تحسين بيئة العمل مفتاحٌ لاستبقاء الكفاءات لا رفاهية

13 أغسطس 2025
عدد المشاهدات : 71
منذ 17 ساعة
تحسين بيئة العمل
كيف يمكن تحسين بيئة العمل؟
ما هي نقاط التحسين في العمل؟
تعزيز الشفافية وتحديث النظم لرفع كفاءة بيئة العمل
ما هي مقترحاتك لتطوير العمل؟
مقترحات لتطوير العمل الإداري
ما هي بيئة العمل الصحية؟
عناصر بيئة العمل الصحية

تحسين بيئة العمل لم يعد خيارًا ترفيهيًا أو امتيازًا ثانويًا يمنح للموظفين. بل أصبح ضرورة إستراتيجية لضمان استمرارية البيئة_الوظيفية، واستبقاء الكفاءات، ورفع الإنتاجية. فحين يشعر الموظف بالأمان النفسي، والاحترام، والدعم، يتضاعف عطاؤه وتتراجع نسب الغياب والتسرب الوظيفي.

كيف يمكن تحسين بيئة العمل؟

إن الخطوة الأولى نحو بيئة عمل أكثر فعالية تبدأ من الاعتراف بأن الموظف ليس مجرد رقم في سجل الموارد البشرية، بل هو المحرك الحقيقي لأي إنجاز مؤسسي. ومع ازدياد المنافسة في سوق العمل، بات من الضروري أن تعمل المؤسسات – وخاصة الصحية منها – على تحسين بيئة العمل من خلال خطوات واقعية تمسّ تفاصيل حياة الموظف اليومية. فوجود بيئة عادلة، محفزة، آمنة، ومرنة، يعد أقوى ضمان لاستبقاء الموظفين وتحقيق أفضل النتائج.

يشمل تحسين البيئة الجسدية – مثل الإضاءة، ودرجة الحرارة، ومكان الاستراحة، وأدوات العمل – لكنه لا يتوقف عند ذلك. فالعوامل النفسية والاجتماعية لها تأثير أقوى، مثل أسلوب الإدارة، والوضوح في المهام، والتقدير، وإشراك الموظف في القرارات. ومن الأمثلة الناجحة ما تطبقه بعض المستشفيات التي خصصت “غرفة استرخاء” للطاقم الطبي، وأخرى تقدم جلسات دعم نفسي شهرية لموظفي الطوارئ.

تعرف أيضًا على: إدارة الخدمات الصحية: تنظيم الرعاية لتحقيق صحة أفضل للمجتمع

تحسين بيئة العمل

ولعلّ من أهم الطرق الحديثة التي ساهمت في تطوير بيئات العمل هو استخدام أفكار إبداعية في بيئة العمل، كإطلاق تحديات أسبوعية بين الفرق، أو تخصيص وقت للإبداع الحر، أو حتى السماح للموظفين باقتراح تطوير الإجراءات الإدارية ومكافأتهم عند التنفيذ. مثل هذه المبادرات لا تعزز فقط ولاء الموظف، بل تبني علاقة قائمة على الشراكة لا على التبعية.

ولا يمكن إغفال أهمية المرونة الوظيفية، خاصة بعد جائحة كورونا، حيث ثبت أن العمل الهجين أو ساعات العمل المتغيرة قد يرفع من رضا الموظفين، ويقلل من الإرهاق، شرط أن يتم تنظيمه ضمن إطار واضح وعادل للجميع.

وفي المؤسسات الصحية، يبرز عنصر الخصوصية كمطلب مهم، حيث يجب مراعاة وجود أماكن آمنة للاستراحة، ونظام مناوبات يراعي التوازن بين العمل والحياة، وتعليمات صارمة لمنع التنمّر أو التمييز. حين يشعر الطبيب أو الممرضة بأن بيئته تحترمه وتحميه، فإنه يصبح أكثر استعدادًا للعطاء في المواقف الصعبة. [1]

ما هي نقاط التحسين في العمل؟

كل مؤسسة ناجحة تبدأ بتحليل الواقع قبل الانطلاق نحو التطوير، إذ إن معرفة نقاط الضعف هي الخطوة الأولى نحو التحسين الحقيقي. ولا تختلف المؤسسات الصحية عن غيرها في هذا الجانب؛ بل إن تعقيد بيئتها وتعدد التخصصات داخلها، يجعل عملية تحديد النقاط القابلة للتحسين أكثر أهمية ودقة.

تعرف أيضًا على: أساسيات الإدارة الصحية: الركائز التي يقوم عليها نجاح المؤسسات الطبي

تحسين بيئة العمل

تشمل نقاط التحسين في بيئة العمل الجوانب التنظيمية، مثل التداخل في المسؤوليات، وغياب توصيف وظيفي دقيق، أو بطء إجراءات اتخاذ القرار. كما تتعلق بكفاءة القيادة الإدارية، ومدى وضوح الرؤية والرسالة، وآلية توجيه الفرق وتوزيع المهام. عدم الوضوح في هذه المسائل يخلق توترًا مستمرًا بين الزملاء، ويؤدي إلى ضياع الوقت والجهد دون فاعلية حقيقية.

ومن أبرز النقاط التي تحتاج إلى تحسين في كثير من الجهات، هو أسلوب التواصل بين الأقسام، خاصة بين الأقسام الطبية والإدارية. فغياب التنسيق الفعّال، والاكتفاء بالتعليمات المكتوبة دون حوار مباشر، يؤدي إلى تأخير في الخدمة، وخلل في اتخاذ القرار. لذلك فإن تطوير نظم الاجتماعات الدورية، واستخدام أدوات رقمية للتواصل الفوري، مثل التطبيقات الذكية، يعتبر أحد أساليب تحسين بيئة العمل المؤثرة في جودة الأداء.

تعزيز الشفافية وتحديث النظم لرفع كفاءة بيئة العمل

أما الجانب البشري، فهو لا يقل أهمية. فبعض الموظفين يعانون من غموض في تقييم أدائهم، أو يشعرون بعدم التقدير، أو يهمّشون في اتخاذ القرارات. إن هذه الممارسات تهدر الطاقات وتشعر الكفاءات بالإحباط. وهنا تظهر الحاجة إلى نظم تقييم شفافة، قائمة على معايير واضحة، تترافق مع تغذية راجعة بنّاءة، وفرص حقيقية للترقي الوظيفي.

تعرف أيضًا على: الإدارة الصحية في المستشفيات: الأسس والتحديات لرفع جودة الرعاية الصحية

تحسين بيئة العمل

ولا يمكن تجاهل أن القطاع الحكومي تحديدًا يحتاج إلى دفعة تحديث كبيرة، ولهذا ظهرت مؤخرًا دعوات لتبنّي مقترحات لتطوير العمل الحكومي، منها: تقليص الإجراءات الورقية، وأتمتة العمليات الإدارية، وتحديث نظام الحوافز، وربط الأداء بالنتائج لا بالحضور فقط.

وقد بدأت بعض الجهات الصحية الحكومية في المملكة بالفعل بتنفيذ برامج “التحول المؤسسي”، الذي يهدف إلى جعل المستشفيات تعمل بمفهوم الشركات، لضمان المرونة والانضباط.

في المجمل، فإن التعرف على نقاط التحسين لا ينبغي أن يكون نقدًا سلبيًا. بل ممارسة تطويرية قائمة على البيانات، وتشارك فيها القيادات والموظفون على السواء. فكل نقطة ضعف يتم رصدها بدقة، تعتبر فرصة ذهبية لتحويل بيئة العمل إلى بيئة أكثر كفاءة وتوازنًا.

ما هي مقترحاتك لتطوير العمل؟

عندما نفكر في تطوير العمل داخل المؤسسات الصحية، يجب أن نبتعد عن الحلول الشكلية ونتوجه مباشرة نحو جوهر الأداء اليومي. فالتطوير لا يعني تغيير اللوحات أو تجديد الأثاث، بل يعني مراجعة السياسات، وتطوير أساليب الإدارة، وتحسين العلاقة بين الموظف والمؤسسة.

وفي هذا السياق، لا يمكن إحداث تغيير حقيقي دون إشراك الموظفين أنفسهم في عملية التحسين. فهم الأكثر دراية بالتفاصيل، والأكثر قدرة على اقتراح حلول واقعية قابلة للتطبيق.

تعرف أيضًا على: ماهي إدارة المستشفيات؟ القيادة الذكية للرعاية الصحية المتكاملة

وتأتي أهمية المقترحات من كونها نابعة من الميدان، وتستجيب لحاجات يومية فعلية، مثل تقليص الهدر، أو اختصار الوقت، أو تحسين التواصل بين الأقسام. ولعل من أبرز مفاتيح تحسين بيئة العمل هو تشجيع ثقافة المبادرة، من خلال تخصيص صندوق أفكار، أو عقد اجتماعات شهرية تطرح فيها المقترحات ويتم تحليلها ومكافأة أفضلها. هذا يخلق بيئة يشعر فيها الموظف بأنه شريك في القرار، لا مجرد منفّذ.

مقترحات لتطوير العمل الإداري

تحسين بيئة العمل

  • إلغاء البيروقراطية المعطلة واستبدالها بإجراءات رقمية مرنة.
  • إنشاء وحدات دعم إداري داخل الأقسام الطبية لتقليل الأعباء غير السريرية عن الأطباء.
  • تطوير برامج تأهيلية للقيادات الوسطى، لتمكينهم من إدارة الفرق بفعالية وحس إنساني.
  • تبني منهجية التحسين المستمر (Kaizen)، بحيث تكون كل عملية خاضعة للمراجعة والتطوير.
  • دمج التقييمات الدورية مع خطط الترقية المهنية لضمان استمرارية التحفيز.

كذلك فإن تطوير العمل يجب أن يتضمن التركيز على العلاقات بين الزملاء. فمن غير المعقول أن نتحدث عن بيئة ناجحة دون أن يكون هناك انسجام مهني، واحترام متبادل، وآليات لفض النزاعات. بيئة يسودها الهدوء، والوضوح، والدعم، تولّد إنتاجية حقيقية وتقلّل من الإرباك.

وأخيرًا، لا بد أن تترافق أي مقترحات تطويرية مع أدوات قياس دقيقة، تتابع النتائج وتراجع الأداء بموضوعية. إن اعتماد مؤشرات أداء واضحة، وربطها بالنتائج الفعلية، يسهّل عملية التقييم والتحسين، ويجعل التطوير عملية مستمرة وليست مجرد حملة مؤقتة. [2]

تعرف أيضًا على: مفهوم الثقافة الصحية

ما هي بيئة العمل الصحية؟

يقصد ببيئة العمل الصحية تلك البيئة التي تتيح للموظف العمل بأمان نفسي وجسدي، وتحفّزه على الإبداع، وتمنحه الشعور بالعدالة والانتماء. وهي لا تتوقف عند توفير المقاعد المريحة أو الإضاءة الجيدة، بل تمتد إلى طريقة الإدارة، وأسلوب التواصل، ووضوح الرؤية المؤسسية.

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن تحسين بيئة العمل لا ينعكس فقط على رضا الموظف. بل يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمة المقدمة، ورضا المستفيدين، وتقلص نسب الغياب والاستقالات.

عناصر بيئة العمل الصحية

ولتكون بيئة العمل صحية فعلًا، ينبغي أن تتضمن العناصر الآتية:

  • نظام داخلي عادل وواضح، يوزّع المهام والصلاحيات دون تمييز أو تحيّز.
  • علاقات زملاء مبنية على الاحترام، بعيدة عن الصراعات والمنافسة السلبية.
  • قيادة إدارية تمتلك مهارات التواصل والدعم، لا التسلط والعقاب.
  • قنوات رسمية للتعبير عن الرأي أو تقديم الشكاوى، مع آلية فعالة للاستجابة.
  • ثقافة مؤسسية تشجع على المشاركة والتطوع والابتكار.
  • برامج دعم نفسي ومهني، خصوصًا في القطاعات عالية الضغط كالمجال الصحي.
  • بيئة مكانية مريحة تتوفر فيها الإضاءة والتهوية ووسائل الاستراحة.
  • نظم واضحة للترقية والمكافآت، مرتبطة بالجدارة والنتائج.
  • مرونة في ساعات العمل أو آلية الدوام، حسب طبيعة الوظيفة.
  • تبني مقترحات لتطوير العمل الإداري بشكل عملي ومتدرج، وعدم الاكتفاء بالتخطيط الورقي.

تعرف أيضًا على: مظاهر الرعاية الصحية

وحين تتوفر هذه المقومات، فإننا نصل إلى ما يسمى بـ بيئة العمل الناجحة. وهي تلك التي يشعر فيها الموظف بأنه جزء من مشروع أكبر، وأن مساهمته محل تقدير حقيقي. هذا الشعور لا يشترى بالمال، لكنه يولّد ولاءً يدوم، ويجعل المؤسسة أكثر قدرة على المنافسة والصمود في وجه التحديات.

من خلال استعراضنا للعناصر الأساسية في موضوع تحسين بيئة العمل، يتضح أن المسألة ليست ترفًا تنظيميًا. بل ضرورة عملية لاستبقاء الكفاءات، وضمان استمرارية الأداء المتميز. بدءًا من الأفكار الإبداعية، مرورًا بالمقترحات التطويرية، وانتهاءً بترسيخ بيئة صحية متكاملة، يصبح واضحًا أن بناء بيئة عمل ناجحة يتطلب التزامًا عميقًا من القادة، وانخراطًا حقيقيًا من الموظفين. فكل خطوة تؤخذ في هذا الاتجاه، هي استثمار طويل المدى في البشر قبل الحجر.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة