أسماء بنت أبي بكر: ذات النطاقين ومُموِّلة الهجرة النبوية

الكاتب : آية زيدان
19 أغسطس 2025
عدد المشاهدات : 112
منذ 4 أيام
أسماء بنت أبي بكر
لماذا سميت أسماء بذات النطاقين؟
ملخص قصة أسماء ذات النطاقين
صفات أسماء ذات النطاقين
شجاعة أسماء ذات النطاقين

في كل صفحة من صفحات التاريخ الإسلامي، نجد شخصيات عظيمة صنعت الفرق في لحظات مصيرية. ومن أبرز هؤلاء أسماء بنت أبي بكر، المرأة التي جمعت بين الإيمان العميق، والشجاعة الصلبة، والذكاء الفطري. لم تكن مجرد ابنة صِدّيق، بل كانت رمزًا للصبر والقوة والعمل الخفي من أجل نصرة الحق. تابع القراءة لتتعرف على سر لقب ذات النطاقين، ومواقف خالدة جعلت منها قدوة لكل الأجيال.

لماذا سميت أسماء بذات النطاقين؟

أسماء بنت أبي بكر

يرتبط لقب “ذات النطاقين” بشخصية خالدة في التاريخ الإسلامي. هي أسماء بنت أبي بكر، التي لم يكن دورها مقتصرًا على كونها ابنة وخالة وزوجة. بل كانت فاعلة في أخطر مراحل الدعوة. ولقبت بذات النطاقين في موقف عظيم، يوم خرج النبي محمد ﷺ وأبو بكر الصديق مهاجرَين إلى المدينة. واحتاجا إلى طعام ومؤونة في طريق الهجرة.

في ذلك الوقت، لم تجد أسماء شيئًا تربط به الطعام إلا نطاقها، أي حزامها الذي كانت تشدّ به خمارها. فقطعته نصفين، وربطت أحدهما على الطعام، والآخر على الماء. فسمّاها النبي ﷺ حينها بذات النطاقين، تكريمًا لروحها العملية وتفانيها في خدمة الإسلام في أحلك اللحظات.

ولأن هذا الموقف لا يفهم دون رؤية السياق الكامل، فمن المهم أن نعود إلى قصة أسماء ذات النطاقين. التي تكشف عن فتاة شابة، شجاعة، تتحرك بين الجبال والمخاطر، لتوصيل الطعام والرسائل السرّية. دون أن تخشى عيون قريش أو سيوفهم. كانت حلقة وصل خفية بين النبي وصاحبه، ونجحت في مهمتها رغم صغر سنها.

هذا الموقف العظيم لم يكن تفصيلًا عابرًا، بل تلخيصًا لشخصية استثنائية، فهمت أن النصرة لا تكون بالسيف وحده. بل بالذكاء والتضحية والتوقيت الحاسم. وهكذا تحوّل نطاقها البسيط إلى رمز خالد في ذاكرة الأمة الإسلامية. [1]

تعرف أيضًا على: الإمام البخاري: أمير المحدثين وصاحب “الجامع الصحيح”

ملخص قصة أسماء ذات النطاقين

أسماء بنت أبي بكر

ولدت أسماء بنت أبي بكر قبل البعثة النبوية بحوالي سبعة وعشرين عامًا. ونشأت في بيت ملئ بالإيمان، حيث كان والدها من أوائل من أسلم وآمن بدعوة النبي محمد ﷺ.

منذ صغرها، كانت أسماء قوية الشخصية، فصيحة، لا تعرف التردد. وهذا ما مهّد لها الطريق لتكون واحدة من بطلات الهجرة النبوية.

حين بدأت الاستعدادات للهجرة، اختار النبي أبا بكر رفيقًا له، وكان السرّ في غاية الخطورة. فاحتاج الأمر إلى مَن يمدّهم بالمؤونة ويصلهم بالمعلومات دون أن يلفت الانتباه.

تولّت أسماء هذه المهمة بحكمة وشجاعة، وابتكرت وسيلة لحمل الزاد. فشقّت نطاقها نصفين، لتربط به الطعام والماء، ومنها جاء لقب “ذات النطاقين”.

لم تتوقف قصتها عند هذا الحد. فقد تزوّجت من الزبير بن العوام، أحد كبار الصحابة، وعاشت معه حياة فيها الكثير من المشقة. فقد كان فقيرًا شديدًا في معاملته. ومع مرور الوقت، زادت الصعوبات بينهما، خاصة بعد استشهاد ابنهما عبد الله. مما ترك أثرًا نفسيًا كبيرًا في حياتهما. لذلك يبرز هنا سؤال: لماذا طلق الزبير أسماء؟
الإجابة الأقرب أن الزبير كان شديد الغيرة والحدة، وكانت أسماء امرأة قوية ومستقلة. مما جعل الخلاف بين شخصيتَيهما يتوسع حتى انتهى بالطلاق، دون أن تنتقص هذه النهاية من مكانتها أو من عطائها.

لقد كانت حياتها سلسلة من الصبر والبطولة، من الطفولة حتى الشيخوخة. نقشت في صفحات السيرة بمداد من نور. [2]

تعرف أيضًا على: أم سلمة: صاحبة الرأي الحكيم وأم المؤمنين الصابرة

صفات أسماء ذات النطاقين

أسماء بنت أبي بكر

لم تكن أسماء بنت أبي بكر مجرد شخصية ثانوية في التاريخ الإسلامي، بل كانت نموذجًا للمرأة القوية المؤمنة التي جمعت بين الخلق والجرأة، وبين العقل والروح. حين نبحث عن صفات أسماء ذات النطاقين، نجد أنفسنا أمام سيدة عظيمة جمعت العديد من المكارم التي ندر أن تجتمع في شخص واحد، ومن أبرز هذه الصفات:

  • الذكاء والفطنة: كانت تحسن التصرف في المواقف الحرجة، وتعرف كيف تتعامل مع الخطر دون أن تتردد أو تتراجع.
  • الصبر والتحمل: عاشت الفقر والضيق، وتحملت مشقة الحياة مع الزبير، دون أن تفقد قوتها الداخلية.
  • الشجاعة الأدبية والجسدية: وقفت أمام أبي جهل بكل ثبات، ومشت في طرق محفوفة بالمخاطر لتوصيل الطعام أثناء الهجرة.
  • الوفاء العائلي: كانت وفية لأبيها ولرسول الله ﷺ، وساهمت في إنجاح الهجرة بكل ما تملك.
  • الإيمان العميق: عاشت عمرها مؤمنة صادقة، مخلصة لله ولدينه، لم تساوم يومًا في عقيدتها.
  • البلاغة والبيان: عرفت بقوة حديثها، خاصة حين وقفت تخطب في الناس بعد مقتل ابنها عبد الله، فأبهرت الجميع بحكمتها وثباتها.

هذه الصفات مجتمعة، جعلت منها قدوة ليس فقط للنساء، بل لكل من يسير على درب الثبات والصدق والإيمان.

تعرف أيضًا على: أهم الشخصيات التاريخية الإسلامية

شجاعة أسماء ذات النطاقين

أسماء بنت أبي بكر

من أبرز ما ميّز أسماء بنت أبي بكر أنها لم تكن فقط ذكية أو مخلصة، بل كانت شجاعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. شجاعة أسماء ذات النطاقين لم تكن مجرد صفة عابرة، بل كانت جزءًا متجذرًا من شخصيتها، تظهر في كل موقف، وتثبت في كل محنة.

لقد واجهت أسماء أشرس رجال قريش حين وقف أبو جهل أمامها يسألها عن والدها، فكانت صلبة، لم تخشَ بطشه ولا تهديده، بل ردّت عليه بثبات يعجز أقوى الرجال. ولم يزدها ذلك الموقف إلا عزة وكرامة.

كما أنها لم تتردد في السير ليلاً في الصحراء، تحمل الطعام والشراب إلى النبي وأبيها في غار ثور، وهي تعلم أن أي خطأ قد يكلّفها حياتها. هذه الجرأة كانت نابعة من إيمان صادق، وقلب لا يعرف الخوف.

ومن المواقف العظيمة أيضًا، حين قتل ابنها عبد الله بن الزبير، لم تنهَر، بل وقفت تخطب في الناس وتثبتهم، وكانت مثالًا للمرأة القوية التي تواسي الأمة، وهي الأم المكلومة.

لقد جسّدت أسماء معنى الشجاعة الصامتة، تلك التي لا تتباهى ولا تتفاخر، لكنها تبني التاريخ بصمت وإخلاص.

تعرف أيضًا على: أم حرام بنت ملحان: شهيدة البحر وبشرت بالغزو في سبيل الله

في الختام، تثبت لنا سيرة أسماء بنت أبي بكر أن البطولة لا تقتصر على الرجال، بل إن للنساء دورًا عظيمًا في بناء المجد وصناعة التاريخ. كانت أسماء امرأة من طراز خاص، جمعت بين الجرأة والحكمة، وتحملت الأذى والمصاعب بصبر لا يلين. لم تكن مواقفها مجرد لقطات عابرة في السيرة، بل كانت أساسًا في أحداث كبرى، مثل الهجرة ونصرة الإسلام في مراحله الأولى. واجهت التحديات بكل شجاعة، وعاشت حياة مليئة بالتضحية والثبات، حتى بعد أن فقدت ابنها عبد الله، ظلّت واقفة كالجبال، تعلّم الأمة دروس العزة. تركت أسماء أثرًا خالدًا، وسيرة تروى بكل فخر، وتبقى مثالًا نقيًا للمرأة المؤمنة القوية في كل زمان ومكان.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة