دورة حياة البركان من النشوء إلى الانقراض

تعد دورة حياة البركان ظاهرة جيولوجية معقدة ومثيرة. تظهر كيف تتطور هذه التكوينات الطبيعية من مجرد شق في قشرة الأرض إلى جبل شاهق ينفث الحمم ثم يعود ليسكن ويتحول في النهاية إلى معلم طبيعي صامت. إن فهم هذه الدورة يمنحنا منظور أعمق للعمليات الجيولوجية التي تشكل كوكبنا ويبين أن البركان ليس مجرد قوة تدميرية، بل هو كائن جيولوجي يمر بمراحل طبيعية مثل أي كائن حي. هذه الدورة تحدد طبيعة النشاط البركاني وأخطاره وتشير إلى أن كل بركان يمتلك “سيرة حياة” خاصة به قد تمتد لآلاف أو حتى ملايين السنين مما يجعله شاهد صامت على تاريخ الأرض الجيولوجي.

ما هي مراحل حدوث البركان؟

تمر دورة حياة البركان. بثلاث مراحل رئيسية تحدد حالته ونشاطه فتبدأ هذه المراحل بمرحلة التكوين. حيث تتجمع الصخور المنصهرة (الماجما) في غرف ضخمة تحت الأرض وتتصاعد تدريجياً عبر قنوات وشقوق في القشرة الأرضية. مع كل ثوران تتصلب الحمم والرماد المتساقط حول الفتحة. مما يؤدي إلى بناء المخروط البركاني طبقة فوق طبقة. تليها مرحلة النشاط التي يمكن أن تكون مستمرة. مثل بركان سترومبولي في إيطاليا الذي يطلق عليه “منارة البحر الأبيض المتوسط”، أو متقطعة بعنف مثل بركان سانت هيلين، في هذه المرحلة يطلق البركان الحمم البركانية والرماد والغازات وتتحدد طبيعة الثوران بتركيب الماجما وكمية الغازات المحتجزة فيها.

تأتي بعد ذلك  في دورة حياة البركان. مرحلة الخمول. حيث تتوقف الثورات البركانية لفترة طويلة. وقد تمتد هذه الفترة لمئات أو آلاف السنين. وتعرف خلالها البراكين بالبراكين “النائمة”. فخلال هذا الوقت تستمر الماجما في التجمع تحت الأرض ويزداد الضغط مما يجعلها قنبلة موقوتة. إن دورة حياة البركان. توضح أن الهدوء لا يعني الأمان التام، أما المرحلة الأخيرة فهي الانقراض. حيث يتوقف تدفق الماجما من مصدرها الأساسي وتبرد وتتصلب تماماً. في مساراتها الداخلية مما يمنع أي ثورات مستقبلية فيتحول البركان في هذه الحالة إلى جبل عادي. وقد تتآكل جوانبه ببطء بفعل عوامل التعرية بمرور الزمن ليصبح مجرد ذكرى جيولوجية.[1]

تعرف أيضًا على: أكبر بركان في العالم وأبرز ثوراته

ما هو البركان وكيف يحدث؟

يعد البركان شق أو فتحة في قشرة الأرض يسمح بخروج الصخور المنصهرة (الماجما) والرماد البركاني والغازات من باطن الأرض إلى السطح. عند فهم تعريف البراكين واسبابها ونتائجها. يتضح أن السبب الرئيسي لحدوثها. يكمن في العمليات المعقدة تحت سطح الأرض فتحدث البراكين غالباً عند حدود الصفائح التكتونية. سواء كانت متقاربة (مناطق الاندساس) أو متباعدة (مناطق الصدوع). في مناطق الاندساس تغوص صفيحة تحت أخرى مما يؤدي إلى انصهار الصخور وتكون الماجما، أما في مناطق الصدوع فتبتعد الصفائح عن بعضها. مما يخلق مسار للماجما لتصعد إلى السطح كما يمكن أن تحدث البراكين في نقاط ساخنة (Hotspots) في منتصف الصفائح مثل سلسلة جزر هاواي.

تختلف نتائج الثورات البركانية بشكل كبير بناء على نوع الماجما فإذا كانت الماجما خفيفة وغنية بالغازات تكون الثورة عنيفة وانفجارية وتطلق سحب هائلة من الرماد والغازات السامة التي تشكل خطر على المناطق المحيطة. أما إذا كانت الماجما كثيفة وفقيرة بالغازات فإنها تتدفق ببطء على شكل أنهار من الحمم تدمر كل ما في طريقها ولكنها أقل خطورة على الأرواح فإن دورة حياة البركان تظهر أن البركان ليس مجرد مصدر للدمار بل هو جزء من عملية بناء القشرة الأرضية حيث تساهم الحمم المتصلبة في تكوين أراضٍ جديدة وجزر بركانية كما تخصب التربة المحيطة به على المدى الطويل.[2]

تعرف أيضًا على: أشهر البراكين اليابانية: بركان فوجي

ما هي أنواع البراكين من حيث النشاط؟

تصنف البراكين إلى ثلاثة أنواع رئيسية بناء على نشاطها مما يعطي مؤشر على مكانها في دورة حياة البركان.

النوع الأول هو البراكين النشطة (Active Volcanoes) وهي البراكين التي ثارت في الماضي القريب أو تظهر علامات على وجود نشاط حالي. مثل انبعاث الغازات أو الزلازل البركانية فتعد هذه البراكين الأكثر خطورة وتخضع لمراقبة مستمرة من قبل العلماء لكي يتم التنبؤ بثورانها وإخلاء المناطق المحيطة في الوقت المناسب. مثال على ذلك بركان إتنا في إيطاليا الذي يثور بشكل متكرر.

النوع الثاني هو البراكين الخامدة أو النائمة (Dormant Volcanoes). وهي التي لم تثر منذ فترة طويلة ولكنها لا تزال تحتفظ بإمكانية الثوران مرة أخرى في المستقبل مما يجعلها مصدر للخطر غير المتوقع.

تعرف أيضًا على: الجزر البركانية في المحيطات وكيف تكونت

فإن أخطار البراكين ثالث متوسط. تعد موضوع هاما للدراسة فالبراكين الخامدة. مثل بركان فيزوف الذي دمر مدينة بومبي الرومانية تثبت أن الهدوء قد يسبق العاصفة فتشمل الأخطار المباشرة. التي قد تنجم عن أي بركان بغض النظر عن نوعه تدفقات الحمم البركانية التي تدمر كل ما في طريقها وسحب الرماد والغازات السامة. التي تشكل خطر على التنفس بالإضافة إلى تدفقات الطين البركاني (اللاهار) التي تتشكل عند اختلاط الرماد بالماء.

 أما النوع الثالث من البراكين فهو المنقرضة (Extinct Volcanoes) وهي التي لا يتوقع أن تثور مرة أخرى أبدا. وتحولت إلى معلم طبيعي فإن فهم دورة حياة البركان. يساعد في التمييز بين هذه الأنواع وتحديد مستويات المخاطر المرتبطة بكل منها.

تعرف أيضًا على: بركان بيناتوبو الفلبين وانفجاراته الشهيرة

ما هي الإجراءات الوقائية من البراكين؟

تعتبر الوقاية من البراكين أمر حيوي لضمان سلامة الأرواح والممتلكات خاصة للمجتمعات. التي تعيش بالقرب من المناطق البركانية النشطة. إن معرفة ما يجب فعله قبل وأثناء وبعد الثوران البركاني. يمكن أن يحدث فرق كبير في تقليل الأضرار فتشكل هذه المعرفة جزء أساسي من المنهاج الدراسي خاصة في الإجراءات الوقائية من البراكين 3 متوسط .حيث يتعلم الطلاب كيفية التعامل مع هذه الظاهرة الطبيعية من خلال خطط واستعدادات واضحة.

تعرف أيضًا على: الجبال البركانية في أفريقيا وأهميتها

تتضمن هذه الإجراءات الوقائية ما يلي

• قبل الثوران: يجب على السكان القاطنين بالقرب من البراكين إعداد خطة طوارئ عائلية وتحديد نقاط تجمع آمنة وطرق إخلاء بديلة. كما ينصح بإعداد حقيبة طوارئ تحتوي على الماء والطعام غير القابل للتلف ،ومستلزمات الإسعافات الأولية، ومصباح يدوي ،وبطاريات إضافية بالإضافة إلى أقنعة واقية للوجه لتجنب استنشاق الرماد. فيجب متابعة تحذيرات السلطات المختصة والالتزام بالإرشادات الصادرة عنها.
• أثناء الثوران: يجب البقاء في الأماكن المغلقة قدر الإمكان لحماية الجهاز التنفسي من الرماد البركاني والغازات السامة. وفي حال الاضطرار للخروج يجب ارتداء قناع واقي وغطاء للرأس والعينين كما يجب تجنب المناطق المنخفضة التي قد تتجمع فيها الغازات السامة أو تتدفق إليها الحمم البركانية. فينصح بالصعود إلى الأماكن المرتفعة الآمنة في حال كان هناك خطر من تدفقات الحمم أو الطين.
• بعد الثوران: يجب الاستماع إلى الإرشادات الرسمية. قبل العودة إلى المنزل وتجنب لمس أي شيء ساخن أو ملوث بالرماد كما يجب تنظيف الأسطح من الرماد المتراكم بحذر لأنه قد يتسبب في انهيار الأسطح إذا أصبح ثقيل بسبب المطر.

تعرف أيضًا على: زلزال سان فرانسيسكو وأبرز الدروس

في الختام تعد دورة حياة البركان. ظاهرة طبيعية فريدة تظهر قوة الطبيعة في التكوين والتحول. فإن فهم هذه الدورة ومراحلها المختلفة من التكوين إلى الانقراض لا يمكننا من تقدير هذه القوة فحسب ،بل يساعدنا أيضا على اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لضمان سلامة الأرواح والممتلكات في مواجهة أخطارها المحتملة.

• United States Geological Survey (USGS) The Life Cycle of a Volcano -بتصرف
• National Aeronautics and Space Administration (NASA) What Is a Volcano -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم