادف أن سقط بعض الزيت على السمك فتشاجر البائعان. و احتكما إلى قاضي المدينة و لكن القاضي لم يتمكن من الفصل بينهما. و طلب إياس منهما أن يأتيا بوعاءين فوضع السمك في أحدهما والزيت في الآخر. ثم أمر بإحضار كم كبير من الماء أضافه إلى وعاء السمك ثم، صبه في وعاء الزيت فلاحظ إياس أن الزيت انفصل عن الماء. لكن بقيت آثار السمك فيه. وبهذ استطاع أن يحدد كمية الزيت التي اختلطت بالسمك وقضى بينهما بالعدل مبين حكمة إياس وعبقريته في حل النزاعات.

تعرف أيضًا على: نساء العرب الشهيرات: بطولات وقصص نسائية خالدة من التاريخ العربي

 حيلة أبي الأسود الدؤلي وإعجام القرآن

 الحيلة عند العرب

كان من أكثر الشخصيات صاحبة الحيلة عند العرب  هو أبو الأسود الدؤلي من كبار التابعين وأيقونه في اللغة العربية. وله الفضل في وضع النقاط على حروف المصحف الشريف لمنع اللحن. فعندما طلب منه زياد بن أبيه أن يقوم بهذا العمل تمنع أبو الأسود في البداية خوفا من أن يكون سبب في تغيير كتاب الله.

تعرف أيضًا على: الفراسة عند العرب: كيف كانوا يكتشفون الخدع والنيات من الوجوه؟

 لكن زياد أصر على أهمية ذلك لمنع اللحن في قراءة القرآن فما كان، من أبي الأسود إلا أن وضع حيلة ذكية. فطلب من قارئ أن يقرأ القرآن ثم طلب منه أن يمد صوته في الحرف الذي يريده أن يضع عليه نقطة فإذا قرأ القارئ “أبَ” ومد صوته على الباء المفتوحة وضع أبو الأسود نقطة فوق الباء وإذا قرأ “أُبُ” ومد صوته على الباء المضمومة وضع نقطة بعد الباء.

 وهكذا استطاع أبو الأسود أن يعجم القرآن بطريقة دقيقة ومبتكرة دون أن يحدث أي تغيير في النص الأصلي مبرهن على دهاء أبي الأسود وابتكاره.[1]

تعرف أيضًا على: الكرم العربي: قصص حقيقية عن الكرم المفرط في تراث البدو

حيلة الأصمعي مع الخليفة العباسي

 الحيلة عند العرب

كان الأصمعي الشاعر واللغوي المعروف بأنه  من المشهورين بـ الحيلة عند العرب وصاحب خفة ظل وحضور ذهني سريع. و يروى أن الخليفة العباسي هارون الرشيد كان يحب المزاح معه. و في إحدى المرات أراد الرشيد أن يختبر ذكاء الأصمعي ويوقعه في حيلة. أمر الرشيد أن يأتيه ببيضة واحدة كل يوم ولمدة عام كامل. ولكن بشرط ألا تكون هذه البيضة من نفس الدجاجة التي أتت ببيضة اليوم السابق.

احتار الأصمعي في الأمر فالشرط يبدو مستحيل لكنه لم ييأس  بل أعمل فطنته في اليوم الأول و أتى ببيضة وفي اليوم الثاني أتى ببيضة أخرى لكنه قال للخليفة “يا أمير المؤمنين هذه البيضة من دجاجة أخرى ولكن الدجاجة التي أعطتني بيضة أمس ماتت!” و استمر الأصمعي كل يوم يأتي ببيضة جديدة وفي كل مرة يدعي أن الدجاجة السابقة قد ماتت أو مرضت أو بيعت وعلم  الرشيد دهاء الأصمعي في التملص من الشرط المستحيل وضحك من حيلته وخفة دمه.

تعرف أيضًا على: نوادر العرب: مواقف طريفة وذكية لا تُنسى من تراث الأقدمين

ذكاء الإمام الشافعي في القضاء

كان الإمام الشافعي أحد أئمة المذاهب الفقهية الأربعة و معروف بفطنته وعبقريته في استنتاج الأحكام وحل المعضلات.

 في إحدى القضايا التي عرضت عليه ادعى رجلان ملكية قطعة قماش واحدة

و كل منهما أتى بالشهود وأقسم على أنها ملكه و لم يتمكن القاضي من الفصل بينهما فرفع الأمر إلى الإمام الشافعي.

فكر الشافعي قليلا ثم طلب إحضار سكين حادة ووعاء كبير مملوء بالماء. و أمر بقطع قطعة القماش إلى نصفين ثم وضع كل نصف في الماء  ولاحظ الشافعي أن أحد النصفين امتص الماء بسرعة وبكمية كبيرة بينما الآخر لم يمتص سوى القليل عندها قال الإمام: “إن القماش الذي امتص الماء بسرعة هو القماش الجديد بينما الآخر هو القديم”

ثم، تحدث إلى الرجل الذي ادعى أن قماشه جديد وقال: “هذه القطعة لك”

بينما قال للآخر: “أما هذه القطعة فليست لك” تعجب الحاضرون من هذا الذكاء، فسألوه عن السبب فأجاب الشافعي: “إن القماش الجديد يمتص الماء بشكل أفضل من القماش القديم الذي يكون قد تعرض للغسل والضغط مرات عديدة” وهكذا استخدم الشافعي الحيلة عند العرب بشكل  علمي بسيط ليميز بين الحق والباطل.

تعرف أيضًا على: داحس والغبراء: تفاصيل أشهر حرب قبلية في الجاهلية

مكر عمرو بن العاص ودهائه السياسي

 الحيلة عند العرب

يعرف عمرو بن العاص بمكره وذكائه السياسي الذي لم يكرر في التاريخ الإسلامي و من أشهر قصصه موقفه في معركة صفين.

عندما شعر جيش معاوية بن أبي سفيان بالهزيمة أمام جيش الإمام علي بن أبي طالب أشار عمرو بن العاص على معاوية بحيلة ذكية لقلب موازين القوى. و أمر الجنود برفع المصاحف على أسنة الرماح منادين: “كتاب الله بيننا”  كانت هذه الحيلة عند العرب تهدف إلى وقف القتال وإحداث تشتت في صفوف جيش الإمام علي. حيث كان هناك من لا يرغب في قتال من يرفع المصحف. وقد نجح عمرو بن العاص في مكره حيث توقف القتال ودخل المسلمون في مفاوضات التحكيم. التي انتهت بخروج الخوارج وظهور الفرقة في صفوف المسلمين. مما أثر بشكل كبير على مسار التاريخ الإسلامي فهذه القصة، تبرز الدهاء الاستراتيجي لعمرو بن العاص وقدرته على التلاعب بالظروف لصالحه.[2]

تعرف أيضًا على: الزير سالم: من هو؟ القصة الكاملة لأشهر فارس ثأر في تاريخ العرب

في النهاية، إن استعراض هذه القصص من نوادر العرب يضعنا أمام حقيقة لا يمكن إنكارها أن الحيلة عند العرب والذكاء لم يكونا مجرد خصال عابرة بل كانا جزء أصيل من نسيج الحياة العربية و أداة للبقاء وطريق للعدل وفن للتغلب على التحديات.

من دهاء الشنفرى في تضليل الأعداء إلى فطنة إياس في حل النزاعات وعبقرية أبي الأسود في حفظ كتاب الله والمكر السياسي لعمرو بن العاص في قلب الموازين وخفة دم الأصمعي في مواجهة المستحيل وحكمة الإمام الشافعي في الكشف عن الحق  تظهر صور متعددة للعبقرية العربية فهذه القصص ليست مجرد حكايات تروى بل هي دروس خالدة في التفكير الاستراتيجي وفن الممكن وكيف يمكن للعقل الفطن أن يصنع الفارق في جميع ميادين الحياة فإنها شهادة حية على أن الحيلة عند العرب عندما تستخدم بحنكة يمكن أن تكون أقوى من أي قوة مادية وتترك أثر لا يمحوه الزمن في التراث العربي الغني.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة