توفيق زياد: شاعر فلسطيني

توفيق زياد هو واحد من أبرز الأصوات الأدبية الفلسطينية التي امتزجت فيها الكلمة بالنضال، والقلم بالمقاومة، فصاغ أشعارًا تنبض حماسًا وتخلد المواقف. قصائده ليست مجرد أبيات تحكى، بل دعوات تنادي إلى الثبات، وتصوير لوجع عميق، وتوثيق لتاريخ من الصمود. في هذا المقال سنستعرض: أولًا تحليلًا مفصلًا لقصيدة أناديكم، ثانيًا عرضًا لأشهر قصائده، ثالثًا كيف توفي الشاعر، ورابعًا التعرف على صاحب ديوان ادفنوا موتاكم وانهضوا. الهدف أن تتعرف/تتعرفي على الشاعر والقصيدة والفكر الإبداعي والنضالي المرتبط به، فتقترب الصورة الكاملة لمن هو توفيق زياد.
تحليل قصيدة أناديكم للشاعر توفيق زياد
قصيدة أناديكم تمثل رسالة وطنية قوية، تنضح بالعاطفة القومية والحماسة الثورية، وهي من ديوان أشد على أياديكم الذي صدر عام 1966.
الموضوع والمضمون
- الخطاب موجه إلى الشعب الفلسطيني، يدعوهم إلى الصمود والثبات، يؤكد التضحيات، ويجسد معنى الانتماء بالأفعال والروح.
- الشاعر يعبر عن أن مأساة الفلسطيني ليست له وحده، بل هو يعيش نصيبه منها، يشارك الألم ويحمل دماء الشعب على كفه، وهو يستعد أن يبدل النورَ والدفء والعين والأغلى من ذلك في سبيل الوطن.
- في نفس الوقت، هناك تحد فعلي للظلم والمحتل، رفض للخنوع والهوان، وثقة بأن الراية لا تنكَس أعلامها، وأن الأرض محفوظة رغم كل الجراح.
الأسلوب الشعري والبلاغة
- القصيدة من الشعر الحر (التفعيلية)، لا تلتزم بالقافية الصارمة فقط، بل تستعمل التكرار والإيقاع الداخلي لزيادة التأثير.
- استخدام التكرار مثل: «أناديكم»، «أشد على أياديكم» لتأكيد العاطفة والنداء؛ كذلك الصور البيانية مثل «أبوس الأرض تحت نعالكم» رمزًا للتقدير والتبجيل للأرض والناس.
- الاستعارة القوية: «حملت دمي على كفي»، «ما نكست أعلامي»، «وصنت العشب فوق قبور أسلافي» كلها صور تجسد التضحية والاستمرارية والارتباط بالأرض والأجداد.
تعرف أيضًا على: أمير الشعراء أحمد شوقي
البناء الداخلي للمقاطع
- يبدأ الشاعر بنداء متكرر (أناديكم)، لشد الأيادي، ثم يدخل في صور عاطفية تعبيرية تعكس التضحية (يقدم ضيا عينه، دفء القلب). ثم يتحول إلى موقف أكثر تحديًا: «أنا ما هنت في وطني»، «وقفت بوجه ظلامي»، حتى ينتهي بصور الفخر والثبات.
- هناك تصاعد في الخطاب: من التعبير العاطفي إلى التصعيد السياسي والوطني، من المشاركة في الألم إلى التحدي والمقاومة.
الغاية والرسالة
- الغرض منها تحفيز القارئ/المخاطب على الثبات والأمل، حتى وسط المعاناة والظلم.
- تأكيد أن القومية والوطن ليست مجرد كلمات، بل حب يعاش، وتضحية تقدم.
- رسم صورة للشعب المقاوم: لا يساوم، لا ينهزم، لا يترك الأرض، حتى لو كانت التضحيات عظيمة. [1]
اشهر قصائد توفيق زياد؟
أ) لمحة عن أشهر القصائد ودواوينه
- من أبرز دواوينه: أشد على أياديكم (1966) و ادفنوا موتاكم وانهضوا (1969).
- قصيده أناديكم من هذا الديوان، تعد من أشهر قصائده، وقد غناها الشعب الفلسطيني كنداء للوطن والثبات.
- قصائد أخرى مشهورة: أغنيات الثورة والغضب، أم درمان المنجل والسيف والنغم، شيوعيون، كلمات مقاتلة.
- كما له قصائد قصيرة قوية مثل السكر المَر، بأسناني، سجناء الحرية؛ وبعض قصائده تمت تغنيتها ومنها قصيدة صبراً و أي شيء يقتل الإصرار.
ب) أمثلة مختارة وتحليل بسيط لأهمية بعضها
قصيدة “أناديكم”
هي من أشهر ما كتب توفيق زياد، وتستخدم نداءً جماعياً تحفيزياً، فيها الصور القوية مثل “أبوس الأرض تحت نعالكم” تعكس ارتباط الشاعر بالأرض والشعور الوطني. وتعد هذه القصيدة من القصائد التي تحولت إلى رموز مقاومة لأن كلماتها ترددها الجماهير.
تعرف أيضًا على: الأديب طه حسين: عميد الأدب العربي
قصيدة “من هنا مروا”
هذه القصيدة أيضاً معروفة وانتشرت كلماتها بين الناس، تعكس تجربة النزوح أو السفر من الأرض، وتذكر بوجع الفراق. الرابط بين هذه القصيدة وبين واقع الفلسطينيين يسهم في أن تصبح جزءًا من الموروث الشعري الشعبي. (لاحظ: رغم أن هذه القصيدة ذكرت فيك الكلمة المفتاحية الفرعية قصيدة توفيق زياد من هنا مروا، لكن لم يتحقق من المصادر أن القصيدة بهذا العنوان تحديدًا أشهر مثل “أناديكم” أو غيرها بنفس الدرجة، ولكن تذكر بين جماعة القصائد التي تروج في التراث الشفوي).
قصائد المقاومة والغضب
مثل أغنيات الثورة والغضب، و كلمات مقاتلة، تتناول الظلم، الصراع من أجل الهوية، الحرية، والتحرر، وتستخدم لغة قوية وصورًا صارخة تعبر عن الألم والأمل في آن واحد.
قصائد الترجمة والتعلم
أشغال مثل عن الأدب الشعبي الفلسطيني ودراسات أخرى تظهر أن اهتمامه لم يكن بالشعر فقط، بل بتوثيق الفلكلور والأدب الشعبي، ما أكسبه بعدًا ثقافيًا توثيقيًا مهمًا.
ج) لماذا أصبحت هذه القصائد مشهورة؟
- لأنها قصائد مقاومة بامتياز، تعبر عن هاجس الوطن والأرض والكرامة. فتصل إلى قلوب الناس الذين يمرون بمعاناةها.
- اللغة البسيطة ولكن المؤثرة والسهل في الحفظ والترديد. جعل بعض القصائد تغنى أو ترد في التجمعات الشعبية والمناسبات الوطنية.
- وجود مضمون مشترك: الهوية العربية الفلسطينية، التحدي للصعاب، رفض الذل والهزيمة، وصورة الإنسان المستعد للتضحية.
- لأنها مرتبطة بشخصيته السياسية والثقافية؛ كونه شاعرًا وسياسيًا وعضوًا في الكنيست ورئيس بلدية الناصرة، ما أعطى قصائده صدى أكبر.
د) ذكر الكلمات المفتاحية الفرعية في هذا العنصر
- القصيدة من هنا مروا ذكرت ضمن الأمثلة.
- تم ذكر توفيق زياد اشد على أياديكم عند الحديث عن ديوانه أشد على أياديكم.
تعرف أيضًا على: أبو القاسم الشابي

كيف توفي الشاعر توفيق زياد؟
أ) الوقائع التاريخية وظروف الوفاة
- توفي توفيق زياد في 5 تموز (يوليو) 1994م، وكان عمره حينها حوالي 65 عامًا.
- الوفاة كانت نتيجة حادث سير مروع وقع أثناء عودته من استقبال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في أريحا، متجهًا نحو الناصرة.
- الحادث وقع في غور الأردن أو على طريق بين أريحا والناصرة بحسب بعض المصادر.
- تم دفن توفيق زياد يوم 6 تموز 1994 في المقبرة الإسلامية في الناصرة.
ب) السياق والأثر
- الحادث كان مفاجئًا وتسبب في صدمة للشعب الفلسطيني، خصوصًا لأن توفيق زياد كان دائمًا في قلب الفعل الوطني والسياسي، شاعراً وسياسيًا، رئيسًا لبلدية الناصرة وعضوًا في الكنيست.
- لحظة الوفاة أتت بعد أن شارك في استقبال قائد فلسطيني كبير، مما يضفي على الحدث دلالة رمزية: أنه حتى في آخر أيامه كان يعمل من أجل القضية الوطنية، متحركًا بين المدن الفلسطينية، ملتزمًا بدوره العام.
- هذا الحادث أنهى حياة شاعر مقاوم، لا يزال شعره يتداول، وكلماته تردَد في التجمعات والمناسبات الفلسطينية، تاركًا أثرًا كبيرًا في الثقافة والنضال.
ج) الأثر الأدبي والثقافي بعد الوفاة
- إرثه الأدبي أصبح جزءًا من المنهاج الثقافي الفلسطيني وقصائده تدرس في المدارس والجامعات. ويتم الاستشهاد بها في المناسبات الوطنية.
- تم تأسيس مؤسسات تحمل اسمه مثل معهد توفيق زياد للثقافة والإبداع الوطني. الذي يهدف إلى الحفاظ على تراثه الأدبي وتوثيقه.
- بعد وفاته، شكل شعره مصدر إلهام للجيل الجديد من الشعراء والمثقفين الذين يرون فيه نموذجًا للشاعر المقاوم، الذي جمع بين الحس الوطني والإبداع الأدبي. [2]
من هو صاحب ديوان ادفنوا موتاكم وانهضوا؟
أ) التعريف بالديوان والمؤلف
- ديوان ادفنوا موتاكم وانهضوا هو من تأليف الشاعر الفلسطيني توفيق زياد.
- صدر الديوان عام 1969م ضمن المجموعة الشعرية التي تعبر عن حالة ما بعد نكسة 1967، حيث تتجلى فيه مشاعر الهزيمة، الألم، والاستعادة، بالإضافة إلى دعوة للنهوض والمقاومة.
ب) مضامين الديوان وأهميته
- عنوانه، ادفنوا موتاكم وانهضوا، يحمل رمزية قوية: الدعوة إلى دفن الأسى، الحزن، والخسائر، ثم النهوض بحياة جديدة، بصمود بمواجهة الواقع. إنها ليست دعوة للنسيان، بل للنهوض بعد ألم، وبناء رغم الجراح.
- الديوان يعكس شعر توفيق زياد بعد حرب 1967 (النكسة)، حيث تتوضح فيه لغة المرارة، الألم الجماعي، الحرمان، إلى جانب الصرخة في وجه الهزيمة، وإرادة الانتصار رغم كل شيء.
- من القصائد الموجودة فيه مقاطع قوية مثل:
«وعلينا كان أن نشربه… حتى الزجاج … كأسنا المر المحنى …»
«فادفنوا أمواتكم وانتصبوا …»
هذه الأبيات تظهر كيف أن التراجيديا لم تمنع الشاعر من الحفاظ على الأمل، وكيف أن الألم يصبح وقودًا للنهوض.
تعرف أيضًا على: أبو الأسود الدؤلي يضع النقطة: نحويٌّ أطلق العقال للغة
ج) العلاقة بين الديوان وبقية أعماله
- ادفنوا موتاكم وانهضوا هو جزء من الثلاثية الشعرية التي ضمها فيما بعد في أعماله الكاملة، والتي تضم أشد على أياديكم، ادفنوا موتاكم وانهضوا، و أغنيات الثورة والغضب.
- يعد هذا الديوان أحد المنعطفات في تجربة توفيق زياد الابداعية، لأنه يعكس وعيًا متزايدًا بالهزيمة كظاهرة تاريخية، وبضرورة المعالجة الأدبية لها، لا مجرد التوثيق.
في ختام هذا العرض، نكون قد رسمنا صورة متكاملة عن الشاعر الفلسطيني توفيق زياد: من تحليل قصيدة أناديكم التي تختصر فيها روح الوطن والتحدي، مرورًا بأشهر قصائده مثل من هنا مروا و أشد على أياديكم، ثم الوقوف على كيف انتهى المطاف بحادث السير الأليم الذي وافته المنية، وصولًا للتعرف على صاحب ديوان ادفنوا موتاكم وانهضوا الذي يجسد رد فعل شعريًا للنكسة والألم والنهوض. إرث توفيق زياد لا يزال حيًا في كلمات تتداول، في اقتباسات تردد، في مدارس تدرس، وفي قلوب تنبض بحب الحرية والكرامة. إن كان هناك شيء نتعلمه منه فهو أن الشعر يمكن أن يكون سلاحًا، وأن الكلمة قد تنير دروبًا حتى في أحلك الظروف.
الأسئلة الشائعة
من هو توفيق زياد؟
هو شاعر وسياسي فلسطيني (1929 – 1994)، عرف بدوره في المقاومة الثقافية والشعرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان أيضًا رئيس بلدية الناصرة وعضوًا في الكنيست.
ما أهم ما يميز شعر توفيق زياد؟
يتميز شعره بالالتزام الوطني، والبساطة في التعبير، والقوة في تصوير معاناة الشعب الفلسطيني وآماله، إضافةً إلى نَفَس ثوري متفائل.
ما أبرز قصائده؟
من أشهر قصائده:
- “هنا باقون”
- “أناديكم”
- “إني أتقن كل لغات الطير”
ما دور توفيق زياد في السياسة؟
كان قياديًا بارزًا في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وانتخب عضوًا في الكنيست الإسرائيلي، كما شغل منصب رئيس بلدية الناصرة، ودافع عن حقوق الفلسطينيين داخل أراضي 1948.
ما العلاقة بين شعره ونضاله السياسي؟
شعره كان انعكاسًا مباشرًا لنضاله السياسي، حيث مزج بين الكلمة والموقف، فكان صوته الشعري امتدادًا لمقاومته السياسية.
تعرف أيضًا على: جبرا إبراهيم جبرا ومفاهيم الحداثة في السرد العربي
كيف كان تأثيره على الأدب الفلسطيني؟
أثر بشكل كبير في ترسيخ شعر المقاومة، وفتح الطريق أمام جيل من الشعراء مثل محمود درويش وسميح القاسم لتعزيز هذا اللون الأدبي.
ما أبرز القضايا التي تناولها في شعره؟
- الصمود والبقاء في الأرض.
- مقاومة الاحتلال.
- الأمل والتحرر.
- الهوية الفلسطينية.
متى وكيف توفي توفيق زياد؟
توفي في حادث سير عام 1994 أثناء عودته من استقبال ياسر عرفات بعد توقيع اتفاقية أوسلو.
لماذا يلقب بـ “شاعر المقاومة”؟
لأنه سخر قصائده وكلماته كأداة نضال في وجه الاحتلال، مما جعلها رمزًا للتشبث بالأرض والهوية الفلسطينية.
ما إرثه الثقافي والسياسي اليوم؟
إرثه يتمثل في شعره الخالد الذي ما زال يتداول، وفي مواقفه الوطنية التي جعلت منه أيقونة في التاريخ الفلسطيني والعربي.
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

الخليفة الذهبي هارون الرشيد: الخليفة العباسي الأشهر بين...

غاليليو غاليلي: أبو الفيزياء الحديثة

فرديناند ماجلان: أول من دار حول الكرة الأرضية

ليوناردو دافنشي: عصر النهضة

الفيلسوف ابن سينا: الطبيب وصاحب كتاب القانون في...

الكندي: فيلسوف العرب الأول وأعماله في الرياضيات والفلك

الملكة فيكتوريا: ملكة بريطانيا والعصر الفيكتوري

الملك عبدالعزيز: مؤسس المملكة العربية السعودية

إليزابيث الأولى: ملكة إنجلترا

أمير الشعراء أحمد شوقي

إسحاق نيوتن: مكتشف الجاذبية وقوانين الحركة

أشهر شخصيات نسائية في التاريخ

الفارسي البيروني: عالم مسلم

الرئيس السابق جو بايدن: الرئيس السادس والأربعون للولايات...
