أين تقع خراسان

يتساءل الكثيرون أين تقع خراسان وما هو موقعها الجغرافي في خريطة العالم الإسلامي والتاريخي؟ تُعد خراسان من أبرز الأقاليم التاريخية التي لعبت دورًا مهمًا في الحضارة الإسلامية، فقد امتدت أراضيها عبر مناطق متعددة من آسيا الوسطى وإيران الحالية. كانت مركزًا للعلم والثقافة والتجارة، مما جعلها محطة اهتمام الباحثين في التاريخ والجغرافيا على حد سواء. في هذا المقال، سنستعرض موقع خراسان الجغرافي وأهميته التاريخية.
ما هو اسم خراسان حالياً؟

حين نتساءل عن أين تقع خراسان، لا بد أن ندرك أولًا أن “خراسان” لم تعد إقليمًا موحدًا بالاسم ذاته، بل أصبح الاسم يُستخدم جزئيًا للإشارة إلى منطقة محددة تقع في شمال شرق إيران تُعرف اليوم بـ”خراسان رضوي”، وهي إحدى المحافظات الإيرانية الثلاث التي نتجت عن تقسيم إقليم خراسان الكبير عام ٢٠٠٤. بالإضافة إلى “خراسان الجنوبية” و”خراسان الشمالية”. وكلها تقع داخل حدود إيران الحديثة. هذه المناطق لا تزال تحتفظ بالهوية الثقافية والتاريخية للإقليم القديم. وتشكل مزيجًا من الحواضر والمدن القديمة والحديثة.
أما إذا نظرنا إلى أين تقع خراسان على الخريطة. فإننا نجد أن الامتداد التاريخي للإقليم شمل مساحة أوسع بكثير من الحدود الإيرانية المعاصرة. كانت خراسان الكبرى تمتد شرقًا إلى مدينة مرو (في تركمانستان الآن)، وجنوبًا إلى بلخ (في أفغانستان)، وغربًا إلى نيسابور وهمدان، بل وقد شملت أجزاء من أوزبكستان أيضًا. وبهذا، فإن خراسان لم تكن مجرد إقليم سياسي، بل كيان ثقافي يضم شعوبًا ومذاهب متنوعة عاشت في وئام نسبي.[1]
تعرف ايضًا على: ما هي بلاد فارس؟ تاريخ وأصل هذه التسمية
ما هي الدولة التي كان اسمها قديماً بلاد خراسان؟
في العصر الأموي، كانت خراسان من أهم الأقاليم التابعة للدولة الإسلامية، وقد شكّلت مركزًا إداريًا وعسكريًا له أهمية استراتيجية في الفتوحات والتوسعات. وعليه، فإن الإجابة على سؤال أين تقع خراسان في تلك الحقبة تتطلب العودة إلى خريطة الدولة الأموية. كانت خراسان تغطي مساحة شاسعة تبدأ من الري في إيران وتمتد إلى نهر جيحون شرقًا. وقد أصبحت هذه المنطقة في ذلك العصر تُعرف باسم “بلاد خراسان”، وهي كانت تضم عدة ولايات فرعية مثل نيسابور، ومرو، وبلخ، وسمرقند. مما يفسر تعدد المراكز الحضرية فيها.
ولعل الأهم من ذلك هو التساؤل حول أين تقع خراسان في العصر الأموي من الناحية السياسية. فقد مثّلت الإقليم محطة رئيسية لنقل الثقافة العربية إلى بلاد ما وراء النهر، كما كانت مركزًا مهمًا لتجنيد الجيوش وتوطين القبائل العربية. وعليه، أصبحت خراسان أحد الأعمدة الداعمة للدولة، بل وكانت نقطة الانطلاق لثورة العباسيين لاحقًا، وهو ما يُظهر مدى مركزيتها في تاريخ الإسلام السياسي والاجتماعي.
تعرف ايضًا على: من هم العرب في إريتريا؟ تعرف على أبرز القبائل العربية
هل خراسان هي إيران؟
تُطرح كثيرًا تساؤلات من نوع “هل خراسان هي إيران؟”، وللإجابة بدقة على هذا السؤال، لا بد من التوضيح بأن أين تقع خراسان سؤال جغرافي وتاريخي معًا، إذ أن خراسان لم تكن يومًا دولة مستقلة بذاتها، بل إقليمًا واسعًا يشمل أجزاءً من إيران وأفغانستان وتركمانستان وأوزبكستان الحالية. لذا، القول بأن خراسان هي إيران ليس دقيقًا من الناحية التاريخية، رغم أن جزءًا منها لا يزال داخل الحدود الإيرانية.
في العصر العباسي، تطوّر دور خراسان بشكل واضح، إذ أصبحت المركز الفعلي لانطلاق الدولة الجديدة بعد سقوط الأمويين. كان للخراسانيين اليد الطولى في ترسيخ دعائم الدولة العباسية، ولذلك فإن خراسان في العصر العباسي اكتسبت طابعًا مختلفًا، حيث شهدت نهضة ثقافية واسعة وانتشار المدارس الفقهية والفكرية. كما تميزت آنذاك بكونها بيئة خصبة لظهور العلماء، وترسخت مكانتها كمهد من مهود الفكر الإسلامي، مما يجعل من المهم دراسة تاريخها في تلك المرحلة لفهم دورها المؤثر على الدولة العباسية برمتها.
تعرف ايضًا على: قائمة دول الجزيرة العربية وموقعها الجغرافي
من أين تقع مدينة خراسان؟
كثيرون يظنون أن خراسان مدينة، ولكنها في الحقيقة كانت إقليمًا ضخمًا يضم مدنًا كثيرة. ومع ذلك، هناك مدن تحمل اسم “خراسان” أو مشابه له حتى اليوم، وأشهرها مدن خراسان في إيران. لذا، عندما نسأل أين تقع خراسان في العصر الحالي، يمكننا أن نشير إلى المدن الثلاث: مشهد، بجنورد، وبيرجند، كمراكز حضرية رئيسية داخل المحافظات الثلاث التي تحمل اسم خراسان اليوم.
أما إذا رجعنا إلى التاريخ القديم، وتحديدًا إلى وصف خراسان قديماً. فسنجد أنها كانت تمثل بوابة الشرق الإسلامي. كانت مدينة “مرو” مثلاً من أعظم المدن الإسلامية. و”نيسابور” منارات علم، أما “بلخ” فكانت من أعرق الحواضر ذات البعد الثقافي والديني. هذه المدن تشكّل حجر الأساس في هوية خراسان التاريخية، والتي اندثرت ككيان إداري موحّد لكنها بقيت حيّة في التراث والذاكرة الجماعية.
تعرف ايضًا على: أين تقع تونس
الحدود الجغرافية لخراسان الكبرى عبر العصور
لفهم أين تقع خراسان من الناحية الجغرافية. لا بد من الرجوع إلى وصف الحدود الطبيعية والبشرية للإقليم. في أقصى امتداده، شملت خراسان السهول الإيرانية في الغرب والجبال التركمانية في الشمال والسهول الأفغانية في الشرق والجنوب الشرقي. هذه الرقعة الشاسعة جعلت من خراسان مفترق طرق هامًا بين حضارات آسيا الوسطى والعالم الإسلامي.
وقد كان للمنطقة تأثيرها العلمي والثقافي، خاصة إذا نظرنا إلى مساهمة علماء خراسان في مختلف العلوم، من الفقه إلى الطب والفلك. أسماء مثل الإمام الغزالي، والبيهقي، والنسائي، وغيرهم. تنتمي إلى هذا الإقليم وتُظهر مدى تنوعه الفكري وتقدمه العلمي، وهو ما ساهم في تحويله إلى مركز إشعاع حضاري لعدة قرون.
تعرف ايضًا على: أين تقع هولندا
أهم المدن التي كانت ضمن إقليم خراسان
عند الحديث عن أين تقع خراسان، لا بد من ذكر المدن التي كانت تشكّل عصب الحياة فيه. من أبرزها مدينة “مرو”، التي كانت عاصمة الولاة الأمويين والعباسيين. ومدينة “نيسابور” التي اشتهرت بالعلماء، و”هراة” و”بلخ” و”سمرقند” التي كانت تنبض بالحياة والعلوم والثقافة.
هذه المدن شكلت وحدة متكاملة ضمن تاريخ خراسان الطويل. حيث لعبت كل منها دورًا مختلفًا في مراحل متعددة من التاريخ. بعضها تميز بالطابع التجاري، والبعض الآخر بالعلمي أو العسكري. حتى بعد زوال الإقليم ككيان سياسي، بقيت هذه المدن رمزًا لهويته، وتحوّلت إلى مراكز تراثية تستقطب الباحثين والمؤرخين حتى اليوم.
تعرف ايضًا على: أين تقع بحيرة طبريا
الفتح الإسلامي لخراسان وتأثيره الحضاري
لا يمكن فهم أين تقع خراسان دون التوقف عند الدور الذي لعبته في انتشار الإسلام في آسيا الوسطى. بدأ الفتح الإسلامي لخراسان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وتوسّع لاحقًا في العهد الأموي. وقد كان هذا الفتح مفتاحًا لنشر الإسلام والثقافة العربية في المناطق الشرقية.
في هذا السياق، ظهر عدد كبير من علماء خراسان الذين أسهموا في نقل العلوم العربية والإسلامية إلى بلاد ما وراء النهر. كما ساعد تلاقح الحضارات في تكوين بيئة معرفية متميزة، دفعت بالإنتاج العلمي والفكري إلى الأمام. وخلّدت أسماء خالدة في تاريخ الإسلام والحضارة العالمية.
خراسان في الخرائط القديمة والحديثة
من خلال الخرائط، يمكن ملاحظة تطور موقع خراسان وتغير حدوده:
- في الخرائط الإسلامية القديمة، تظهر خراسان على أنها إقليم شاسع يضم “مرو”. “نيسابور”، “هراة”، “بلخ”.
- في العهد العباسي، أضيفت إليها مدن شرقية مثل سمرقند وبخارى.
- أما اليوم، فتقسم إلى ثلاث محافظات إيرانية هي: “خراسان رضوي”. “خراسان شمالي”، و”خراسان جنوبي”.
يطرح هذا المشهد تساؤلًا متكررًا: أين تقع خراسان حاليًا؟ والإجابة تتنوع حسب المرجع المستخدم: تاريخي، جغرافي، أو سياسي. لكن المؤكد أن خراسان القديمة كانت مركزًا للحضارة ومهدًا للتنوع الثقافي والديني في المنطقة.[2]
المراجع
- britannicaWhat is the name of Khorasan now? _بتصرف
- shutterstockKhorasan in ancient and modern maps _بتصرف