أدونيس والتجريب الشعري في تجديد القصيدة العربية

الكاتب : مريم مصباح
03 أغسطس 2025
عدد المشاهدات : 56
منذ 7 ساعات
أدونيس
ما هي أشهر قصائد أدونيس؟
اشتهر الشاعر أدونيس بقصائد تعدّ مفاتيح لفهم حركته الشعرية وأسلوبه الفريد، منها:
ما هي أسطورة أدونيس؟
من هي عشيقة أدونيس؟
ما معنى أدونيس؟
أصل الاسم
الدلالة الأسطورية
المعنى الشعري
التأثير الثقافي
موقع الاسم في الأدب العربي

أدونيس هو سؤال لا بد أن يطرح حين نفتح ملفات الشعر العربي الحديث، فمن هو هذا الشاعر الذي أحدث كل هذا الضجيج في الثقافة العربية؟ الجواب ببساطة: هو اسم مستعار للشاعر السوري الكبير علي أحمد سعيد، الذي اختار أن يعرف بـ أدونيس ليعبر عن ميلاد شعري جديد، يتجاوز التقليد ويفتح نوافذ على التجريب، والتفكيك، وإعادة البناء. لقد غير هذا الاسم – المستعار والمحمّل بالدلالة الأسطورية – شكل القصيدة العربية، ومضمونها، وأفقها. هذا المقال يأخذك في رحلة أدبية عميقة لفهم مشروع أدونيس، عبر أربع محطات رئيسية: قصائده الشهيرة، علاقته بالأسطورة، حكاية عشيقته، ومعنى اسمه.

ما هي أشهر قصائد أدونيس؟

كان الشعر العربي، قبل منتصف القرن العشرين، يدور في إطار الأوزان والقوافي التقليدية، يردد معاني مألوفة، ويكرّر صورًا شُبّهت من فرط الاستعمال. ثم جاء شاعرٌ قرّر أن ينقض هذا البناء، لا كراهية له، بل حبًا في القصيدة. إنه أدونيس، الذي فتح بابًا جديدًا للقصيدة، قوامه التجريب، والفكر، والتفكيك، وإعادة التشكيل.

تعرف أيضًا على: الشيخ زايد بن سلطان ومسيرته في تأسيس الإمارات

اشتهر الشاعر أدونيس بقصائد تعدّ مفاتيح لفهم حركته الشعرية وأسلوبه الفريد، منها:

أدونيس

  • قبر من أجل نيويورك
  • الكتاب
  • هذا هو اسمي
  • أغاني مهيار الدمشقي
  • أوراق في الريح
  • احتفال بالأشياء

كل واحدة من هذه القصائد تمثّل نقطة مفصلية في مسيرة الحداثة الشعرية. فمثلاً، “الكتاب” لم تكن قصيدة بالمعنى التقليدي، بل كانت مشروعًا شعريًا وفكريًا ممتدًا، أشبه بمخطوطة كونية تبحث في أصول اللغة، والزمن، والهوية، والوجود. كتبها أدونيس كنوع من إعلان قطيعة مع القصيدة العربية التقليدية، حيث استخدم فيها رموزًا من الميثولوجيا، والتصوف، والتاريخ، ليعيد تشكيل النص خارج مفاهيم الخطابة القديمة.

تعرف أيضًا على: الفرزدق والوجه الآخر للشعر مرايا القبيلة والذات

أما “قبر من أجل نيويورك”، فهي قصيدة نُشرت عقب أحداث 11 سبتمبر، استلهم فيها الشاعر رؤيته النقدية للعولمة، وللعنف الكوني، وللمعنى الحديث للحضارة. لم يكن في القصيدة موقف سياسي مباشر، بل كانت نقدًا شعريًا ثقافيًا لحضارة تبني ناطحات السحاب وتترك الإنسان وحده في العراء.

في قصيدة “هذا هو اسمي”، يعود أدونيس إلى ذاته، يحاول أن يعيد تسمية الأشياء، ويبتكر مفرداته الخاصة، بعيدًا عن القوالب الموروثة. الاسم هنا ليس مجرد تعريف، بل إعادة خلق للهوية، للشاعر، للقصيدة، وللعالم.

أكثر ما يميز هذه القصائد هو أنها تدمج الفلسفة بالأسطورة، واللغة اليومية بالإشارات الصوفية، وتدفع القارئ إلى التفكير بدلًا من التلقي السلبي. لم يكن الشعر عند أدونيس وسيلة للتسلية، بل ساحة للصراع الرمزي. وسؤالًا مفتوحًا عن معنى الوجود، والحياة، والموت، والجمال.

هكذا شكلت قصائد أدونيس علامة بارزة في مسار الشعر العربي الحديث، لا من حيث الشكل فقط، بل من حيث المضمون والرؤية. لقد كان شاعرًا يكتب وكأنه يبني حضارة، لا قصيدة فقط. [1]

تعرف أيضًا على: الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: زعيم بصناعة القرار الإقليمي

ما هي أسطورة أدونيس؟

لم يختر أدونيس اسمه عشوائيًا، بل استلهمه من الأسطورة الفينيقية القديمة. “أدونيس” أو “أدون”، هو إله الجمال والحياة والموت والبعث، ووفق الأسطورة كان فتىً فائق الجمال، أحبّته الإلهة “عشتار”، وقُتل في ريعان شبابه، فحزنت عليه الآلهة وأعادته إلى الحياة مع كل ربيع.

هذا المعنى الرمزي – الحياة والموت والبعث – استهوت الشاعر علي أحمد سعيد، فاختار أن يعرف به ليعبّر عن ولادة جديدة داخل الشعر العربي. لقد رأى أن القصيدة العربية التقليدية ماتت، وأنه سيبعثها من جديد.

تعرف أيضًا على: الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: رائد التنمية والإبداع في دبي

في اختياره هذا الاسم، كان يعلن موقفًا ضمنيًّا من الشعر واللغة والثقافة العربية، موقفًا يؤمن بالتجريب والقطع مع السائد. وربما لهذا السبب، ارتبط اسم أدونيس بالتحديث والجدل معًا. وقد ولد الشاعر في عام 1930، ما يعني أن أدونيس العمر الآن يتجاوز التسعين عامًا، ومع ذلك لا تزال أفكاره تقرأ وتناقش كما لو كانت وليدة اليوم.

باختصار، لقد أصبح الاسم الأسطوري مرآة لرؤية شعرية جذرية، ترى في الموت طريقًا للحياة. وفي الخراب شرطًا للخلق، وفي القصيدة وسيلةً لاجتراح المعنى من فوضى العالم.

من هي عشيقة أدونيس؟

ربما لا يعرف كثيرون أن أدونيس لم يعرف فقط بشعره، بل أيضًا بعلاقاته العاطفية والفكرية، التي شكلت جزءًا من سيرته الإبداعية. إحدى أبرز النساء اللواتي ارتبطن به فكريًا وعاطفيًا هي الكاتبة التونسية رشيدة النيفر، التي ظهرت في مراسلاته الخاصة، والتي شكّلت مصدر إلهام في عدد من نصوصه.
لكن العلاقة الأكثر شهرة وتأثيرًا في مسيرة أدونيس هي تلك التي جمعته بزوجته خالدة سعيد، الناقدة الأدبية البارزة. شكّلت خالدة سعيد ظله الفكري. ورافقته في مشروعه الأدبي والبحثي منذ شبابهما في بيروت، حيث شاركا في إصدار مجلة “شعر” ثم “مواقف”.

تعرف أيضًا على: يوسف إدريس ولغته التي جسّدت نبض الشارع المصري

لقد لعبت خالدة سعيد دورًا محوريًا في مسيرة أدونيس الشعرية، ليس فقط كزوجة، بل كقارئة، وكاتبة، ومرآة فكرية حادة. كتبت عنه عدة دراسات، وحرّرت بعض نصوصه، وكانا يختلفان كثيرًا في الرؤية. لكنهما بقيا في علاقة دائمة من الحوار والتكامل. هذا النوع من الحب، الذي لا يقوم فقط على العاطفة. بل على الفكر المشترك، قلّما نجده بين شاعر وناقدة. وهو ما جعل من علاقتهما مثالًا للشراكة الفكرية. [2]

ما معنى أدونيس؟

في هذا القسم سنفكك معنى الاسم “أدونيس”، الذي اتخذه الشاعر لقبًا، ونقف على أبعاده الأسطورية واللغوية:

أصل الاسم

الاسم مشتق من الكلمة الفينيقية القديمة “أدون”، وتعني “الرب” أو “السيد”، وهو لقب أُطلق على إله الجمال الفينيقي.

الدلالة الأسطورية

“أدونيس” هو رمز للموت والبعث. يقتل كل شتاء ويبعث من جديد في الربيع، وهو ما جعل منه رمزًا للدورة الحياتية والتجدد.

تعرف أيضًا على: مي زيادة وأدب الرسائل بين الحنين والتمرد

المعنى الشعري

اختار الشاعر هذا الاسم ليعبر عن رغبته في تجديد الشعر العربي. وإحياء القصيدة من موتها الكلاسيكي.

التأثير الثقافي

الاسم يستعمل اليوم كرمز للتجريب والتحديث. وأصبح مرادفًا للثورة على الشكل الشعري القديم.

موقع الاسم في الأدب العربي

رغم الجدل، أصبح الاسم “أدونيس” أحد أهم العلامات في حركة الحداثة الشعرية، وأحد أبرز الأسماء في تاريخ الأدب العربي الحديث.

تعرف أيضًا على: الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: أمير قطر في عصر التغيير والنهضة

لقد كان أدونيس – بما يحمله من أسطورة واسمه من رمزية – مشروعًا ثقافيًا متكاملاً، لا مجرد شاعر. عبر قصائده، وعلاقاته، وأفكاره، أعاد تشكيل الوعي العربي تجاه الشعر واللغة والحداثة. لم يكن مجرّد اسم مستعار، بل رمزًا لانقلاب في البنية الشعرية العربية. وحتى بعد أكثر من نصف قرن من بداية مشروعه. لا يزال اسمه يثير الجدل، ويعيد تشكيل الأسئلة حول الهوية، واللغة، والمستقبل. في زمن تتسارع فيه التغيرات، يبقى أدونيس ثابتًا كعلامة فارقة في الثقافة العربية، ورمزًا للشعر الذي لا يموت.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة