الظاهر بيبرس: بطل المقاومة ضد الصليبيين والمغول

هل تظن أن بطلا عظيمًا قاد الجيوش وحرر البلاد يمكن أن ينهي حياته بفنجان قهوة مسموم؟ إنها قصة تثير الدهشة. فبين صفحات التاريخ الذي تتحدث عن بطولات الظاهر بيبرس قائد المماليك الفذ تكمن تفاصيل نهايته المأساوية التي لا تقل إثارة عن معاركه ضد الصليبيين والمغول. هذا المقال سيكشف لك عن جوانب خفية في حياة هذا القائد الأسطوري من أصوله الغامضة إلى وفاته المحيرة مسلطًا الضوء على شخصية استثنائية تركت بصماتها على تاريخ المنطقة.

ما هي ديانة الظاهر بيبرس؟

نشأ ببيرس في بيئة إسلامية وتاريخه يوضح مدى التزامه وتفانيه في خدمة الإسلام والمسلمين. كان بيبرس شخصية دينية يظهر ذلك بواسطة قراراته السياسية والعسكرية. فبعد توليه الحكم سعى لإحياء الخلافة العباسية في القاهرة بعد سقوط بغداد. مما يظهر حرصه على الجانب الديني والشرعي. كما كانت جهوده في توحيد الصفوف ضد أعداء الإسلام سواء، كانوا الصليبيين أو المغول دافعها الأساسي هو حماية بلاد المسلمين. تتجلى روحه الدينية أيضا في بناء المساجد، والمدارس، مثل جامع الظاهر بيبرس في القاهرة التي يعد شاهدا على اهتمامه بالعلوم الشرعية والعبادات.

تعرف أيضًا على: الإسكندر الأكبر: الفاتح المقدوني الذي غزا الشرق والغرب

إن الظاهر بيبرس لم يكن مجرد قائد عسكري بل كان أيضا حاكما. يؤمن بأهمية الدين في توجيه شؤون الدولة والمجتمع. كان يدرك أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي للحفاظ على هيبة الدولة بل يجب أن تدعم بقوة الإيمان والعدل، ولهذا كان يحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية في دولته، مما أكسبه احترامًا كبيرًا بين رعاياه. لقد أدرك بيبرس أن الإسلام هو مصدر القوة والهوية للشعوب التي يحكمها. ولذلك، كان يعمل على تعزيز هذه الهُوِيَّة بكل الوسائل المتاحة في هذا السياق. فيمكن القول إن إيمانه لم يكن مجرد شعائر بل كان عقيدة تحكم أفعاله وتوجه مسيرته كان يرى في الجهاد ضد أعداء الإسلام واجبا شرعيًا، وهو ما دفعه لتحقيق انتصارات تاريخية على الصليبيين والمغول.

تعرف أيضًا على: المعز لدين الله الفاطمي: أول خلفاء الفاطميين في مصر ومؤسس القاهرة

كان بيبرس يولي اهتمام كبير للشريعة الإسلامية. وقد عرف عنه استشارته للعلماء في كثير من أمور الدولة، لم يكن قراره بإحياء الخلافة العباسية بعد أن قضى المغول على آخر خلفاء بغداد قرار سياسي بحت. بل كان يظهر رغبته في استعادة الشرعية الدينية للحكم الإسلامي في مصر والشام.

الظاهر بيبرس كان يرى في الخلافة رمزا لوحدة المسلمين حتى وإن كانت رمزية في بعض الأحيان. وكان يحرص على إظهار دولته مركز لهذه الوحدة، لقد أظهر بيبرس بواسطة سياسته الحكيمة أنه كان يجمع بين القوة العسكرية والحكمة الدينية، مما جعله شخصية فريدة في عصره. كما كان يحرص على توزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين وهي عادة إسلامية أصيلة.

تعرف أيضًا على: فاطمة الفهرية: مؤسسة أول جامعة في العالم بمدينة فاس المغربية

من هو قاتل الظاهر بيبرس؟

تعدّ وفاة بيبرس من أكثر الأحداث غموضًا في التاريخ المملوكي. حيث تتعدد الروايات حول نهايته، تقول بعض المصادر التاريخية إن الأمير بكتوت نائب السلطنة هو من دبر مؤامرة لاغتيال الظاهر بيبرس عن طريق دس السم في شرابه. كانت الخِطَّة تتضمن تقديم فنجان قهوة مسموم له في أثناء تناوله الطعام وهو ما حدث فعلًا، وقد قيل إن بكتوت فعل ذلك بدافع الطمع في السلطة حيث كان يرى في بيبرس عائق أمام طموحاته. فهذه الرواية تظل الأكثر شيوعًا لكنها ليست الوحيدة حيث تختلف تفاصيلها من مصدر لآخر.

هناك روايات أخرى تتحدث عن أن الوفاة كانت طبيعية بسبب المرض. لكن هذه الرواية لا تحظ بقبول واسع نظرا لكون الظاهر بيبرس كان في أوج قوته ونشاطه. وتذهب بعض النظريات إلى أن زوجة بيبرس رقية زوجة الظاهر بيبرس. كانت على علم بالمؤامرة أو شاركت فيها إلا أن هذه المزاعم لم يتم إثباتها بشكل قاطع، أما التساؤل حول من سمم الظاهر بيبرس، فهو يظل محل جدل كبير بين المؤرخين. فكل رواية تحمل في طياتها تفاصيل جديدة تثير الدهشة بغض النظر عن السبب الحقيقي. فإن وفاة بيبرس شكلت صدمة كبيرة للمماليك ولقادة الأمة الإسلامية في ذلك الوقت.[1]

تعرف أيضًا على: أحمس الأول: طارد الهكسوس ومؤسس الدولة الحديثة في مصر القديمة

ما أصل عائلة بيبرس؟

• نشأ الظاهر بيبرس في بيئة متواضعة حيث كان من أصل تركي قفجاقي وهي قبيلة بدوية من السهول الشِّمالية للبحر الأسود.
• تم بيعه عبد في شبابه وانتقل بين عدة مالكين قبل أن يستقر به المطاف لدى الأمير علاء الدين أيدكين البندقداري.
• من هنا جاء لقبه “البندقداري” الذي ارتبط باسمه فيمَا بعد.
• لا توجد معلومات دقيقة عن أصل الظاهر بيبرس أو عائلته قبل بيعه مما يضفي غموضًا على بداياته.
• هذا الغموض في الأصل يجعله رمزا للقدرة على الصعود من القاع إلى القمة. حيث استطاع عبد مملوك أن يصبح سلطانا عظيمًا.
• إن قصة صعوده تظهر طبيعة المجتمع المملوكي الذي كان يسمح للمماليك بالوصول إلى أعلى المناصب بناء على كفاءتهم وشجاعتهم لا على أصلهم ونسبهم.
• تاريخ بيبرس الظاهر بيبرس تاريخ ومكان الميلاد. يوضح أن ولادته كانت في منطقة القفجاق وهو ما يظهر التنوع العرقي في جيش المماليك.
• مع أنّ أصوله المتواضعة فإنه أثبت قدرته على القيادة والتحكم في مصير أمة.[2]

تعرف أيضًا على: طارق بن زياد: فاتح الأندلس وصاحب الخطبة الخالدة

كيف كانت وفاة الظاهر بيبرس؟

توفي الظاهر بيبرس في دمشق عام 1277م، وكانت نهاية حياته مثيرة للجدل الرواية الأكثر شيوعا كما ذكرنا سابقا هي أنه توفي مسمومًا تقول القصة إنه في أثناء وليمة أقيمت في دمشق, قام الأمير بكتوت بوضع السم في كأس الظاهر بيبرس وهو ما أدى إلى وفاته بعد مدة قصيرة من مرضه ويعتقد أن المؤامرة كانت نتيجة صراع على السلطة، حيث كان بعض الأمراء يرغبون في التخلص منه لتولي الحكم وتوضح هذه الواقعة مدى خطورة الصراعات الداخلية في الدولة المملوكية وكيف يمكن أن تنتهي حياة أقوى القادة بسبب الخيانة.

هذه النهاية المأساوية لا تقلل من قيمة بيبرس قائد عظيم. بل تزيد من غموض شخصيته لقد حارب الصليبيين في معركة المنصورة وقاد الجيش في معركة عين جالوت الشهيرة وحرر العديد من المدن الإسلامية من قبضة المغول. ومع ذلك لم يستطع أن ينجو من مؤامرة داخلية، لقد كان الظاهر بيبرس قائدًا فذ لكنه كان أيضا إنسان عرضة للضعف والخيانة. هذا الجانب الإنساني من قصته هو ما يجعله شخصية تاريخية أكثر تعقيدًا وإثارة للاهتمام.

تعرف أيضًا على: المقداد بن الأسود: من أوائل فرسان الإسلام وممن حضروا بدر

في الختام يظل الظاهر بيبرس من أعظم قادة التاريخ الإسلامي، فقد كان بطلا عسكريا وقائدًا سياسيًا أثبت قدرته على صد أقوى الأعداء, ومن أصوله المتواضعة عبد مملوك ارتقى ليصبح سلطانا قويا، لكن نهايته كانت مأساوية وغامضة مما يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة السلطة والصراعات التي تحيط به.

• Encyclopedia.comAl-Zahir Baybars -بتصرف
• Encyclopædia BritannicaBaybars I-بتصرف

مشاركة المقال

وسوم