تأثير التكنولوجيا على المجتمع

الكاتب : شروق رضا
24 أكتوبر 2024
منذ 4 أسابيع
عناصر الموضوع
1- تأثير التكنولوجيا علي سلوك الجماعة
2- تأثير التكنولوجيا علي العادات والقيم
3- البطالة والتشيؤ

عناصر الموضوع

1- تأثير التكنولوجيا علي سلوك الجماعة

2- تأثير التكنولوجيا علي العادات والقيم

3- البطالة والتشيؤ

إن زيادة مسطحات الشاشات والتكنولوجيا الرقمية داخل المسكن أدت إلي أن أصبح الاتصال إلكترونيا في بعض الأنشطة بدال من الاتصال الوظيفي المعتمد علي القرب المكاني، ولكنها في نفس الوقت أدت إلي الكسل وعدم الحركة وقلة التواصل الاجتماعي بين الأفراد.

1- تأثير التكنولوجيا علي سلوك الجماعة

أولا: تشييء الإنسان:

أي جعله شيئاً لا إنساناً، أي تجريده من مقومـات إنسانيته وتحويله إِلَى شيءٍ مثلـه مثـل كـيس البطاطـا، أَو عجلـة الـسيارة أَو الحاسوب نعم الحاسوب، لأن الحاسوب الآن بإمكانه برمجيا أن يقوم بتأدية واجباتك أنت عنك؛ يقدم العزاء، يقدم التهاني، يذكرك بمواعيدك، بما يجـب أن تفعـل، يـدفع فواتير الهاتف والكهرباء والماء والضرائب، يقترح عليك وربما يفرض عليك ما يجب القيام به فيما يتعلق بما أوكلته له، وفي بعض الحالات لا يسمح لـك بالتـدخل فيمـا فوضته به يفكِّر عنك في مستويات محدد.

أن يفكِّر الحاسوب عنك أمر لا يمكن أن نقبله أَو نصدقه، ولكنَّه هو الذي صار واقعاً من دون أن ندري، ولنلاحظ كيف تم ذلك في ميدانٍ واحدٍ على سبيل المثال هو الهاتف، وكان الواحد منا حتَّى أوائل الثَّمانينيات يحفظ عـشرات وربمـا مئـات أرقـام الهواتف الَّتي تلزمه أَو يتعامل معها من دون أن يحتاج إِلَى إخراج دليل الهـاتف مـن جيبه، فقَد كان الإنسان مضطراً لذلك، فتقانات الطباعة وخدمات أدلَّة الهاتف لم تكـن ميسرةً إِلَى الحد الذي يجعلها متوافرةٍ بسهولةٍ دائماً.

وبعد قليلٍ تيسرت أمور الطباعـة وكثرت أنواع أدلة الهاتف الصغيرة والوسط والكبيـرة، وصـارت تـوزع مجانـاً، وهدايا فأزاح الإنسان جزءاً من عبء حفظ الأرقـام ليلقيـه علـى هـذه الأوراق الصغيرة، ومع ظهور الهاتف الخليوي حدثت نقلةٌ هائلةٌ إذ حملَ هذا الهاتف كلَّ أعباء الأرقام وخصائص الاتصال وقدراته ولم يبق على حامل الهاتف إلا أن ينطق بالاسـم الذي يريد أن يهتف له إنجاز جميلٌ وبديع أيضاً، ولكنَّه عطَّلَ أَو شلَّ جانباً من قدرات الدماغ فلم يعـد أحدنا يحفظ أحياناً حتَّى رقم هاتف بيته أي إنَّه نظريا أراح ذاكرته من عبءٍ ولكنَّه في الوقت ذاته قلَّل من قدرة ذاكرته على العمل والتذكر، لأن الذاكرة كالنار كُلَّما زدت حملها تأججت أكثر

 إن ما حدث هنا، في حالة الهاتف وغيرها من الحالات، هو أن الإنسان قد قـام بنقل جزء من ذاكرته إلى الحاسوب، أي صارت ذاكرته مبنية على أن الحاسوب هـو الذي يحمل هذه المعلومات، ومن ثم فقد فقدت الذاكرة الإنسانية القدرة على استحضار بل حتَّى تخزين المعلومات التي أوكل إلى الحاسوب؛ الهاتف والحاسوب بـالإطلاق، أن يحفظها ويستحضرها ويقدمها.

ثانيا: تعطيل ملكات العقل:

إن تشييء الإنسان وتعطيل ملكات العقل الإنساني أثران متمايزان في الصورة متلازمان في الطبيعة أو الجوهر، فعندما يقوم الحاسوب بمختلف ظهراته بأكل ذاكرة الإنسان أو بعضها فإنه في الوقت ذاته يقوم بفعل مزدوج هو تشييء الإنسان وتعطيل ملكات عقله وقدراته التفكيرية

الحقيقة أننا هنا أمام مشكلة كبيرة وجد خطيرة، ربما تكون أعظم وحتَّى أخطر المشكلات أو الآثار الناجمة عن الثورة التكنولوجية بمحاورها الثلاثة، وخاصة منهـا الإدارة الإلكترونية وملاحقاتها وتوابعها.

نحن لسنا أمام مشكلة واحدة وحسب بل أكثر بكثير، وليس لأي مشكلة جانب واحد وحسب بل أكثر، وإن تعطيل ملكات العقل بفعل الثورة التكنولوجية لم يعد افتراضاً، إنـه نظريـة مبرهنة على أرض الممارسة الواقعية، يمكن تسميتها بنظرية الحاسوب يأكـل ذاكـرة الإنسان، وعلى أي حال ليست مشكلتنا في التسمية، مشكلتنا في العملية ذاتها التي راح الإنسان بها يضع عقله أو ذكراته في الحاسوب ويعتمد عليه شيئاً فشيئاً اعتمـاداً كليـا أدى وسيؤدي إلى شل قدرات التفكير وتعطيل ملكات العقـل.

لنعـد، على سبيل التقريب، إلى مثال الهاتف الخليوي، وهو أبسط الأمثلة؛ تخيل أنَّك في مكان ما، وبحاجة ماسة للاتصال بشخص محدد، فيما هاتفك معطل ولا تستطيع الحـصول على الاتصال ولا على الرقم، والهواتف حولك كثيرة لندع ذلك جانباً، وتخيل نفسك طبيباً ماذا يمكن أن يكون اليوم مع البرمجيـات الطبيـة التـي أخذت مهمة الطبيب ووظيفته في معظم أختصاصاته باستثناء الجراحة.

منذ سـنوات ونحن نسمع عن تركيب مجسات على أجسام بعـض المرضـى بـبعض الأمـراض وربطها بالهاتف الخليوي الذي يقوم باستدعاء الإسـعاف أو الطبيـب الخـاص عنـد وصول الأمر إلى حد خطر، أو بإنذار المريض نوعاً من الإنذار والآن نـسأل أيـن وصلنا الآن في هذا المجال الحقيقة أن ميدان الطب قد استفاد كثيراً جدا من الثورة الإلكترونية وقد اسـتفاد الإنسان بالإطلاق منها، فقد تمت برمجة الأمراض جميعها وخصائـصها وأعراضـها وأدويتها حتَّى غدا من السهل أن يقوم أي قليل اطلاع أن بتشخيص مرضه ووصـف الأدوية؛ ليس هو بذاته وإنما بالحاسوب الذي يقوم بذلك، ذلك أن كثيراً من الأمـراض قد تمت برمجتها وربطها بمجسات جعلت الحاسوب يحل محل الطبيب فيها، كمـا أن هناك أجهزة تقوم الآن مقام الطبيب والممرض والمريض في إعطـاء الأدويـة فـي أوقاتها فقد استفاد الطب وخسر الأطباء أنفسهم.

إن الأطباء اليوم فـي طـريقهم أن يكونوا عبيداً للحواسيب يأتمرون بأمرها وينفذون تعليماتها وحسب، والحقيقة التي لا يمكن تجاوزها اليوم هي أن معظم الناس تتجـه إلـى وضـع ذاكرتها في الحاسوب شيئاً فشيئاً، ناهيك عن الأعداد الهائلة التي انخرطت فـي هـذه العملية وصار من المتعذر عليها العودة.

وهؤلاء شـاهد حـي علـى حكمنـا، فـلا يستطيعون التفكير إلا بوجود الحاسوب، وإذا كان الحاسوب عاطلاً تعطلوا هم أيضاً مثل هذا يمكن أن يقال عن كثير من الاختصاصات كالمحاماة والقضاء وربمـا الإدارة والتخطيط والتصميم وغير ذلك من كل ما يمكن أن تكون ذاكراته موجودة في الحاسوب، فكيف أو ماذا يمكن أن يكون إذا تعطل الحاسوب في ساعة كان المخـتص فيها بأمس حاجة إلى هذه الذاكرة. [1]

2- تأثير التكنولوجيا علي العادات والقيم

في مجتمعاتنا العربية نجد أن الأيفاع السريع للحياة والتكنولوجيا الرقمية أثرت علي عادات قديمة لم تعد موجودة الآن منها العلاقات الاجتماعية فعلي سبيل المثال فقدان الصلة بين الجيران والأقارب فيستطيع الإنسان بمكالمة تليفون أن يحصل علي ما يريد من طعام وشراب وأدوية وغيرها فمع وجود الأجهزة الحديثة داخل المنزل وسهوله التواصل مع الأسواق أو المستشفيات ومراكز الشرطة كل هذا جعل عادات التواصل والترابط بين الأفراد تقل بشكل كبير وملحوظ والسبب الاستخدام التكنولوجيا.

الإنسان يسعي دائما لاستخدام التقنيات الحديثة المتوفرة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية، ومنذ ظهور التكنولوجيا الرقمية وتقنية المعلومات والاتصالات وانتشارها نتيجة ذلك حدث تأثيرات في سلوك وصفات الأفراد ولكن هذه التأثيرات تكون مختلفة تبعا لعدة عوامل من أهمها:

المراحل العمرية:

تقوم التكنولوجيا بالتأثير علي بعض الأشخاص ولكن باختلاف بينهم يكون علي حسب المرحلة العمرية من لا يحدث لهم تأثير مثل الشباب أو الرجال المسنين فهم الأطفال، مثل التصميمات الديناميكية باستخدام الإضاءات في الفراغات الداخلية فإنها يكون التأثير علي الأطفال وتجذب انتباهم وتجعلهم مفعمون بالطاقات والنشاط ولكنها في نفس الوقت تكون مؤثرة علي المسنين تأثيراً سلبياً فمن ممكن أن تشتت إنتباهه وتزعجهم فهم في الغالب يميلوا إلي الإضاءات البسيطة الخافتة ليستشعروا الراحة والسكينة.

المجتمعات:

يتميز المجتمع العربي منذ عصوره القديمة وحتى الآن بقدرته على تحصين العادات والقيم ّ والمبادئ الراسخة في تعاليم الدين الإسلامي من التأثيرات الغريبة عليه إلا أنه عجز عن تحقيق ذلك عند غزو، التكنولوجيا الحديثة للمجتمع وأسره، والتي سيطرت بشكل كامل على عدد كبير من فئات المجتمع وخاصة الشباب والمراهقين، وعلى الرغم منا الأثار الإيجابية التي تسببت بها التكنولوجيا للمجتمعات كتوفير سبل الراحة والسرعة إلا أن والدقة الاستخدام غير الموجه لها في العديد من المجتمعات ساعد في تركها للكثير منا الأثار ّالسلبية مثل خمول العقل والجسد وقلة الاحترام والتقدير خاصة لكبار السن.

إختلاف النوع:

يوجد اختلافات عديدة بين الرجل والمرأة ومن بينها تقبل وأقبال كل منها علي التكنولوجيا الحديثة، فقد أوضحت الدراسة الاستبيانية أن الرجال هم الأكثر تفضيلاً لاستخدام أحدث الأساليب التكنولوجية المتاحة في أعمال التصميم الداخلي.

حالة صحية:

حسب الحالة الصحية فإن تأثير التكنولوجيا يختلف بين الفرد السليم المعافى والفرد المريض أو الذي توجد لديه إعاقة، فمثلاً تأثيرات الخداع البصري كرسم في الأسقف توحي بالارتفاع فقد يشعر الشخص السليم بالحرية والانطلاق بينما الأشخاص مثال الذين يعانون من فوبيا الأماكن المرتفعة قد تزعجهم وتؤثر عليهم بالسلب، وأيضا الأرضيات التفاعلية والحوائط التفاعلية تأثيرها علي للشخص السليم يختلف عن الشخص المعاق مثال الذي يستطيع استخدامها وبالتالي تجعله يشعر بالعجز و الإحباط. [2]

الثقافة:

بواسطة التكنولوجيا المتطورة نجحت الدول الغربية في نشر ثقافتها عبر المحيطات والقارات، والترويج لأفكارها وقيمها الثقافية والأخلاقية علي حساب الثقافات الوطنية، وطمس الهوية الثقافية للدول الفقيرة أو النامية ومثال لذلك التصميم الداخلي لمطاعم الوجبات السريعة بعيد كل البعد عن الهوية والثقافة للبلدان العربية ومعظمه تقليد من الدول الغربية، مما أدي إلي تغيير الذوق العام وخاصة بين الشباب والتخلي عن الانتماء للبيئة والمجتمع والتطلع للغرب بكل سلبياته التي لا تتوافق مع القيم والعادات الموروثة.

3- البطالة والتشيؤ

مع هذه التغيرات القيمية تغير آخر جد خطير وهو تزايد حجم البطالة على الصعيد العالمي بسبب تزايد استخدام التقنيات في الصناعة والزراعة، وليس هـذا فحسب بل إن تسارع وتيرة التغير التكنولوجي سيؤدي إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وبين البلدان المتقدمة والبلدان النامية.

وهذا ما سيجر إلى تغيرات قيمية على مختلف المستويات والأصعدة، وعرفت البشـرية البطالة مفهوماً وواقعاً مع دخول الآلـة إِلَـى العمـل وأخذ محلَّ الأيدي البشـرية، وكان ذلك نصـراً للإنسـانية مـن جهـة، ومفتـاح أزمات لم تكن معروفة من قبل.

وحين دخول الآلة إِلَى يومنا الآن لم تنجو المجتمعـات البشـرية عامة من هـذه المشـكلة، بل إن هذه المشكلة ظلت في تزايد خفيـف نسبيا من عام إِلَى عام بسبب ارتفاع تطوير الآلات الصـناعية، ولذلك مرت البشـرية أَو المجتمعات الصناعية الكبرى على الأقل بأزمات كبرى، ثُم صارت تمـر بأزمـات بطالة دورية، وتنوعت أشكال هذه الأزمة، ولكِنَّها على أي حالٍ ظلت مرافقة لمختلف المجتمعات البشرية في القرن والعشرين، وأخذت تنتشر حتَّى عمـت المجتمعـات أَو الدول كلّها.

البطالة حتَّى الآن مقبولة نسبيا، ولكِنَّها وفق التنبؤات العلمية لتطور أسـتخدام التقنيات لن تظل كذلك، وفظاهرة (المصنوعات الَّتي لا تمـسها الأيـدي) التـي بـدأت بالانتشار في العقد الأخير من القرن العشرين، وبفضل إدخال الهندسة الإلكترونية إِلَي التحكم في الآلات بدأت ظاهرة (المصانع الَّتي لا تمسها الأيـدي) بالتزايـد فـصارت الكثير من المصانع اليوم تفخر بتقديم نفسها لزبائنها أَو للسوق على أنَّهـا إلكترونيـة كاملة، لا تمسها الأيدي؛ مصانع السيارات، والألبسة، والأطعمة، وأدوات المطـبخ وغير ذلك الكثير.

إن استخدام التكنولوجيا علي نطاق أكثر شمولية بين الجماعات أدي إلي قلة الاحتكاك و قلة التواصل بين الأفراد وبعد المسافات حتى بين أفراد الأسرة ولذلك فيجب علي كل فرد ان يقلل من استخدام التكنولوجيا في حياته اليومية.

المراجع

مشاركة المقال

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة