القاضي الفاضل وزير صلاح الدين الأيوبي

القاضي الفاضل. كان من وزراء السلطان صلاح الدين، ومن مقربيه، ولم يخدم بعده احدا، قال عدة من مترجميه، كانت الدولة بأكلمها تأتي إلى خدمته. وكان السلطان صلاح الدين يقول: لا تظنوا اني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم الفاضل، قيل: لو جمعت رسائله وتدويناته لم تقصر عن مئة مجلد، وهو مجيد في اكثرها، وقد بقي من رسائله مجموعات، منها، رسائل انشاء القاضي الفاضل. وترسل القاضي الفاضل والدر النظيم في ترسل عبد الرحيم. ولابن سناء الملك كتاب، فصوص الفصول وعقود العقول اكثره من انشاء القاضي الفاضل.

من هو القاضي الفاضل؟

أبو علي عبد الرحيم بن علي بن محمد بن الحسن اللكمي البيساني العسقلاني، محيي (مجير) الدين، المستشار الشهير وكاتب صلاح الدين. القاضي الفاضل تاريخ ومكان الميلاد، ولد في 15 جمادى الآخرة 529/3 أبريل 1135 في عسقلان. حيث كان والده، وهو من أهالي بيسان، والمعروف بـ القاضي الفاضل.

تعرف أيضًا على: المقريزي: مؤرخ مصر

وضعه والده في ديوان الإنشاء بالقاهرة متدربًا، نحو عام 543-4/1148-9، وقبل عام 548/1153. التحق بخدمة قاضي الإسكندرية، ابن حديد، سكرتيرًا، ولما لفتت التقارير الأنيقة التي كتبها هناك انتباه سلطات القاهرة، استدعاه إلى القاهرة آخر ممثل لعائلة الوزراء، بنو رزيك. العادل رزيك بن الصالح طلائع، رئيسًا لديوان الضيعة.

القاضي الفاضل: اليد اليمنى لصلاح الدين ودوره في الإدارة والإصلاحات

وبعد ذلك بقليل، عندما عزل شاوار رزيك، دخل القاضي الفاضل. حاكم خوس، في خدمة كامل، ابن شاهوار، سكرتيرًا له، وبعد اغتيال شاهوار، خدم شاهيروه، خليفته في منصب الوزير، في عام 563/1167-1168. حل محل ابن الخالال، مدير ديوان الإنشاء الذي بدأ مسيرته في عهده، وبعد وفاة الأخير في 23 جمادى الآخرة 566/4 مارس 1171، أصبح خليفته، بعد أن تولى صلاح الدين الأيوبي منصب الوزير.

في العام التالي، وبعد وفاة آخر الفاطميين، عندما أصبح صلاح الدين نفسه حاكمًا لمصر، كان القاضي القاضي الفاضل صلاح الدين. يده اليمنى في تنفيذ الإصلاحات اللازمة في الإدارة المالية والعسكرية، ثم رافق السلطان في حملاته إلى سوريا؛ من 585 إلى 586/1189-1190 بقي في مصر لإدارة إدارة المالية وإعادة تنظيم الجيش والأسطول.

زوجة القاضي الفاضل. لم تذكر معلومات عنها، بعد ذلك عاد إلى سوريا، وبقي مع صلاح الدين حتى وفاته في 27 صفر 589/5 مارس 1193، عندما هدد الملك الأفضل، الذي استولى على السلطة في دمشق، منصبه بسرعة بأفعال متهورة. ذهب القاضي الفاضل إلى مصر لخدمة الملك العزيز. بعد ذلك بقليل، اندلعت حرب بين الأخوين، لكن القاضي الفاضل. بوساطته، أنهى الحرب عام ٥٩١ هـ/١١٩٥ م، بعد ذلك، عاد إلى حياته الخاصة، توفي فجأةً في ٦ أو ٧ ربيع الآخر ٥٩٦ هـ/٢٦ أو ٢٧ يناير ١٢٠٠م. [1]

تعرف أيضًا على: الشاعر جبران خليل جبران: فيلسوف وشاعر

 ماذا قال صلاح الدين عن القاضي الفاضل؟

قال صلاح الدين الأيوبي عن عبدالرحيم بن علي البيساني (526 – 596هـ /1131 – 1199م)، المشهور بالقاضي الفاضل: “لا تظنوا أني فتحت البلاد بالسيوف، إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل”، ولا ريب في أن هذا الحكم لم يحضر من فراغ.

تعرف أيضًا على: الأديب نجيب محفوظ: أول عربي يفوز بجائزة نوبل في الأدب

ولا سيما حينما يصدر عن الرأس المدبِّر للدولة الأيوبيَّة ومؤسسها، وعن القائد الذي تضاهي به الأعداء قبل الأصدقاء في بطولاته وكَرَم أخلاقه ونبْله وطيب سريرته وسماحته، فقد يعتقد البعض أن صلاح الدين حينما يذكر مِثل تلك المقولة أنه إمَّا مبالغ. وأنه نسب عمله إلى غيره. ولكن اعترافه وتواضعه بدور “الفاضل” رفع منزلته في النفوس. ونبهت أعداءه إلى خصلة، صعب على أحدهم التحلِّي بها؛ فلا تتجلى عظمة صلاح الدين في فتوحاته وانتصاراته فحسب، وإنما تتجلى في معرفته أن عوامل انتصاراته وأسبابها ليست متعلقة بشخصه أو بالقتال العسكري المجرَّد. بل هي مرتبطة بفريق متكامل من الشخصيات يملك رؤية وبرنامج للبلوغ إلى النصر.

عمل القاضي الفاضل. مع السلطان صلاح الدين الأيوبي حتى وفاته عام ١١٩٣. ثم عمل مع ابنه الملك عزيز أفضل، حتى عزله السلطان سيف الدين العادل (عمه) عن الحكم وعيّن مكانه ابنه الملك منصور، استمر القاضي الفاضل. في عمله حتى وفاته عام ١٢٠٠ ميلادي في القاهرة، مصر. دفن في مقبرة الكرافة بجبل المقطم، ونقش على قبره. “كان القاضي الفاضل. كنزًا فنيًا من كنوز هذا العصر”.

تعرف أيضًا على: توماس مان وأعماله الروائية العالمية

 ما هو نثر القاضي الفاضل؟

القاضي الفاضل: عبقرية الترسل وسيرة الإنجازات

• براعة الترسل والإنجاز الأدبي

  • بلغت براعة الترسل وبلاغة الإنشاء. منتهاها عند القاضي الفاضل، حتى قيل إن مسودات رسائله تجاوزت مائة مجلد.
  • كان له الباع الأطول في هذا الفن، ولم يكرر دعاءً أو يردد لفظًا في مكاتباته، مما يؤكد الكثرة مع الإبداع.

• المسيرة المهنية والخدمة لدى السلاطين

  • أخذ صناعة الإنشاء عن الموفق يوسف بن الخلال. ثم خدم في الثغر، قبل أن يطلب ويستخدم في ديوان الإنشاء.
  • وزر للسلطان صلاح الدين الأيوبي. وكانت له كلمة مسموعة في الدولة، حتى قيل إن الأقاليم لم تفتتح إلا بـ “أقاليد آرائه“.

• النزاهة والإحسان وخصال القيادة

  • وصفه العماد بأنه قضى سعيدًا. ولم يترك عملاً صالحًا إلا قدّمه، وكان قاضيًا للحقوق وماضيًا في الحقائق.
  • تميز بكثرة صنائعه وأوقافه، خاصةً لفكاك الأسرى ومساعدة المالكية والشافعية والأيتام.

• الشعر والبلاغة والأسلوب الرفيع

  • كانت كتابته توصف بأنها “كتائب النصر“ و**”رائعة الدهر”**، وعبارته “نافثة في عقد السحر“، وبلاغته مكملة للمملكة ومفضلة للعصر الصلاحي.
  • كان أسلوب كتابته مُرصّعًا باللؤلؤ والجواهر، وكان ينجز مقالاته في ساعة واحدة. عندما يكون في مزاج مناسب.

• شواهد شعرية منوعة ورؤية عميقة

  • ترك قصائد غنائية. وقصائد تصف مشاهد طبيعية (مثل وصف القلعة) ورحلاته (مثل رسالته إلى نهر النيل).
  • تضمنت قصائده حكمًا ورؤى في الحظ والقوة، مثل قوله: “عندما تراقبك عيون الحظ، نم بلا خوف. لأن مكان الخطر يصبح مكان السلام”.. [2]تعرف أيضًا على: ابن القيم الجوزية: تلميذ ابن تيمية

 كتب القاضي الفاضل

كان القاضي الفاضل. يحظى بتقدير كبير خلال حياته، ويرجع ذلك أساسًا إلى “الجودة الاستثنائية لأسلوبه في كتابة الرسائل الخاصة والرسمية”. الذي أشاد به، وعد نموذجًا، وقلده الأجيال اللاحقة من الكتاب، كان هذا الأسلوب مشابهًا لأسلوب عماد الدين الأصفهاني. و”يجمع بين الثراء (ربما أقل إسهابًا) ومرونة الشكل مع معالجة واقعية للحقائق، وهو درس غالبًا ما ينساه الكتاب اللاحقون، مما يجعل مراسلاته مصدرًا تاريخيًا قيمًا”.

أشاد الأصفهاني نفسه بمعاصره باعتباره “سيد الكلمة والقلم”، وكتب أنه كما أبطلت الشريعة كل القوانين السابقة، فإن أسلوب القاضي الفاضل تجاوز كل التقاليد السابقة في أدب الرسائل (إن شاء). ونتيجة لذلك، ضمِّنت كثير من رسائله في أعمال مؤلفين آخرين. من مؤرخين مثل الأصفهاني وأبو شامة إلى مؤلفي أدب الإنشاء. وأبرزهم القلقشندي، ولا يزال البعض الآخر موجودًا كمخطوطات حتى يومنا هذا. ولا يزال عمل تحريرها ونشرها مستمرًا، ومع ذلك، فإنها لا تزال تمثل جزءًا فقط من 100 مجلد من المراسلات الرسمية والخاصة المنسوبة إليه.

إرث القاضي الفاضل الأدبي: المتجددات والمكتبة الفاضلية

بصفته رئيسًا للديوان، احتفظ القاضي الفاضل. أيضًا بمذكرات رسمية تعرف باسم المتجددات أو المجرايات. لم تنج هذه المذكرات، باستثناء كثير من المقتطفات منها التي أُدرجت في تواريخ لاحقة، ولا سيما المقريزي، وهي مصدر لا يقدر بثمن عن حكم صلاح الدين في مصر، ومع ذلك، ووفقًا لمؤرخ القرن الثالث عشر ابن العديم. فقد احتفظ بهذه المذكرات في الواقع مؤرخ مختلف، وهو أبو غالب الشيباني.

كان القاضي الفاضل شاعرًا نشطًا أيضًا. وقد تضمنت رسائله كثيراً من أعماله. نشرت مجموعته الشعرية في مجلدين بالقاهرة عامي ١٩٦١ و١٩٦٩. وحققها أحمد عبد الله بدوي وإبراهيم الإبياري.

كان القاضي الفاضل. وهو من هواة جمع الكتب. قد جمع مكتبة ضخمة، أهدى معظمها للمدرسة الفاضلية. وهي مدرسة للفقه المالكي والشافعي أسسها عام ١١٨٤/١١٨٥ في القاهرة، ضمت المكتبة قاعة لتحفيظ القرآن الكريم، ودارًا للأيتام. ومنزلًا خاصًا للقاضي الفاضل، عمل ابنه أحمد فيها مدرسًا، وعمل حفيده أمينًا للمكتبة.

تعرف أيضًا على: الأديبة اللبنانية مي زيادة

ختاما، مع أن القاضي الفاضل. كان وزيراً لدولة صلاح الدين. ورئيساً لديوان الإنشاء، إلا أنه كان يلِمُّ بكلِّ صغيرةٍ، وكبيرة في الجيش بحكم علاقة ديوان الإنشاء بديوان الجيش. وكان يسهم في إنشاء الخطط الحربية، ويشرف على تمويل الجيش، وتزويده، وتجهيزهما للحروب. وقد استمر على هذه المسؤوليات طوال مدَّة عمله مع صلاح الدين.

• referenceworksal-Ḳāḍī al-Fāḍil_بتصرف
• kurdistantribuneQadi Al Fadil, first minister of Saladin_بتصرف

مشاركة المقال

وسوم