ماري لافوازييه: زوجة أنطوان لافوازييه ومساعدته

ماري لافوازييه تعد من أبرز النساء في تاريخ العلم بالقرن الثامن عشر، فقد كانت زوجة العالِم الفرنسي أنطوان لافوازييه ومساعدته المقربة. لعبت دورًا محوريًا في تدوين تجاربه وترجمة أبحاثه. وساهمت في نشر أفكاره التي أرست أسس الكيمياء الحديثة.

من هي ماري آن بولز لافوازييه

الميلاد والخلفية الزوجية والعلمية

الشرح: ولدت ماري لافوازييه في 20 يناير 1758 في مونبريسون، لوار، فرنسا. لم تكن مجرد زوجة، بل كانت عالمة كيمياء فرنسية ونبيلة، تزوجت من الكيميائي والنبل الشهير أنطوان لافوازييه، وساهمت بشكل ملحوظ في أعماله التي شكلت أساس الكيمياء الحديثة.

الدور المحوري في الثورة العلمية (الكيمياء)

لعبت ماري لافوازييه دوراً حيوياً في نشر وتطوير أعمال زوجها. كانت تقوم بترجمة العديد من الدراسات العلمية، خاصة تلك المكتوبة بالإنجليزية (مثل أعمال ريتشارد كيروان). وإعداد الرسوم التوضيحية الدقيقة. أسهمت بشكل رئيسي في تطور المنهج العلمي من خلال تسجيل التجارب بدقة، مما جعل أعمال أنطوان لافوازييه متاحة وواضحة للمجتمع العلمي الأوروبي.

الخلفية العائلية والنشأة المبكرة

الشرح: كان والدها محامياً في البرلمان وخبيراً مالياً. كان الجزء الأكبر من دخله يأتي من وظيفته في المزرعة العامة (Ferme générale). وهي مؤسسة كانت تضم مجموعة من الممولين يدفعون مبالغ للحكومة الفرنسية الملكية مقابل حقهم في جمع ضرائب معينة. توفيت والدتها، كلودين ثوينيت بولزي، في عام 1761.

فقدان الأم والتعليم في الدير

بعد وفاة والدتها عام 1761، تُرِكت ماري آن وهي طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات. بالإضافة إلى ولدين آخرين. بعد هذه الوفاة. تم إرسال بولز إلى دير، حيث تلقت تعليمها الرسمي هناك. [1]

تعرف أيضًا على: كارل ساغان: عبقري الفلك وعالم الكونيات

نشأة وحياة ماري آن بولز لافوازييه

عندما بلغت ماري لافوازييه الثالثة عشر من عمرها، تلقّت عرض زواج من الكونت مارفيل الذي كان يبلغ من العمر خمسين عاماً. وعندما حاول جاك بولز منع هذا الإتحاد، تلقّى تهديدات بخسارة وظيفته في المزرعة العامة. وفي محاولة منه لوقف هذا الزواج بشكل غير مباشر، قدّم جاك بولز عرضاً لأحد زملائه لخطبة ابنته، وكان هذا الشخص هو أنطوان لافوازييه، النبيل والعالم الفرنسي. الذي قبل هذا الاقتراح، وتزوج ماري آن في 16 ديسمبر 1771. وكان لافوازييه حينها بعمر 28 عاماً، بينما كانت ماري آن في الثالثة عشر.

استمر لافوازييه في العمل بالمزرعة العامة، لكن في عام 1775 تم تعيينه مديراً للبارود، مما أدّى لانتقال الزوجين للعيش في أرسنال بباريس. وهنا بدأ شغف لافوازييه بالكيمياء بعد تدريبه في مختبر كيميائي تحت إشراف غيلوم فرانسوا رويل. بفضل الوضع المالي القوي لكل من عائلتيهما وامتلاكه لمشاريع تجارية مختلفة، استطاع بناء مختبر كيميائي حديث. وسرعان ما بدأت زوجته في الاهتمام بأبحاثه العلمية، وشاركت بفاعلية في أعمال مختبره.

مع تقدم اهتمامها، تلقت تدريبات رسمية من قبل بابتيست ميشيل بوكيه، وفيليب غنغيمبر، وكلاهما كانا زملاء للافوازييه في ذلك الوقت. كانت الزوجان تقضيان معظم وقتهما سوياً في المختبر. وعملوا بشكل تعاوني في مجموعة من الأبحاث، كما ساعدت في ترجمة الأوراق العلمية من اللغة الإنجليزية إلى الفرنسية، ويمكن القول إن أغلب الجهود البحثية في المختبر كانت نتيجة للعمل الجماعي بينهما، وكان دور بولز في المختبر هو دعم الزوج كباحثة أساسية.

تعرف أيضًا على: ريتشارد فاينمان: حياته وإنجازاته في الفيزياء الحديثة

إسهامات ماري الكيميائية

رافقت ماري لافوازييه زوجها  في مختبره على مدار اليوم، حيث قدمت ملاحظات على سجلاته التجريبية، ورسمت رسومات تخطيطية لتصاميمه الجديدة. وقد ساعدتها تدريبها على يد الرسام جاك لويس ديفيد في رسم المعدات التجريبية بدقة متناهية، مما ساهم بشكل كبير في فهم معاصري لافوازييه لأساليبه ونتائجه، وعملت كمحررة لتقاريرها. تعاون الزوجان في تطوير حقل الكيمياء الذي كان له أصول في السيمياء في وقت كانت فيه المعرفة تقوم على نظرية الفلوجيستون التي وضعها جورج شتايل.

تم استخدام مفهوم الفلوجيستون، الذي يعتبر عنصرًا يشبه النيران يتكتسب أو يفقد خلال احتراق المواد، في القرن الثامن عشر لوصف التغيرات التي تطرأ على خصائص المواد أثناء عملية الاحتراق.

تعرف أيضًا على: فاروق الباز: عالم جيولوجيا مصري

كانت بولز تمتلك خبرة في اللغات الإنجليزية واللاتينية والفرنسية، مما مكنها من ترجمة العديد من الدراسات المتعلقة بالفلوجيستون إلى اللغة الفرنسية. لتسهيل قراءتها لزوجها، وكان من بين أهم أعمالها ترجمة مقال لريتشارد كيروان عن الفلوجيستون وقانون الأحماض، حيث قامت بترجمته وأبدت رأيها فيه، مضافة بعض الهوامش، وتصحيح أخطاء كيميائية وجدت في مقالاته، ورغم مساهمتها الفعالة، لم يتم الإشارة إليها كمترجمة في النسخة الأصلية، بل في النسخ اللاحقة فقط.

كما قامت بترجمة أبحاث لجوزيف بريستلي وهنري كافينديش وآخرين بناءً على طلب لافوازييه، وكانت هذه الخدمات قيمة بشكل كبير بالنسبة له. إذ اعتمد بشكل كبير على ترجمة بولز للأبحاث الأجنبية لمتابعة المستجدات في عالم الكيمياء، فترجمتها لمفاهيم الفلوجيستون كانت السبب في قناعته بعدم صحتها، مما أدى في النهاية إلى أبحاثه حول الاحتراق واكتشافه لغاز الأكسجين.

تعرف أيضًا على: علي مصطفى مشرفة: عالم فيزياء مصري

إسهامات ماري لافوازييه في الكيمياء والفن

تبوأت ماري لافوازييه أيضًا مركزًا مهمًا في نشر «الأطروحة الأساسية لصناعة الكيمياء» عام 1789. التي قدمت رؤية شاملة لهذا العلم، ولقد كان لهذا العمل كبير تأثير لى تطوير الكيمياء، حيث أوضح فيه أن الكتلة تحفظ، وقدم قائمة بالعناصر ونظامًا جديدًا لتسمية المواد الكيميائية، وساهمت بولز في البحث بتقديم ثلاثة عشر رسمًا توضح الأجهزة والمعدات المستخدمة من قبل الزوجين لافوازييه في تجاربهم. كما احتفظت بسجلات دقيقة تشرح الإجراءات المتبعة، مما أعطى مصداقية للنتائج التي نشرت من قِبل لافوازييه.

قبل وفاتها، كانت بولز قادرة على استرداد جميع دفاتر لافوازييه والأجهزة الكيميائية، والتي تم الاحتفاظ بأغلبها في مجموعة في جامعة كورنيل.

تعرف أيضًا على: ستيفن هوكينغ: أهم إسهاماته في علوم الكون والثقوب السوداء

في السنة ذاتها التي توفيت فيها، تم نشر كتاب يثبت أن ماري آن كانت تملك مكتبة لاهوتية غنية بالكتب، تتضمن نسخًا من الكتاب المقدس. واعترافات القديس أوغسطين، ومحاضرات جاك سوران حول الكتاب المقدس، ومقالات بيير نيكول في الأخلاق، ورسائل لبليز باسكال، وعظات لويس بوردالوي، وغيرها.

بدأت بولز في تلقي دروس فنية من الرسام جاك لويس ديفيد في أواخر عام 1785 أو أوائل عام 1786. وبعد فترة قصيرة، وربما مع حلول عام 1787. قام دايفيد برسم صورتين كاملتي الطول لبولز وزوجها.

لم يقتصر التدريب الفني على توثيق تجارب زوجها ومنشوراته فقط (بل حتى أنها ظهرت في الرسمين الخاصين بتجاربه). بل عزز أيضًا مهاراتها في الرسم، حيث رسمت صورة لبنجامين فرانكلين. وهو واحد من العديد من المفكرين العلميين الذين استضافتهم في صالونها. فيما بعد، قطعت علاقاتها مع ديفيد بسبب المواقف السياسية الراديكالية التي اتبعها خلال فترة الثورة الفرنسية.

تعرف أيضًا على: جان جاك روسو: فيلسوف وكاتب من عصر التنوير

لماذا تم إعدام لافوازييه؟

وفاة العالم لافوازييه شارك أنطوان لافوازييه. في العديد من النشاطات، منها جمع الضرائب، وتم إعدامه في الثامن من مايو عام 1794 بعد اندلاع الثورة الفرنسية. و سبب إعدام لافوازييه. هو اتهامه بتنفيذ عمليات تلاعب بتبغ الجيش خلال فترة عمله في لجنة المعايير المترية، ورغم عدم إثبات أي تهمة عليه، تم الحكم عليه بالإعدام مع (27) عضوا من تلك اللجنة، حيث كانت محاكمات الثورة تتم بسرعة أكثر من كونها تعتمد على الدقة.

وجرى تحديد عقوبتهم بالإعدام شنقًا، وخلال محاكمة لافوازييه. قدمت زوجته ماري لافوازييه. التماسًا للعفو عنه، ولكن القاضي رفض مطلبها قائلاً: “الثورة لا تحتاج إلى عباقرة”. إلا أن زميله جوزيف لاجرانج كان أكثر دقة عندما قال: قطع رقبة لافوازييه يستغرق دقيقة فقط، لكن المائة عام لن تكون كافية لتعويضنا عن شخص مثله، وقد نقش اسمه تحت برج إيفل في باريس. [2]

في الختام، إسهامات ماري لافوازييه لم تقتصر على دور المساعدة فحسب. بل كانت شريكة حقيقية في النهضة العلمية. التي أحدثها زوجها. مما جعلها مثالًا بارزًا لدور المرأة في دعم وتطوير العلوم.

الأسئلة الشائعة

من هي ماري لافوازييه؟

🔹 ماري آن بولز لافوازييه كانت زوجة العالم الفرنسي أنطوان لافوازييه. وساعدته في أبحاثه العلمية، وساهمت في توثيق تجاربه وترجمة أعماله.

ما دور ماري لافوازييه في أبحاث زوجها؟

🔹 كانت تقوم بتدوين الملاحظات، ورسم الأجهزة والتجارب. وترجمة الأبحاث العلمية من الإنجليزية إلى الفرنسية، مما ساعد على انتشار أفكار زوجها.

كيف ساهمت في نشر كتاب «الأطروحة الأساسية للكيمياء»؟

🔹 ساعدت في إعداد الرسوم التوضيحية للأجهزة. وحفظت السجلات بدقة، مما منح الكتاب مصداقية علمية كبيرة.

ما علاقتها بالفن؟

🔹 درست الفن على يد الرسام جاك لويس ديفيد. ورسمت شخصيات علمية مثل بنجامين فرانكلين، كما استخدمت مهاراتها الفنية لتوثيق التجارب الكيميائية.

ماذا فعلت بعد وفاة زوجها؟

🔹 استعادت دفاتر أبحاثه وأجهزته وحافظت عليها. مما ساهم في بقاء إرثه العلمي محفوظًا للأجيال اللاحقة.

ما أهميتها في تاريخ العلم؟

🔹 تعد مثالًا بارزًا على دور المرأة في دعم وتطوير العلوم. ومساهمتها كانت مكملة ومؤثرة في صياغة أسس الكيمياء الحديثة.

• Genea star Family tree of Marie-Anne Pierrette PAULZE- بتصرف
• History today _ بتصرف Antoine Lavoisier Guillotined

مشاركة المقال

وسوم