وليم الفاتح: الغازي النورماني الذي غيّر مجرى التاريخ

الكاتب : مريم مصباح
19 أكتوبر 2025
عدد المشاهدات : 17
منذ 5 ساعات
وليم الفاتح
من هو وليام الفاتح وماذا فعل؟
بداية الصعود إلى السلطة في نورماندي
الفتح الإنجليزي وما تلاه
من هي عائلة نورماندي؟
أصول النورمانديون وبداية الدوقية
الوراثة والتطور السياسي لعائلة نورماندي
عناصر القوة والنفوذ في عائلة نورماندي
هل كان ويليام الفاتح رجلاً طيباً؟
الفضائل والمظاهر الإيجابية
العيوب والجوانب التي تكشف القسوة
التوازن: بين الطيبة والقسوة
ماذا قال وليام الفاتح على فراش موته؟
الأسئلة الشائعة
من كان وليم الفاتح؟
متى ولد ومتى توفي؟
كيف أصبح دوق نورماندي؟
ما سبب تسميه “الفتاح”؟
ما أهمية معركة هاستينغز؟
هل وليم الفاتح متعلم؟ وما لغته؟
ما هي “دومزداي بوك” (Domesday Book)؟
ما المشكلات التي واجهها بعد الفتح؟
من هم أولاده؟
كيف ومتى توفي؟
ما إرثه؟

وليم الفاتح هو القائد النورماني الذي غير مجرى تاريخ إنجلترا وأوروبا، فبدت مملكة إنجلترا بعد استيلائه عليها مملكة تنتمي إلى السلالة النورمانية، وتحولت من حكم الأنجلوساكسون إلى نظام حكم مركزي جديد. من كان هذا الرجل؟ وما المراحل التي قادته من دوق نورماندي إلى ملك إنجلترا؟

من هو وليام الفاتح وماذا فعل؟

وليم الفاتح، الذي يعرف أيضًا بوليم الأول ملك إنجلترا ودوق نورماندي، هو واحد من أهم الشخصيات في التاريخ الأوروبي في القرن الحادي عشر. ولد حوالي عام 1027–1028 في مدينة فاليز في نورماندي، وكان ابنًا لروبرت دوق نورماندي من امرأة تدعى هيرليفا، ولم يكن زواجهما معترفًا به شرعًا. بالتالي جعل وليم يعرف بلقب الباطرد (أي المولود خارج الزواج) في بعض المصادر.

بداية الصعود إلى السلطة في نورماندي

منذ وفاة والده روبرت عام 1035، أصبح وليم الفاتح دوق نورماندي وهو في سن صغيرة جدًا، ربما ثمان أو تسع سنوات فقط. هذه الفترة كانت محفوفة بالمخاطر: الأمراء ورعايا نورماندي تحدوا ولايته، القلاع تعاد إلى أيدي خاصة، والحكم المحلي ينهار شيئًا فشيئًا تحت وطأة النزاعات الداخلية.

حين بلغ سن البلوغ، شرع في توطيد حكمه وفرض النظام: قام بقمع تمردات اللوردات والأشراف في إقليمه، واستعاد حقوق الدوق التي كانت قد تآكلت. كما خاض معارك مهمة مثل معركة Val-ès-Dunes عام 1047 التي عززت سيطرته على معظم نورماندي.

الفتح الإنجليزي وما تلاه

في عام 1066، بعد وفاة الملك إدوارد المعترف به، طالب وليم بالعرش الإنجليزي مستندًا إلى وعود ودعم قبلي وتصريحات تقول إن إدوارد وعده. لكن عندما اعتلى هارولد غودوينسون العرش، قرر وليم التصدي لذلك، فجمع جيشًا عبر القنال الإنجليزي، وانتهت حملته بمعركة هاستينغز الشهيرة في 14 أكتوبر 1066 والتي انتصر فيها على هارولد وقتل المنافس، فتمكن بعدها من التتويج ملكًا لإنجلترا في عيد الميلاد من نفس السنة.

بعد الفتح، لم يكتف وليم الفاتح بالغزو العسكري فقط، بل شرع في بناء نظام حكم جديد:

  • أعاد توزيع الأراضي من الأنجلوساكسون للفرسان واللوردات الذين دعموه.
  • أنشأ شبكة من القلاع والحصون لفرض السيطرة وتأمين المناطق المضطربة.
  • نفذ إصلاحات دينية وإدارية، واستقدم رجال الكنيسة ذوي الكفاءة من نورماندي، وأقام مجالس للكنيسة لإصلاح بعض الممارسات مثل السيمونية والزواج الكهنوتي [1]

تعرف أيضًا على: ريتشارد قلب الأسد الفارس الملكي وبطل الحملات الصليبية

وليم الفاتح

من هي عائلة نورماندي؟

أصول النورمانديون وبداية الدوقية

  • بدأت قصة النورمانديون في شمال غرب فرنسا، تحديدًا في جزيرة تسمى نورماندي. هؤلاء النورمانديون هم في الأساس قبائل فايكنغ (من الدنمارك والنرويج وأيسلندا) قاموا بغزوات على السواحل خلال القرون التاسعة والعاشرة الميلادية.
  • في عام 911 م، تم توقيع معاهدة سانت كلير سور إبت بين الملك الفرنسي شارل الثالث (المسمى “شارل البسيط”) وزعيم فيكنغي يدعى رولو. بموجب المعاهدة، نال رولو منطقة تسمى نورماندي مقابل التزامه بالولاء للمملكة الفرنسية واعتناقه المسيحية. من هذه النقطة بدأت الدوقية تأخذ شكلها ككيان سياسي مستقل إلى حد ما ضمن الإمبراطورية الفرنجية.

الوراثة والتطور السياسي لعائلة نورماندي

  • الأسلاف البعيدون لوليم الفاتح كانوا من الناحية السلالية من نسل رولو، الدوق الأول الذي أسس نورماندي.
  • في الأجيال التالية، أصبح حكام نورماندي يحكمون كلا من الأراضي الفرانكية والنورمانية بشبكة من الولاءات المعقدة، حيث كانوا في نفس الوقت أمناء للملك الفرنسي، لكنهم تمتعوا باستقلال كبير في إدارة أراضيهم.
  • من أبرز الشخصيات في هذه العائلة، والد وليم الفاتح، “روبرت الأول دوق نورماندي” (Robert the Magnificent)، الذي ترك له الدوقية في سن صغير جدًا بعد وفاته عام 1035. الأخوة من الأم (مثل أودو من بايو) والنفوذ المرتبط بالزواج والتحالفات ساعدوا على ترسيخ السلطة العائلية.

تعرف أيضًا على: ألفريد العظيم الملك الحكيم وحامي إنجلترا من الغزاة

عناصر القوة والنفوذ في عائلة نورماندي

وليم الفاتح

  • التنظيم العسكري القوي: النورمانديون اشتهروا بقدرتهم على استخدام الفروسية، الحصون، وتطوير أساليب الحصار والدفاع. بالتالي جعلهم قوةً لا يستهان بها.
  • التحالفات الزوجية: زواج وليم من ماتيلدا من فلاندرز وغيره من التحالفات السياسية بين العائلات النورمانية والعائلات البارونالية في شمال فرنسا ومناطق الجوار، ساعد في تأمين الولاءات ودعم المطالب السياسية.
  • الشرعية السياسية والدعم الملكي الفرنسي: رغم أن النورمانديين كانوا ذوي أصل فيكنغي، فقد تبنوا الثقافة الفرنسية، واللغة، والمسيحية، والأنظمة القانونية والإقطاعية الفرنسية. بالتالي أكسبهم قبولًا من الملك الفرنسي ومن النبلاء المحليين.

بهذا تكونت عائلة قوية تحكم من نورماندي، تملك جذور فايكنغية لكن تتحول إلى طبقة حاكمة تتبنى الثقافة المسيحية والفرنسية. علاوة على ذلك تعد لأحداث مثل الغزو الإنجليزي الذي سيغير التاريخ.

هل كان ويليام الفاتح رجلاً طيباً؟

الفضائل والمظاهر الإيجابية

  • أحد أهم ما يحسب له هو إصلاحه للدولة وتحولها نحو مركزية أقوى بعد الفتح. أنشأ نظامًا إداريًا يعتمد على الولاء العسكري وتوزيع الأراضي للفرسان الذين وقفوا معه، الأمر الذي وفر استقرارًا أكبر وإنجازات ملموسة في الحكم. من أبرز إنجازاته هو إنشاء كتاب دومسداي (Domesday Book)، المسح الشامل لأراضي إنجلترا وثرواتها، الذي مكنه من معرفة الموارد الضريبية وإدارة الملكية بشكل أفضل.
  • كان مهتمًا بتعزيز الكنيسة وإصلاح أوجه الفساد الديني، مثل مناهضة البيع المناصب الكهنوتية (simony) وزواج الكهنة، واستقدام علماء ورجال دين متمكنين مثل لانكراش (Lanfranc) ليشرفوا على إصلاحات دينية وفكرية. هذا يظهر جانبًا من شخصيته الطموحة للخير العام، ليس فقط للحكم العسكري.
  • من غير الجدلي أنه كان زوجًا وأبًا، وقد وصفه بعض المؤرخين بأنه إنسان يحاول إرساء النظام حتى لو تطلب ذلك اتخاذ قرارات صعبة. هذه القرارات، رغم أنها كانت قاسية، كانت ترى في سياق حفظ استقرار مملكته وضمان ولاء النبلاء.

العيوب والجوانب التي تكشف القسوة

  • واحدة من أشهر الأحداث التي تظهر قسوة لا أنسانية في حكمه هي الـ “Harrying of the North” (تدمير الشمال) في شتاء 1069–1070، عندما أمر بتجويع المناطق المتمردة، وحرق المحاصيل والممتلكات، ما تسبب بمجاعة ودمار كبير بين المدنيين. هذا الحدث يعد من أكثر الأفعال المثيرة للجدل في حكمه.
  • أيضًا، عندما كان دوقًا في نورماندي، لم يتردد في استخدام العقوبات الجسدية القاسية ضد المتمردين، مثل قطع الأيدي والأرجل لمن حولوا القلاع وانتهكوا ولاءه. مثال ذلك حصار ألانكون (Alençon) عام 1047، وعقوباته التي اعتبر أنها تفوق حدود ما يرى مقبولًا حتى في زمانه.
  • كان غروب إنجلترا بعد الفتح مصحوبًا بتشريد السكان الأصليين من النبلاء الأنجلوسكسونيين، وسلب أراضيهم، واستقدام النبلاء النورماندين مكانهم. الأمر الذي أحدث صدامًا ثقافيًا وتأريخيًا، وأثار استياءً عميقًا بين السكان الأصليين.

تعرف أيضًا على: تيمورلنك القائد المغولي الذي أسس الدولة التيمورية وصنع إمبراطورية عظيمة

التوازن: بين الطيبة والقسوة

عندما ننظر إلى حكم وليم الفاتح، نرى أن تقييمه لا يمكن أن يكون ثنائيا بسيطًا (طيب أم شرير). بل هو مزيج، مثل غالبية القادة في العصور الوسطى:

  • القسوة والعنف كانا جزءًا من أدواته؛ لكنها لم تكن بدافع شر محض، بل كانت تستخدم لضمان السيطرة، حفظ الأمن، ردع التمرد، وتأمين استمرار الحكم.
  • من جهة أخرى، الفضائل كانت حقيقية: الالتزام بالكنيسة، بناء الدولة، إصلاح القوانين، وضغوط للحفاظ على استقرار داخلي وخارجي.

باختصار، لا يمكن القول إن وليم الفاتح كان رجلاً «طيبًا» بالمعنى المثالي للفضيلة، لكنه أيضًا ليس وحشًا بلا قلب. هو قائد معقد، يجمع بين الحزم والقسوة وبين التنظيم والرغبة في الخير – من منظور الحكم. إنجازاته جعلت إنجلترا أقوى مركزية، ونظامها القانوني والإقطاعي أكثر وضوحًا، لكنه دفع الثمن بها شعوبًا تعرضت للعنف والمعاناة. [2]

وليم الفاتح

ماذا قال وليام الفاتح على فراش موته؟

فيما يلي مجموعة من الأقوال والأفعال المنسوبة إلى وليم الفاتح في أيامه الأخيرة، حسب المدونات والمؤرخين، مركزة في نقاط حتى يتبين لنا كنه الشخص الذي يقف أمام ميعاد يجمع بين الحزن، المحاسبة، والعتاب النفسي:

  • أدرك وليم أنه قادم على نهاية رحلته الدنيوية، خصوصًا بعد إصابته التي حصلت أثناء حصار منت في فرنسا، والتي أدت إلى تمزق أمعائه نتيجة اصطدامه بلجام السرج أو ارتطامه بالحواف أثناء السقوط من فرسه.
  • أثناء مرضه، استسلم للآلام والجروح، وبدأ يصدر أنفاسًا وتنهدات متكررة، طالبًا منهم من حوله الدعاء له.
  • اعترف بخطاياه، وطلب الصفح والمسامحة، خصوصًا عن الأفعال التي ارتكبها أثناء غزواته وتعسفه في المناطق المتمردة.
  • أمر بتوزيع ما يملك من كنوز وأموال إلى الكنائس والمساكين، مستحضرًا فكرة أن ما جمعه من أموال ربما جاء من أعمال غير عادلة، فيحاول أن يرد جزءًا منها للخير.
  • طلب أن يعاد بناء الكنائس التي دمرها جيشه في منتس (Mantes) وغيرها من الأماكن، وطلب التعويض لما تضرر من مبان دينية خلال عمليات القتال التي قام بها.
  • في لحظة أخيرة، رفع يديه نحو السماء وقال:

«إلى مريم، والدة الله القديسة، أسلم روحي، لعلها بشفاعتها تحلها أمام ابنها المسيح».

تعرف أيضًا على: جنكيز خان: السيرة الذاتية لمؤسس الإمبراطورية المغولية

وفي ختام هذه الرحلة التاريخية، يتضح أن وليم الفاتح ليس مجرد اس­م يذكر بين ملوك العصور الوسطى، بل هو شخصية قلبت موازين القوى، وأحدث تغييرات عميقة في إنجلترا وأوروبا. من دوق هش في نورماندي إلى ملك قوي في لندن، قاد غزوة غيرت وجه إنجلترا، وأنشأ نظامًا حكمياً ترك إرثًا طويل الأمد. ورغم أن بعض أفعاله كانت مثيرة للجدل، فإنها في سياق زمانه تظهر طموح قائد يرى أن السيطرة والتنظيم هي السبل لبقاء الدولة.

الأسئلة الشائعة

من كان وليم الفاتح؟

وليم الفاتح، أو وليم الأول ملك إنجلترا ودوق نورماندي، هو الحاكم الذي غزا إنجلترا عام 1066 وفاز في معركة هاستينغز. ثم أصبح ملكًا لإنجلترا، مؤسسًا حكم السنوات النورمانية فيها.

متى ولد ومتى توفي؟

ولد حوالي عام 1028 في فاليز (Falaise) في نورماندي. وتوفي في 9 سبتمبر 1087 في روان (Rouen) بفرنسا.

كيف أصبح دوق نورماندي؟

بعد وفاة والده، روبرت دوق نورماندي، في عام 1035 أثناء عودته من الحج، تم تعيين وليم وريثًا للدوقية. وكان لا يزال طفلًا، مما جعله يواجه تمردات وصراعات داخلية كثيرة.

وليم الفاتح

ما سبب تسميه “الفتاح”؟

لأنه غزا إنجلترا وحقق نصرًا حاسما في معركة هاستينغز عام 1066، مما جعله ملكًا على إنجلترا بعد سقوط حكم الأنجلوساكسون.

ما أهمية معركة هاستينغز؟

المعركة كانت نقطة تحول؛ حيث إن انتصار وليم فيها قضى عمليًا على الحكم الأنجلوساكسوني في إنجلترا، وبدء الحكم النورماني، ما غير الخريطة السياسية والثقافية للبلاد.

هل وليم الفاتح متعلم؟ وما لغته؟

وفق المراجع، وليم لم يكن متعلمًا بالمعنى الحديث — لم يكن يجيد الإنجليزية، وربما لم يكن متعلمًا رسميًا بالكتابة. لكن حكمه أدى إلى تأثير كبير على اللغة الإنجليزية. حيث أن اللغة الفرنسية النورمانية دخلت الطبقة الحاكمة والمؤسسات.

تعرف أيضًا على: قبلاي خان: السيرة الذاتية لإمبراطور الصين المغولي

ما هي “دومزداي بوك” (Domesday Book)؟

هو مسح شامل أمر به وليم عام 1085 لمعرفة ممتلكات الأراضي، الثروات، والممتلكين، ليس من أجل المعرفة فقط. بل لتحديد الضرائب وضمان سيطرة أفضل على المملكة.

ما المشكلات التي واجهها بعد الفتح؟

من المشكلات: التمردات المتكررة من النبلاء الأنجلوساكسونيين، مقاومة السكان المحليين، ضعف السيطرة في بعض المناطق، والحاجة لبناء قلعة وحصون لضمان السيطرة.

من هم أولاده؟

له عدة أبناء وبنات؛ من أبرز أبناءه هنري الأول، كذلك وليم الثاني، وروبرت الثاني.

كيف ومتى توفي؟

توفي في 1087 بعد إصابة تعرض لها عند حصار مدينة منتس (Mantes) بفرنسا؛ اصطدم أثناء ركوبه فرسه بأجزاء من سرج الحصان ما أدى لتمزق أمعائه، وظل مريضًا حتى وفاته.

ما إرثه؟

الإرث الكبير لوليم يشمل النظام الإقطاعي المنظم، التأثير اللغوي الفرنسي على الإنجليزية، إنشاء مؤسسات الحكم المركزية، القلاع، وتوزيع الأراضي بين النبلاء النورمانديين، بالإضافة إلى آثار دينية وإدارية تستمر حتى ما بعد وفاته.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة