الرياضة والأعمال: كيف أصبح الرياضيون مليارديرات خارج الملاعب؟

الرياضة والأعمال­، لطالما كانت الملاعب هي مصدر الثروة الأولي للرياضيين النخبة، لكن العصر الحديث شهد تحولاً جذرياً؛ إذ لم يعد الراتب السنوي يكفي لتحديد ثرواتهم. اليوم، أصبح العقد الرياضي ما هو إلا رأس مال يُستثمر، ليتحول النجم إلى رائد أعمال حقيقي. لقد أدرك جيل جديد من الرياضيين، مثل مايكل جوردان وليبرون جيمس وكريستيانو رونالدو، أن الشهرة العالمية والعلامة التجارية الشخصية القوية هي المفتاح لفتح أبواب ملكية الشركات والاستثمارات الاستراتيجية طويلة الأجل، وليس مجرد صفقات الرعاية القصيرة الأجل.

مايكل جوردان: من نجم NBA إلى مالك فريق وعلامة تجارية عالمية

الرياضة والأعمال­

بدأ مايكل جوردان مسيرته كلاعب كرة سلة محترف في NBA، ثم تحول إلى رجل أعمال ناجح، مالك فريق، وعلامة تجارية عالمية. رحلته من الملعب إلى عالم الأعمال جعلته أيقونة ثقافية.

مسيرته كنجم NBA

انضم جوردان إلى شيكاغو بولز في عام 1984 بعد مسيرة جامعية مميزة مع جامعة نورث كارولاينا، حيث فاز ببطولة NCAA. في NBA، حقق إنجازات استثنائية حيث فاز بـ6 بطولات (NBA) (1991-1993، 1996-1998) مع بولز. بالتالي، لم يكن نجاحه مقتصرًا على الألقاب الجماعية؛ فقد حصل على جائزة (MVP) 5 مرات (1988، 1991، 1992، 1996، 1998). علاوة على ذلك، سجل أرقاماً قياسية مثل أعلى متوسط نقاط في موسم واحد (37.1 نقطة في 1986-1987). بينما كان هجومه مذهلاً، كان معروفًا أيضًا بمهاراته في الدفاع والقفز العالي، مما جعله يفوز بجائزة Defensive Player of the Year في 1988.

تقاعد جوردان مرتين: الأولى في 1993 بعد وفاة والده، بينما عاد في 1995، ثم اعتزل نهائياً في 2003 مع واشنطن ويزاردز. خلال مسيرته، ساهم في جعل NBA عالمياً. بالتالي، لم يقتصر تأثيره على اللعب فقط. علاوة على ذلك، ساهم في هذا الانتشار من خلال خطوط Air Jordan من Nike، التي أصبحت رمزاً للثقافة الشبابية وتجاوزت حدود الرياضة.

التحول إلى رجل أعمال وعلامة تجارية عالمية

بعد الاعتزال، ركز جوردان على بناء علامة Air Jordan التي بدأت في 1984 مع Nike، وأصبحت إمبراطورية بقيمة مليارات الدولارات. تشمل هذه الإمبراطورية أحذية، ملابس، وإكسسوارات، مع مبيعات سنوية تصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار. بالتالي، يمتلك جوردان حصة في العلامة، مما جعله مليارديراً، بينما تقدر ثروته الإجمالية بأكثر من 2 مليار دولار. علاوة على ذلك، لم يقتصر استثماره على الملابس، ففي عام 2010، اشترى جوردان حصة أغلبية في فريق Charlotte Hornets (الذي كان يُدعى Bobcats سابقاً) مقابل 275 مليون دولار، وأصبح المالك الرئيسي في 2014، وأعاد تسمية الفريق إلى Hornets في 2014، كما استثمر في بناء ملعب Spectrum Center. ورغم عدم الفوز ببطولات حتى الآن، أدخل الفريق في التصفيات بانتظام، ويُعتبر نموذجاً للملكية الرياضية الناجحة.

ليبرون جيمس: إنتاج الأفلام والاستثمار في الشركات الناشئة

ليبرون جيمس، أسطورة كرة السلة، هو أيضاً رجل أعمال يتمتع بنشاط كبير في مجال إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية. بالإضافة إلى الاستثمار الاستراتيجي في الشركات الناشئة.

أولاً: إنتاج الأفلام والبرامج شركةThe Springhill Company))

العمود الفقري لإمبراطورية ليبرون الإعلامية هو شركته “ذا سبرينغ هيل كومباني (The Springhill Company)، والتي أسسها بالشراكة مع صديقه وشريكه التجاري مافريك كارتر. وقد قامت الشركة بدمج ثلاث كيانات سابقة (Springhill Entertainment، وUninterrupted، وRobot Company) لإنشاء استوديو محتوى شامل.

أبرز أعمال الشركة تشمل:

الأفلام

• • Space Jam: A New Legacy (2021): فيلم سينمائي قام ليبرون ببطولته وإنتاجه.
  • Hustle (2022): فيلم من إنتاج الشركة وعرض على نتفليكس.
  • Shooting Stars (2023): فيلم سيرة ذاتية عن قصة حياة ليبرون في المدرسة الثانوية.
  • What’s My Name: Muhammad Ali (2019): فيلم وثائقي.

البرامج التلفزيونية والمحتوى الرقمي:

• • The Shop: برنامج حواري حائز على جوائز يُبث على HBO، يتم فيه إجراء مناقشات في بيئة صالون حلاقة.
  • The Wall: برنامج مسابقات شهير على شبكة NBC.
  • Uninterrupted: منصة محتوى تركز على القصص التي يرويها الرياضيون بأنفسهم.

تركز الشركة على سرد قصص هادفة وملهمة، وغالباً ما تعنى بقضايا السود والجماهير الممثلة تمثيلاً ناقصاً، وقد عقدت صفقات إنتاج كبيرة مع شركات مثل وورنر براذرز، ويونيفرسال بيكتشرز، وديزني.

كما يمتلك ليبرون حصة أقلية في FSG، وهي الشركة الأم لنادي ليفربول لكرة القدم، وفريق بوسطن ريد سوكس للبيسبول، وغيرها من الكيانات الرياضية.

كان جيمس من أوائل المستثمرين والمؤيدين لسلسلة مطاعم البيتزا سريعة النمو.  وقد حقق منها عوائد كبيرة. [1]

كريستيانو رونالدو: سلسلة فنادق، عطور، وملابس داخلية

إمبراطورية كريستيانو رونالدو التجارية (علامة CR7)

• التوسع من الرياضة إلى الأعمال:

لم يكتفِ كريستيانو رونالدو بنجاحه الكروي، بل استغل شهرته العالمية لبناء إمبراطورية تجارية واسعة.

تحمل الإمبراطورية التجارية علامة (CR7)، وتستثمر في مجالات مختلفة.

• سلسلة الفنادق الفاخرة:

أطلق سلسلة فنادق بالتعاون مع مجموعة “بيستانا” البرتغالية.

المواقع: تتواجد فروعها في مدن عالمية مثل مدريد، لشبونة، فونشال، ومراكش.

الهدف: تعكس هذه الفنادق أسلوب حياته وتستهدف الشباب ومحبي الرياضة.

• خطوط العطور الرجالية:

أطلق مجموعة عطور تحمل اسمه.

الميزة: تجمع هذه العطور بين الأناقة والرجولة، مما يتيح لمعجبيه فرصة للارتباط بشخصيته.

• علامة الملابس الداخلية والجوارب:

أطلق خط إنتاج خاص بالملابس الداخلية والجوارب بالتعاون مع مصممين عالميين.

الميزة: يتميز هذا الخط بالجودة العالية والتصميم العصري.. [2]

فلويد مايويذر: فن التسويق الذاتي وتحقيق الأرباح

يعتبر الملاكم الأسطوري فلويد مايويذر جونيور أحد أبرز الأمثلة في التاريخ الرياضي على كيفية استخدام التسويق الذاتي الذكي لبناء علامة تجارية شخصية عملاقة وتحقيق أرباح غير مسبوقة. بينما كانت صورته في بداية مسيرته هي “Pretty Boy Floyd”، غير مايويذر من صورته إلى شخصية “Floyd Money Mayweather”. وهي شخصية تثير الجدل وتستفز الجمهور بشكل متعمد. بالتالي، يتفاخر مايويذر باستمرار بثروته الضخمة. حيث ينشر صوراً لأكوام من النقود، والسيارات الفاخرة، والمجوهرات، والطائرة الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. علاوة على ذلك. فالهدف من هذا السلوك ليس مجرد التباهي، بل ترسيخ علامته التجارية حول فكرة أن نزال فلويد مايويذر هو حدث ضخم يجلب أموالاً ضخمة.

أيضًا لعب دور الشرير المغرور في رياضة الملاكمة، مما أدى إلى انقسام المشجعين. جزء كبير من الجمهور كان يدفع لمشاهدة نزالاته أملاً في رؤيته يخسر. وهذا زاد من مبيعات (Pay-Per-View – PPV) بشكل هائل.

منتجات مايويذر

تكمن العبقرية التجارية لفلويد في اتخاذه قراراً حاسماً ليصبح المروج لنفسه من خلال شركة مايويذر برودكشنز (Mayweather Promotions).

وبصفته مروجاً، سيطر مايويذر على الجوانب المالية بالكامل. بما في ذلك حقوق البث، مبيعات التذاكر، والرعاية. هذا سمح له بالاستحواذ على حصص أكبر بكثير من إيرادات النزالات مقارنةً بالملاكمين الذين يعتمدون على مروجين خارجيين. لم يبع مايويذر نزالات ملاكمة، بل باع أحداثاً ترفيهية عالمية. والنزالات الأضخم في تاريخه ضد ماني باكياو وكونور ماكغريغور، حققت إيرادات تجاوزت المليار دولار، وكان مايويذر المستفيد الأكبر منها.

ماجيك جونسون: إمبراطورية استثمارات في المجتمعات الأمريكية الأفريقية

ركزت إمبراطورية ماجيك جونسون الاستثمارية، التي تديرها شركته ماجيك جونسون إنتربرايزس (Magic Johnson Enterprises – MJE)، بشكل استراتيجي على الاستثمار في المجتمعات الحضرية ذات التنوع العرقي. خاصة الأمريكية الأفريقية. بينما يتجاهل العديد من المستثمرين هذه المجتمعات. كانت استراتيجيته تقوم على مبدأ أن هذه المجتمعات هي أسواق غير مستغلة وذات قوة شرائية عالية. بالتالي، حقق نجاحًا كبيرًا من خلال تلبية احتياجاتها. علاوة على ذلك. ساهم هذا النهج في تعزيز النمو الاقتصادي داخل هذه المناطق. من أبرز مجالات استثماراته في هذه المجتمعات::

• التجزئة والضيافة

كان رائداً في إدخال سلاسل متاجر كبرى وذات جودة عالية إلى الأحياء الداخلية (Inner-city) من خلال شراكات مع علامات تجارية مثل: ستاربكس (افتتح أكثر من 100 متجر)، وبرجر كنج.

• التمويل والخدمات

استحوذ على حصة مسيطرة في شركة EquiTrust Life Insurance Company (تأمين وخدمات مالية). بهدف توفير المنتجات المالية عالية الجودة للمستهلكين في المجتمعات الأقل حظاً.

• تطوير العقارات

من خلال صندوق Canyon-Johnson Urban Fund، ركز على تطوير وإعادة تأهيل العقارات والمجمعات السكنية والتجارية في المجتمعات الحضرية. مما ساهم في خلق الوظائف والنهوض الاقتصادي المحلي.

• البنية التحتية

أسس صناديق استثمارية تركز على تحسين البنية التحتية في الولايات المتحدة. مع اهتمام خاص بالمشاريع التي تخدم وتوظف من المجتمعات الحضرية.

• الرياضة والترفيه

يمتلك حصصاً في فرق رياضية كبرى مثل لوس أنجلوس دودجرز (MLB) ولوس أنجلوس سباركس (WNBA) ونادي لوس أنجلوس إف سي (MLS). مما يمنحه منصة وقوة نفوذ.

وفي ختام الحديث عن الرياضة والأعمال­. يمثل وصول الرياضيين إلى نادي المليارديرات خارج الملاعب دليلاً على أن النجاح المالي يتطلب أكثر من مجرد الموهبة الرياضية. لقد نجح هؤلاء في الانتقال من كونهم مجرد موظفين أو داعمين للعلامات التجارية إلى مالكين ومستثمرين مؤسسين. مما ضمن لهم استدامة الثروة وتناميها حتى بعد اعتزالهم.

الأسئلة الشائعة

س1: كيف يحقق الرياضيون ثروات ضخمة بعد الاعتزال؟

ج: يعتمد الكثير منهم على استثمار أموالهم في الأعمال التجارية والعقارات والعلامات التجارية الخاصة. مستفيدين من شهرتهم لبناء مشاريع ناجحة في مجالات مثل الأزياء، العطور، والمطاعم.

س2: ما أكثر المجالات التي يستثمر فيها نجوم الرياضة؟

ج: من أبرزها الملابس الرياضية، الفنادق، شركات التغذية. والعطور، بالإضافة إلى الاستثمارات في التكنولوجيا والعقارات.

س3: هل تلعب العلامة التجارية الشخصية دورًا في ثراء الرياضيين؟

ج: نعم، فكلما كانت شخصية الرياضي قوية ومحبوبة، زادت قيمته التسويقية، مما يتيح له توقيع عقود إعلانية ضخمة وإطلاق منتجات باسمه.

س4: من أبرز الرياضيين الذين أصبحوا مليارديرات؟

ج: من أمثلتهم مايكل جوردان (بفضل شركته مع نايكي – Air Jordan)، وكريستيانو رونالدو وليونيل ميسي. من خلال الاستثمارات والعقود التجارية الضخمة.

س5: هل يمكن لأي رياضي أن يصبح مليارديرًا؟

ج: ليس بالضرورة، إذ يتطلب ذلك تخطيطًا ماليًا ذكيًا، ورؤية استثمارية طويلة المدى، بالإضافة إلى استمرار التأثير الإعلامي بعد الاعتزال.

• Athlete family officeHow do stars maintain their wealth after retirement?_بتصرف
• The practical psychhow to handle fame _بتصرف

مشاركة المقال

وسوم