الفرق بين علم الأبراج والفلك

إن علم الأبراج والفلك من الأمور التي أثارت جدلاً واسعاً عبر التاريخ، فهو علم يقوم على دراسة حركة النجوم والكواكب وربطها بحياة الإنسان وأحداثه اليومية. وقد انقسم الناس حوله بين من يراه علماً له أسس فيزيائية وفلكية دقيقة، وبين من يعدّه وهماً وخرافة تتعارض مع العقيدة الإسلامية. ولأن الإنسان يسعى دائما الي معرفة نفسة أكثر ويتطلع إلى مستقبله فقد وجد في هذا المجال انجذاب كبيرا.
لماذا حرم الله علم الفلك؟

عند الحديث عن تحريم الله سبحانه وتعالى لبعض الممارسات المرتبطة بما يسمى بـ علم الأبراج والفلك، يجب أن نضع في الاعتبار أن الإسلام لم يحرم النظر في الكون أو التأمل في عظمة السماوات، بل على العكس تمامًا، فقد وردت في القرآن الكريم عشرات الآيات التي تحث على تدبر النجوم والكواكب كآيات على عظمة الخالق. قال تعالى: “وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر” [الأنعام: 97]. لكن الإشكال وقع عندما تحوّل هذا التأمل المشروع إلى وسيلة للتنبؤ بالغيب وربط الأقدار بحركة الكواكب.
لقد جاء التحريم من منطلقين أساسيين
- الأول: أن الله تعالى هو وحده عالم الغيب، ولا يمكن لأي إنسان أن يدرك ما سيحدث في المستقبل إلا بما قدّره الله. والادعاء بأن مواقع الكواكب تؤثر في مصائر الناس هو ادعاء يناقض التوحيد ويشرك مخلوقات في علم الله.
- الثاني: أن هذه الممارسات تجر الإنسان إلى التعلق بغير الله، فيصبح رهينًا لتوقعات المنجّمين، فيفقد حريته الداخلية ويتنازل عن يقينه بالله لصالح خرافات لا سند لها.
ومن الناحية التاريخية، فإن الأمم القديمة كالبابلية والمصرية واليونانية مارست التنجيم وظنّت أن للكواكب سلطات على البشر. ومع أن علم الفلك كعلم طبيعي تطور لاحقًا وأصبح قائمًا على الرياضيات والمراقبة العلمية، إلا أن الأبراج بقيت مرتبطة بالجانب الشعوذي الذي يتنبأ بالمستقبل.
إن تحريم الله تعالى لهذا العلم لم يكن سدًا للفضول البشري أو حجرًا على المعرفة، بل جاء لحماية عقيدة الإنسان من الانزلاق إلى أوهام قد تهدم صلته بخالقه. فعندما يعتمد المرء على التوقعات الفلكية في قراراته، فإنه يضع ثقته في غير محلها، وربما يغير مسار حياته بناءً على كذبة. وهذا ما أكدته الأحاديث النبوية مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد” [رواه أبو داود].
وقد لاحظ العلماء المسلمون عبر التاريخ الفرق الجوهري بين علم الفلك (المشروع) وعلم التنجيم (المحرم). فالأول يساعد على تحديد المواقيت والقبلة ورصد الأهلة وتنظيم الزمن، وهو علم نافع يحتاجه المسلمون في عباداتهم ومعايشهم. أما الثاني فهو باطل لأنه ادعاء للغيب.
إن هذا الموقف الحازم يعبّر عن رؤية الإسلام العميقة للعلم والمعرفة. فهو يشجع على البحث والاستكشاف ما دام لا يتجاوز حدود العقل البشري ولا يدعي مشاركة الله في سلطانه. وبالتالي، فإن تحريم الله تعالى للأبراج والتنجيم هو في حقيقته دعوة لحفظ صفاء العقيدة وتحرير الإنسان من قيود الأوهام، حتى يظل معتمدًا على ربه في السراء والضراء.
تعرف أيضًا على: الخارطة الفلكية
ما علاقة الأبراج بعلم الفلك؟
حين نبحث في العلاقة بين علم الأبراج والفلك نجد أنفسنا أمام مفترق طرق بين علمين يبدوان متشابهين ظاهريًا ولكنهما مختلفان في الجوهر اختلافًا جذريًا. فكلمة “فلك” في أصلها تشير إلى دراسة مواقع الأجرام السماوية وحركتها وفق قوانين دقيقة تخضع للرصد والقياس الرياضي. أما “الأبراج” فهي منظومة رمزية ابتكرها القدماء لتقسيم السماء إلى اثني عشر جزءًا، يربطون كل جزء منها بصفات وشخصيات وأقدار بشرية.
إن العلاقة بين الأبراج والفلك علاقة تقارب أكثر منها علاقة تطابق، لأن الناس في العصور القديمة لم يفرقوا بين العلم التجريبي والخرافة. فقد استخدم البابليون واليونانيون والهنود معرفة النجوم لحساب الزمن وتحديد الفصول، لكنهم في الوقت نفسه ابتدعوا فكرة الأبراج كرموز للقدر. ومن هنا بدأ الخلط بين “الفلك” باعتباره علمًا دقيقًا، و”الأبراج” بوصفها أداة للتنجيم والتكهنات.
وإذا تأملنا في أساس العلاقة نجد أن الأبراج اعتمدت على ملاحظات فلكية حقيقية، مثل تقسيم دائرة البروج إلى اثني عشر برجًا وفق حركة الشمس في مسارها الظاهري. غير أن التحريف وقع حين نسبت صفات نفسية وسلوكية لكل برج، وكأن الإنسان أسير للنجوم التي ولد تحتها. وهنا يتضح الفرق بين الحقيقة العلمية التي تقرر أن الكواكب تتحرك في مدارات ثابتة، والوهم الذي يربط هذه الحركات بأمزجة البشر ومستقبلهم.
وقد ناقش العلماء المسلمون هذه المسألة بعمق. فابن خلدون مثلًا أوضح أن التنجيم باطل لأنه لا يقوم على دليل حسي أو برهان عقلي، بينما الفلك علم مقبول لأنه يعتمد على التجربة والمشاهدة. وكذلك فرّق الفقهاء بين استخدام الفلك في تحديد القبلة أو مواعيد الصلاة، وهو أمر مشروع، وبين استخدام الأبراج للتنبؤ بالمستقبل، وهو محرم.
العلاقة إذن يمكن تلخيصها في النقاط التالية
- التقاطع: الأبراج تستند إلى بعض المعطيات الفلكية مثل مواقع الشمس والقمر.
- الافتراق: الفلك علم تجريبي دقيق، أما الأبراج فهي ظنون وتكهنات لا أساس لها.
- الخطورة: الناس يخلطون بين الاثنين، فيظنون أن ما يقال في الأبراج له قيمة علمية وهو في الحقيقة ادعاء غيبي.
إن الفصل بين الأبراج والفلك ضرورة معرفية ودينية في آن واحد. فمن جهة العلم، لا يمكن وضع التنجيم في مصاف العلوم التجريبية لأنه يفتقد إلى أي دليل قابل للاختبار. ومن جهة العقيدة، فإن الخلط بينهما قد يؤدي إلى الانحراف عن التوحيد والوقوع في الاعتماد على غير الله.
وعليه، فإن العلاقة الحقيقية بين الأبراج والفلك هي علاقة “أصل وفرع منحرف”. فالفلك أصل مشروع قائم على رصد السماء، بينما الأبراج فرع شاذ وظّف تلك الملاحظات بطريقة غير علمية ليبني عليها قصصًا وأساطير عن شخصية الإنسان وحياته. وهكذا تظل الأبراج مجرد ظل باهت لعلم الفلك، لكنها تحمل في طياتها خطرًا على الفكر والعقيدة إذا لم يدرك الناس هذا الفرق الجوهري.[1]
تعرف أيضًا على: تواريخ الأبراج الصينية
من أين أتى علم الأبراج؟
إن السؤال عن أصل علم الأبراج والفلك يقودنا إلى رحلة طويلة عبر التاريخ البشري، حيث امتزجت المعرفة الفلكية بالأساطير والطقوس الدينية القديمة. فقد نشأ هذا العلم المزعوم في حضارات وادي الرافدين، وبالتحديد عند البابليين الذين كانوا من أوائل الشعوب التي راقبت السماء بدقة، فسجلوا حركة الشمس والقمر والنجوم على الألواح الطينية. كانوا يرون أن للنجوم تأثيرًا مباشرًا على الزراعة والحروب وحتى على ولادة الملوك وموتهم. ومن هنا ولدت فكرة تقسيم دائرة البروج إلى اثني عشر برجًا، لكل برج صفاته ودلالاته.
انتقلت هذه الأفكار من البابليين إلى المصريين القدماء، الذين ربطوا الأبراج بآلهتهم ونظامهم العقائدي، حيث كان لكل كوكب عندهم إله يمثله، ولكل إله تأثير على البشر. ثم ورث الإغريق والرومان تلك التصورات وأضافوا إليها بعدًا فلسفيًا، فقد اعتقد الفيلسوف بطليموس أن مواقع النجوم عند ولادة الإنسان تحدد شخصيته ومصيره، ووضع مؤلفات ساهمت في نشر التنجيم على نطاق واسع.
لم يتوقف الأمر عند الحضارات القديمة، بل انتقلت الأفكار إلى العصور الوسطى عبر الترجمات العربية للكتب اليونانية. صحيح أن علماء المسلمين فرّقوا بين الفلك المشروع والتنجيم الممنوع، إلا أن كثيرًا من الناس استمروا في الخلط بينهما، فظنوا أن للأبراج قوة غيبية. وقد حارب الفقهاء هذه المعتقدات، وبيّنوا أنها من الخرافات التي لا أصل لها في الشرع أو العقل.
أما في العصر الحديث، فقد أعاد الغرب إحياء التنجيم في قالب جديد، عبر الصحف والمجلات التي بدأت بنشر “حظك اليوم”، وأصبحت الأبراج وسيلة للترفيه عند البعض، لكنها في الوقت نفسه أداة خطيرة تؤثر على عقول الشباب وتجعلهم يربطون حياتهم بظنون وأوهام.
تعرف أيضًا على: ماهى عيوب برج الدلو
إذن نستطيع القول إن أصل علم الأبراج يعود إلى
- البابليين: الذين وضعوا أسس تقسيم دائرة البروج.
- المصريين والإغريق: الذين أعطوا للأبراج طابعًا دينيًا وفلسفيًا.
- العصور الوسطى: حيث امتزج التنجيم بالفلك في الكتب المترجمة.
لكن رغم هذا التاريخ الطويل، يظل علم الأبراج مجرد اعتقاد بشري لا يستند إلى دليل علمي ولا إلى برهان شرعي. إنه ابن الخيال البشري أكثر من كونه ثمرة للعلم، وما زال يعيش حتى اليوم بفضل ميل الإنسان إلى البحث عن الغيب وربط مصيره بالنجوم.
تعرف أيضًا على: رجل برج الثور
ما هو أساس علم الأبراج؟
يقوم علم الأبراج والفلك على تقسيم دائرة البروج إلى اثني عشر برجاً، كل برج يمثل شهراً تقريباً من السنة. ويزعم أن موقع الشمس أو القمر أو الكواكب ساعة ميلاد الشخص يحدد صفاته وميوله ومستقبله.
- برج الحمل يرمز إلى القوة والاندفاع.
- برج الثور يشير إلى الثبات والمثابرة.
- برج الجوزاء يعبر عن الذكاء والتقلب.
غير أن هذه الأسس تفتقر إلى المنهج العلمي الدقيق. فلا دليل علمي يثبت أن موقع نجم يحدد شخصية إنسان أو قدره. بل إن الدراسات الحديثة تؤكد أن شخصية الإنسان تتأثر بعوامل بيولوجية واجتماعية ونفسية، لا بعوامل فلكية. ولذلك فإن الأساس الذي يقوم عليه التنجيم لا يعدو أن يكون موروثاً قديماً من الخيال البشري.
علم الأبراج في الإسلام
لقد تعامل الإسلام مع علم الأبراج والفلك بحزم ووضوح. فقد نهى النبي ﷺ عن إتيان الكهنة والمنجمين، واعتبر من يصدقهم قد كفر بما أنزل على محمد. فالإيمان بالأبراج على أنها تكشف الغيب يناقض عقيدة التوحيد.
لكن الإسلام لم يرفض الفلك كعلم، بل شجعه وأوصى بالنظر في السماوات للتفكر في عظمة الخالق. فالفرق بين الفلك والأبراج هو الفرق بين العلم والخرافة. ولذا أكد العلماء أن من يدرس حركة النجوم لمعرفة المواقيت والقبلة لا حرج عليه، أما من يعتقد أن الأبراج تحدد مصيره، فقد وقع في المحرم.
تعرف أيضًا على: عيوب برج القوس
علم الأبراج في القرآن
تناول القرآن الكريم علم الأبراج والفلك في سياق التفكر والتدبر. فقد ذكر الله النجوم في مواضع عديدة كدلائل على قدرته: «وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها». فوظيفة النجوم في القرآن واضحة: الهداية، والزينة، ورجم الشياطين.
أما نسبتها للغيب أو ربطها بالمستقبل، فليس له أصل في كتاب الله. بل جاء التأكيد على أن علم الغيب خاص بالله وحده. قال تعالى: «وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو». ومن هنا نفهم أن القرآن أعطى النجوم وظيفة علمية وروحية، لكنه لم يربطها بمصير البشر كما يزعم المنجمون.
الأبراج حسب الشهر
يقسم علم الأبراج والفلك الأبراج إلى اثني عشر برجاً حسب الشهور، تبدأ من الحمل وتنتهي بالحوت. ويزعم المنجمون أن لكل شهر برجاً يحدد شخصية من يولد فيه.
فمثلاً:
- مواليد مارس وأبريل ينتمون إلى برج الحمل.
- مواليد أبريل ومايو ينتمون إلى برج الثور.
- مواليد مايو ويونيو ينتمون إلى برج الجوزاء.
لكن هذه التقسيمات لم تبن على أسس علمية، بل على ملاحظات بدائية قديمة. ورغم ذلك، لا يزال الناس ينجذبون إليها بحثاً عن الطمأنينة أو الفضول. ويبقى الموقف الصحيح أن ننظر إلى الأبراج كتسلية لا أكثر، دون أن نمنحها سلطة على حياتنا أو قراراتنا.[2]
تعرف أيضًا على: برج القوس الرجل
في الختام إن الحديث عن علم الأبراج والفلك يؤدي إلى التمييز بين العلم النافع والخرافة الضارة. فالفلك علم قائم على الحسابات الدقيقة ورصد الكون، وهو علم نافع يساعد الإنسان على إدراك عظمة الله. أما الأبراج فهي محاولة بشرية قديمة لربط المصير بحركة النجوم، وهو أمر محرم في الإسلام ومرفوض في القرآن. وقد بيّنا في هذا المقال أصول هذا العلم، وعلاقته بالدين، وأسباب تحريمه. ويبقى دور المسلم أن يوظف عقله في العلم النافع، ويتجنب ما يضر إيمانه أو يشتت فكره. إن النجوم زينة للسماء، وآية من آيات الخالق، وليست مفاتيحاً للغيب. وبذلك نحافظ على عقيدتنا نقية، ونعيش في انسجام بين الإيمان والعلم.
المراجع
- Earth sky What is the zodiac? Why is it important in astronomy? (بتصرف)
- Allura 12 Zodiac Signs: Dates and Personality Traits of Each Star (بتصرف)
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

الأبراج الهوائية وصفاتها المميزة

الأبراج النارية ومميزاتها في الحب والعمل

قيلولة الطفل وفوائدها للنمو والصحة

أفضل تطبيقات لمتابعة نمو الطفل

الأبراج وعلاقتها بعلم النفس

الأبراج الترابية وسماتها الشخصية

أهمية الحوار الأسري بين الواقع والتطبيق

أفضل أنشطة نهاية الأسبوع للعائلات السعودية

أحدث ألوان دهانات تناسب المنازل العصرية

نصائح لتخفيف أعمال المنزل

مميزات برج السرطان وعلاقاته

تقوية مناعة الطفل بطرق طبيعية

بدائل الحليب النباتية وفوائدها للجسم

مميزات برج الجوزاء التي تجعله مميزًا عن غيره
