التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة: من التخطيط إلى المراجعة

التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة يتصدر كفلسفة عمل رئيسية تدفع المؤسسات نحو التفوّق والرقي في عالم التجارة الذي يشهد تسارعًا مضطردًا. حيث لم تعد القدرة على التأقلم والتجدد المستمر اختيارًا. بل أصبحت شرطًا ضروريًا للبقاء والازدهار. في هذا السياق. تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف هذا المفهوم بتوسع. بدءًا بتعريف عملية التحسين الدائم وأسسها الأساسية. ثم استعراض استراتيجياتها المختلفة. وصولًا إلى النموذج الياباني المرموق “كايزن”. .

ما هي عملية التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة؟

المؤسسة بشكل دائم. هذا التحسين لا يقتصر على المُنتجات أو الخدمات النهائية. بل يشمل العمليات الداخلية والأنظمة. وحتى بيئة العمل نفسها. إنها سلسلة مُتصلة من التخطيط والتنفيذ والتقييم والتصرف. بهدف تحديد فرص التحسين وتطبيقها بفعالية لزيادة الكفاءة والجودة ورضا العملاء.

عتمد هذه العملية على فكرة أن التميز ليس هدفًا نهائيًا. بل رحلة دائمة. تبدأ بتحديد المشاكل أو المجالات التي تتطلب التحسين. ثم وضع خطط عمل تفصيلية. يليها التنفيذ الدقيق. ثم قياس النتائج وتحليلها. وأخيرًا اتخاذ الإجراءات التصحيحية والوقائية لضمان استمرار التحسين. هذا التكرار المُنهجي يؤكد على أنه دائمًا هناك مجال للتحسين. وأن كل خطوة صغيرة تساهم في تقدم كبير على المدى الطويل. وذلك في سياق التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة.

عملية التحسين المُستمر ليست مجرد تطبيق للأدوات والتقنيات. بل تتطلب بناء ثقافة مؤسسية تدعم وتشجع مشاركة جميع المستويات الإدارية والموظفين في المؤسسة. يجب أن يصبح التحسين جزءًا لا يتجزأ من جوهر المؤسسة. حيث يشعر كل موظف بالمسؤولية عن تحديد الفرص لتحسين عمله وعمل فريقه. [1]

تعرف أيضًا على: مهام مراقب الجودة: العين الساهرة على تحقيق التميز وضمان الأداء

ما هو مبدأ التحسين المستمر؟

تعتمد فلسفة التحسين المتواصل على تصور بسيط ولكنه فعال، حيث أن التحسينات الصغيرة والمتتالية أفضل من التغييرات الكبيرة والمتقطعة، كما يرتكز هذا المبدأ على أن التطور لا ينبغي أن يكون حدثًا استثنائيًا أو مشروعًا معقدًا، بل يجب أن يكون جزءًا طبيعيًا من الروتين اليومي لكل فرد داخل المؤسسة.

• التراكم والتصاعد

يقوم مفهوم التحسين المستمر على أساس أن تجميع هذه التحسينات الجزئية على المدى الطويل يفضى إلى نتائج كبيرة وملموسة، تخيل معي قطرات الماء التي تنحت الصخر؛ كل قطرة صغيرة قد لا تحدث فرقًا كبيرًا بمفردها، ولكن مجملها على مر الزمن قادر على تغيير تضاريس الجبل، هكذا تعمل مبادئ التحسين المستمر داخل المؤسسات. بينما تؤدي التحسينات المتراكمة إلى طفرات نوعية في الأداء والكفاءة.

• المشاركة الشاملة

أحد الجوانب الأساسية لهذا المبدأ هو إشراك الجميع في عملية التحسين. كل عامل، بغض النظر عن موقعه أو مسؤوليته، لديه إلمام فريد بعملياته اليومية، ويكون قادرًا على تحديد نقاط الضعف وإيجاد فرص للتحسين. من خلال تمكين الموظفين وتشجيعهم على المساهمة بأفكارهم، تتحول عملية التحسين المتواصل إلى جهد جماعي يقود إلى حلول مبتكرة ومستدامة، مما يدعم التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة. [2]

تعرف أيضًا على: مدقق جودة معتمد فرصتك للتألق في مجال الجودة

ما هي استراتيجية التحسين المستمر؟

تشمل استراتيجية التطوير المتواصل مجموعة من الأساليب والأدوات التي تعتمدها المؤسسات لغرض تنفيذ مبادئ التحسين المستمر بنجاح، هذه الاستراتيجيات ليست مقصورة على أسلوب واحد فحسب، بل يمكن تعديلها لتتناسب مع خصائص المؤسسة وأهدافها. من أبرز هذه الاستراتيجيات:

• دورة PDCA

تعتبر دورة PDCA ( التخطيط، التطبيق، الفحص، التصرف) حجر الزاوية في الكثير من استراتيجيات التحسين المستمر. بينما تبدأ مرحلة “التخطيط” بتحديد المشكلة أو الفرصة ووضع خطة للتحسين. تتبعها مرحلة “التطبيق”. بينما يتم تطبيق الخطة على نطاق ضيق. في مرحلة “الفحص”، يتم تحليل النتائج وتقييم مدى نجاح التغييرات. وأخيراً، في مرحلة “التصرف”، يتم تعميم التحسينات الناجحة أو تعديل الخطة لإعادة تطبيق الدورة، تضمن هذه الدورة أن تكون عملية التحسين منظمة ومدعومة بالبيانات.

• الأدوات والمنهجيات

تشمل الاستراتيجيات الأخرى استعمال أدوات مثل تحليل السبب الجذري، ورسم خرائط القيمة، والتحكم الإحصائي في العمليات. إضافة إلى ذلك، توجد منهجيات متكاملة مثل “لين” Lean التي تركز على تقليل الإهدار، و”سيكس سيجما” Six Sigma التي تهدف إلى تقليل الأخطاء والعيوب. هذه الأدوات والمنهجيات توفر إطاراً عملياً لتطبيق التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة بفعالية، وتساعد في تحقيق أهمية التحسين الدائم في بيئة العمل.

تعرف أيضًا على: الإدارة الصحية في المستشفيات: الأسس والتحديات لرفع جودة الرعاية الصحية

ما هو مفهوم التحسين المستمر Kaizen في الجودة الشاملة؟

التحسين المستمر كايزن  Kaizen المستوحى من اليابان. يعني “التحسين المتواصل” أو “التقدم نحو الأفضل”. بينما يجسد فكرًا شاملاً للإدارة. يهدف إلى إدخال تعديلات صغيرة. متراكمة. ودائمة في جميع إجراءات العمل وأنظمته.

تعرف أيضًا على: تعرف على مفاهيم الجودة الشاملة

يركز كايزن على التعديلات اليومية التي يمكن لكل فرد تنفيذها. بدلاً من الاعتماد على الاكتشافات الضخمة أو التحولات الجذرية التي تتطلب موارد مالية كبيرة. هذا الأسلوب التدريجي يشجع على التجربة والتعلم من الأخطاء. بالإضافة إلى ذلك يضمن أن تكون التعديلات مستمرة ومُرضية لجميع الأطراف ذات الصلة. يمتد نطاق “كايزن” ليشمل جميع المستويات. من الإدارة العليا إلى العاملين في الصفوف الأمامية. مما يؤكد أن التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة هو مسؤولية مشتركة.

يمنح تطبيق مفهوم التحسين المستمر فوائد متعددة للمنظمات. مثل تعزيز الكفاءة. تخفيف الهدر. رفع مستوى الجودة. وتحسين مستوى رضا العملاء والموظفين. يعتمد “كايزن” على مفاهيم مثل “جيمبا” Gemba والتي تعني “الموقع الحقيقي” بينما تتشكل القيمة. مما يشجع على مراقبة الإجراءات في مكان تنفيذها لتحديد مجالات التحسين المحتملة. بالإضافة إلى ذلك يؤكد على أهمية توحيد الإجراءات بعد تحسينها للحفاظ على استمرار المنافع. هذه العناصر مجتمعة تسهم في تعزيز التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة.

تعرف أيضًا على: ماهي إدارة الجودة الشاملة؟

في الختام. بعد أن غصنا في تفاصيل مفهوم التحسين المستمر في إدارة الجودة الشاملة. وفهمنا جوهره. وما يقوم عليه من مبادئ أساسية. واستكشفنا أيضًا آليات التطبيق الفعّال. وصولاً إلى الفكر الياباني “كايزن” الذي أثر فيه بعمق. كما يتضح لنا أن التحسين المستمر ليس مجرد إجراء أو مجموعة من التقنيات. بل هو نمط عمل يتبناه الكيان بأكمله. وعقلية تلتزم بالتحسين المتواصل يشارك فيها الجميع. إذا تبنينا هذه الرؤية. لن تقتصر استفادة المؤسسات على تحسين جودة منتجاتها وخدماتها فحسب. بل ستتمكن من تعزيز قدرتها على التكيف والإبداع في مواجهة تحديات المستقبل.

• qmarketsTotal Quality Management: The Key to Continuous Improvement -بتصرف
• mdpgroupWhat are the 5 Basic Principles of Continuous Improvement? -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم