ابن الأثير: مؤرخ

07 أكتوبر 2025
عدد المشاهدات : 13
منذ 4 ساعات
ابن الأثير
من هو ابن الأثير؟
كتاب الكامل في التاريخ
"الكامل في التاريخ": هيكله ومنهجيته وتوثيقه للحروب الصليبية والغزو المغولي
أعمال ابن الأثير
الكامل في التاريخ
اللباب في تهذيب الأنساب
أسد الغابة في معرفة الصحابة
التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية
ابن الأثير تاريخ ومكان الميلاد
ابن الأثير بين البيت الزنكي والبيت الأيوبي
ابن الأثير بين النقد والمدح: تقييم متوازن لمواقف صلاح الدين الأيوبي

يعَدّ ابن الأثير. من أبرز المؤرخين المسلمين الذين تركوا بصمة خالدة في ميدان الكتابة التاريخية، فقد جمع بين دقة التوثيق وسعة الاطلاع، كما اتسم منهجه بالشمولية والتوازن بين أخبار المشرق والمغرب. لم يقتصر دوره على سرد الوقائع. بل قدّم تحليلات سياسية واجتماعية وأخلاقية، جعلت من مؤلفاته. وعلى رأسها الكامل في التاريخ. مرجعاً لا غنى عنه لفهم تطورات الحضارة الإسلامية والعالمية عبر العصور.

من هو ابن الأثير؟

ابن الأثير. الملقّب بعز الدين أبو الحسن الموصلي، يظلّ من أبرز المؤرخين في التراث الإسلامي. ولد سنة 555 هـ في جزيرة بن عمر. الواقعة على الحدود السورية التركية، في كنف أسرة مهتمة بالعلم والدين. حفظ القرآن وتعلم القراءة والكتابة في صغره، ثم انتقل إلى الموصل لتلقى علوم الحديث وحفظه، وبعد ذلك. سافر إلى دمشق لاستقواء من كبار العلماء هناك. ورغم إتقانه الفقه، مكّنَه شغفه بالحديث والتاريخ من أن يصبح خبيراً في أنساب العرب وأخبارهم. لا سيما ما يتعلق بصحابة النبي ﷺ، مما جعله يبرز كعلامة بارزة ومعروفة في زمنه. [1]

تعرف أيضًا على: مظفر النواب: شاعر عراقي

ابن الأثير

كتاب الكامل في التاريخ

الف ابن الأثير الكامل في التاريخ. الذي يتكون من اثني عشر جزءاً، يروي فيه ابن الأثير. مسار البشرية منذ بدء الخلق إلى ظهور الإسلام وحتى عام 628 هـ، وهو العام الذي وصل إليه المؤلف. اتبع في تدوينه منهجاً سنوياً، يسجّل فيه الوقائع وفق تقويم كل سنة، مع مراعاة موازنة الأخبار الواردة من المشرق والمغرب، ولا يغفل التفاصيل المحلية في بلده. كما كان يضيف إلى سجلاته وصفاً لحالة الطقس والظروف الاقتصادية، سواء ارتفعت الأسعار أو انخفضت، إضافة إلى ما كان يحدث من أوبئة، أمراض، زلازل وبراكين وغيرها من الظواهر الطبيعية، ما جعل هذا العمل أكثر شمولاً من سائر مؤلفات التاريخ. لكن على الصعيد التحليلي، لم يقتصر ابن الأثير على مجرد ذكر الوقائع. بل ارتبطت له تفسيرات سياسية، اجتماعية وأخلاقية، نقداً علميًا يظهر فطنته وفهمه العميق. وما يميّز الكتاب أن المؤلف أكمل ما تركها لطبري عند عام 302 هـ،

“الكامل في التاريخ”: هيكله ومنهجيته وتوثيقه للحروب الصليبية والغزو المغولي

إذ شمل فيه الحروب الصليبية وتوغل التتار في أراضي المسلمين، بأسلوب سهل وواضح خالٍ من التعقيد أو المصطلحات الغريبة. تجدر الإشارة إلى أن ابن الأثير أنهى كتابة الكتاب عام 628 هـ، ثم تركه جانباً حتى نال أمر الملك الرحيم لتدبيره وإصلاحه. طُبع للمرة الأولى في عام 1850 م بمطبعة ليدن، ثم أعيد طباعته عام 1303 هـ في مصر. من بين فصول «الكامل في التاريخ»: المجلد الأول يعنى بفوائد علم التاريخ عموماً، ثم يبدأ بسرد بدء الخلق وقصص الأنبياء والرسل حتى نبيّنا عيسى عليه السلام وصعوده إلى ربه، بالإضافة إلى أحوال قبائل العرب قبل الإسلام. المجلد الثاني يتناول مرض النبي ﷺ ووفاته. المجلد الرابع يتطرق إلى خلافة المقتدر في سنة 295 هـ. أما المجلد السابع فيعدّ من أهم الأجزاء، حيث يحوي مجموعة من الذكريات والملاحظات الشخصية للمؤلف.

تعرف أيضًا على: محمود درويش: شاعر فلسطين

أعمال ابن الأثير

ابن الأثير


  • الكامل في التاريخ

    مكوّن من 21 مجلداً. وقد انتشرت طبعاته إلى حد صعوبة عدّها بسبب كثرتها. يتميز هذا السفر بأسلوب منهجي ودقة علمية متناهية. حيث اعتمد في جمع المعلومات على أمهات الكتب وأقوى المصادر، وظهر في مؤلفه توازناً بين أخبار وشؤون المشرق العربي والإسلامي ومغربه. استند إلى تجارب وأعمال سلفه ومعاصريه من المؤرخين مثل الطبري والبلاذري والمسعودي وابن الكلبي. فاقتدى بخطاهم ونهجهم. بدأ مؤلفه بعرض تاريخ عام ابتداءً من بداية الخلق وحتى عصره،

    ليختتمه بآخر أيامه. أي قبل وفاته بسنتين. عزل سبب كتابة الكتاب إلى شغفه بالتاريخ، منتقدًا مؤرخين آخرين يطوّلون في المواعيد أو يختصرونها بصورة غير مجدية، أو يركزون على تفاصيل ضئيلة على حساب الأحداث الكبرى. انتقد أيضًا من اقتصروا على تأريخ زمنهم فكانوا أقرب إلى التاريخ المحلي من التاريخ العام، ولاحظ تجاهل مؤرخي المشرق لتاريخ المغرب العربي، وعكس ذلك. على مؤرخي المغرب الذين أغفلوا أخبار المشرق. خلاصة القول، تعد موسوعة الكامل في التاريخ من أبرز الموسوعات التاريخية والإسلامية ذات سمعة عالمية ومكانة مرموقة.

  • اللباب في تهذيب الأنساب

    يتألف من ثلاثة مجلدات وهو اختصار لكتاب الأنساب الذي يضم ثمانية مجلدات من تأليف عبد الكريم بن محمد محمد تاج الإسلام أبو سعدا لسمعاني (ت 562 هـ _ 1167 م). يظهر اسم الكتاب اهتمام المؤلف بعلم النسب، وقد اختصر ابن الأثير. هذا العمل إلى ثلاثة مجلدات، لكنه أجرى مراجعات واسعة على السمعاني، كشف عن كثير من العيوب والأخطاء، وصحّحها، وأضاف ما كان مفقودًا في باب الأنساب، فتحوَّل الاختصار إلى عمل شبه أصلي له. هذا المختصر أصبح مرجعًا أساسيًا للمهتمين بعلم الأنساب.

  • أسد الغابة في معرفة الصحابة

    من كتب ابن الأثير.  مكوّن من ستة مجلدات (في التراجم) ويتناول سيرة الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا. يعد هذا الكتاب من أبرز المؤلفات الإسلامية ذات الوزن الثقافي، وقد رتب فيه التراجم على طريقة المعاجم وفق ترتيب الحروف الأبجدية.

  • التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية

    مختص بتاريخ الدولة الزنكية الثرية بصراعها مع الصليبيين. ويعَدّ مرجعًا لا غنى عنه في دراسة الحروب الصليبية عامةً (488‑691 هـ = 1095‑1291 م) ومصدرًا موثوقًا بشكل خاص لعصر المجاهد الإسلامي العظيم عماد الزنكي (ت 145 هـ = 1146 م) وابنه نور الدين (ت 570 هـ = 1174 م). كما يزود القارئ ببيانات طريفة عن الجوانب الدينية، السياسية، الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، ويناقش تنظيمات الزنكيين عبر امتداد نفوذهم من مختلف الزوايا. [2]

    تعرف أيضًا على: جون ستيوارت ميل وإرثه في الفلسفة الأخلاقية والسياسية

ابن الأثير تاريخ ومكان الميلاد

وُلِد المؤرخ ابن الأثير في سنة 555 هـ على جزيرة ابن عمر شمال الموصل، في عائلة لها نشاط في ميدان العلم والسياسة. سافر مع والده وإخوته إلى الموصل، التي كانت مقر بيت الزنكيين الذين خاضوا جندًا ضد الصليبيين على يد مؤسس الأسرة عماد الدين زنكي وابنه نور الدين محمود. وبذلك ارتبط تاريخ عائلة ابن الأثير ارتباطًا وثيقًا بهذه السلالة، عمل الأب موظفًا لدى الزنكيين. فتسلم مسؤولية ديوان جزيرة ابن عمر. وقد أورد ذلك في كتاب الكامل (حوادث 595 هـ) عندما كان يترجم لجمال الدين الأصفهاني وزير ملوك الموصل قائلاً: «حكى لي والدي عنه: …فاتفق أنه في بعض السنين جاء إلى الجزيرة مع قطب الدين وكنت أتولى ديوانها..».

تعرف أيضًا على: كريم بلقاسم: أحد قادة الثورة الجزائرية

الأخ الأكبر للمؤرخ هو أبو السعادات مجد الدين بن الأثير. مؤلف مؤلفات «جامع الأصول» و«النهاية في غريب الحديث والأثر». وقد شدد المؤرخ على سيرة أخيه عند إبلاغ وفاته (606 هـ) في ترجمته.

الأخ الأصغر للمؤرخ هو ضياء الدين ابن الأثير. مؤلف كتاب «المثل السائر»، الذي أتجه إلى الأدب والكتابة، وخدم في كيانات البيت الأيوبي ثم البيت الزنكي. غير أن أخاه لم يدرجه في كتاب الكامل، فيما أورد الذهبي في سجلاته أن العلاقة بينه وبين شقيقه عز الدين كانت متوترة ومليئة بقطوع شديدة.

تعرف أيضًا على: كافكا ورمزية الاغتراب في الأدب الحديث

ابن الأثير

ابن الأثير بين البيت الزنكي والبيت الأيوبي

كان لابن الأثير وفاءً عميقًا للبيت الزنكي. تمامًا كما كان لبقية أفراد عائلته، فكتب للملك القاهر عزي الدين مسعود كتابًا بعنوان (الباهر) يسرد تاريخ دولتهم. ويشير في مقدمة (الكامل) إلى تردده في تعديل مسودة الكتاب رغم إلحاح أصحابه على استكماله.  وربما كان هذا الإخلاص للبيت النبيل سببًا في أن صلاح الدين لم يسلم من انتقادات ابن الأثير. إذ كان صلاح الدين هو من استولى على أملاك الأسرة الزنكية في الشام والبلاد الجزرية. يعلّق في حوادث 582هـ على تقسيم صلاح الدين لمملكته على أولاده قائلًا: «فلم ينفعه الله بما فعل لما أراد الله نقل الملك عن أولاده».

وعندما استولى العادل، الأخ الأصغر لصلاح الدين، على أملاك الأخ الأكبر له، سخر ابن الأثير من ذلك كما في (حوادث 595هـ)؛

ابن الأثير بين النقد والمدح: تقييم متوازن لمواقف صلاح الدين الأيوبي

(ولقد عوتب البيت الصلاحي بما فعله أبوهم مع البيت الأتابكي، فإنه قصد حصار الموصل سنة ثمانين وخمسمائة، فأرسل صاحب الموصل والدته وابنة عمه نور الدين إليه يسألانه أن يعود، فلم يشفعهما، فجرى لأولاده هذا، وردت زوجته خائبة كما فعل). ولم يكن ذلك التقصير وحده ما يجرّ ابن الأثير إلى انتقاد صلاح الدين، فقد لُمح إليه مسؤولية سقوط عكا بيد الصليبيين لتراخيه عن الاستيلاء على صور، فيُشير إلى رفع الحصار عن صور في 583هـ موضحًا: (لم يكن لغير صلاح الدين أي ذنب في ذلك… وسنذكر إن شاء الله ما حدث له لاحقًا لتبيان أن الملك لا يجب أن يتهاون في اتخاذ الحزم حتى وإن ساعدته الأقدار)

مع ذلك، لم يمنع ذلك ابن الأثير من مدح صلاح الدين في مواضع عديدة، فكتب له إغاثة واسعة عند ذكر وفاته (589هـ) وختمها بقول: (وبالجملة كان نادرا في عصره، كثير المحاسن، والأفعال الجميلة، عظيم الجهاد في الكفار، وفتوحه تدل على ذلك).

تعرف أيضًا على: شيلر وإبداعاته في المسرح الألماني

في الختام. ابن الأثير. لم يكن مجرد ناقلٍ للأحداث.بل مؤرخاً ناقداً ومحللاً استطاع أن يربط الماضي بالحاضر في صورة موسوعية متكاملة. وبفضل مؤلفاته الدقيقة وأسلوبه الواضح، ظلّ اسمه حاضراً في سجل أعظم المؤرخين الذين حفظوا ذاكرة الأمة الإسلامية وفتحوا أبواب المعرفة للأجيال اللاحقة

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة