الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار: مفاهيم متقاربة أم متباينة؟

في عالم مملوء بالتحديات اليومية، تبرز الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار كمسألة محورية تؤثر على الأفراد والمؤسسات على حد سواء. فعندما نواجه مواقف حاسمة تتطلب منا تحديد المسار الأنسب، فإن فهمنا العميق لـ الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار يمنحنا القدرة على التعامل بفعالية مع مختلف الخيارات والاحتمالات. إن الإدراك الواعي لهذه الفُرُوق لا يساعدنا فقط على النجاح الشخصي، بل يساهم كذلك في التطوير المؤسسي وتعزيز القيادة الرشيدة. وبينما يخلط كثيرًا بين مفهومي اتخاذ القرار وصنعه، تظهر أهمية التمييز بينهما بواسطة تحليل الأساليب، والمراحل، والنتائج المرتبطة بكل عملية.
ما هي أساليب اتخاذ القرار؟

تتعدد الأساليب التي يعتمدها الأفراد والمؤسسات عند اتخاذ القرارات، وتختلف باختلاف السياق، ومدى تعقيد الموقف، وطبيعة الأهداف المرغوبة. من أبرز هذه الأساليب: الأسلوب الحدسي، حيث يعتمد على الخبرة والشعور الداخلي دون الرجوع الكلي إلى البيانات. وهناك أيضًا الأسلوب العقلاني، الذي يتطلب جمع المعلومات وتحليلها بعناية لاتخاذ القرار الأمثل. كما يستخدم أسلوب التجربة والخطأ، خاصة في البيئات التي تسمح بمرونة في التطبيق. ولا يمكن إغفال أسلوب المشاركة الجماعية، الذي يقوم على إشراك الأطراف المعنية في صنع القرار، ما يعزز القبول الجماعي ويقلل من مقاومة التنفيذ. هذه الأساليب جميعها ترتبط بفهمنا لـ الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار، فبينما يرتبط اتخاذ القرار باختيار بديل واحد، فإن عملية صنع القرار أوسع وتشمل مراحل ما قبل وما بعد هذا الاختيار.[1]
ما الفرق بين حل المشكلات واتخاذ القرار؟
بالرغْم من التشابه بين حل المشكلات واتخاذ القرار من حيث التشابك مع المواقف الصعبة، إلا أن لكل منهما أهدافًا مختلفة. حل المشكلات يتضمن تشخيص الحالة السلبية أو العقبة ومحاولة تجاوزها بواسطة إيجاد حلول فعّالة. أما اتخاذ القرار فينطوي على اختيار الأفضل من بين بدائل متعددة قد تكون جميعها إيجابية أو مقبولة. وبذلك، فإن حل المشكلات يتطلب فهم الأسباب، في حين اتخاذ القرار يركز على التفضيل والاختيار. هذا التمايز يساعد على توضيح الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار، فصنع القرار يتضمن تحليل المشكلة، وتوليد البدائل، ثم المفاضلة بينها، أما اتخاذ القرار فهو المرحلة النهائية في هذه السلسلة، حيث يختار الحل الأنسب.
تعرف أيضًا على: المخاطر الإدارية: تحديات القيادة وقرارات المستقبل في عالم الأعمال
ما هو الفرق بين اتخاذ القرار وحل المشكلات؟
عند الحديث عن العمليات العقلية، يتبين أن اتخاذ القرار هو إحدى مكونات حل المشكلات وليس مرادفًا له. في حل المشكلات، يمر الفرد أو الفريق بعدة خطوات تشمل تعريف المشكلة، تحليلها، وضع البدائل، ثم اتخاذ القرار المناسب وتنفيذه. أما اتخاذ القرار وحده فهو اختيار أحد البدائل المتاحة. لذلك، يعدّ اتخاذ القرار جزءًا من عملية أكبر هي حل المشكلات. هذا يسلط الضوء على جانب آخر من الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار، إذ ينظر لصنع القرار منهجيَا شاملة تتضمن التفكير التحليلي والإبداعي معًا، في حين اتخاذ القرار يتمركز حول لحظة الاختيار.
تعرف أيضًا على: الأزمات المالية: أسبابها وآثارها على المؤسسات والمجتمعات
ما هي مراحل عملية صنع القرار واتخاذه؟
تمر عملية صنع القرار بعدة مراحل مترابطة تبدأ بتحديد المشكلة أو الفرصة، ثم جمع المعلومات اللازمة، وتحليل البيانات المتاحة. بعد ذلك، يتم وضع البدائل، وتقييمها، ومن ثم اختيار البديل الأمثل. يلي تلك مرحلة التنفيذ، وأخيرًا التقييم والتقويم لضمان تحقيق النتائج المرجوة. إن هذه المراحل تشكل جوهر الفهم الصحيح لـ الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار، إذ إن صنع القرار يغطي جميع المراحل منذ التعرف على المشكلة حتى تقييم النتائج، أما اتخاذ القرار فهو المرحلة الخامسة فقط ضمن هذه الدورة الشاملة.
تعرف أيضًا على: أبرز أساليب اتخاذ القرار في بيئات العمل
صنع واتخاذ القرار
يستخدم مصطلح “صنع واتخاذ القرار” للإشارة إلى تسلسل منهجي يبدأ بتحديد الخيارات وينتهي بالاختيار والتنفيذ. في هذا السياق، يشمل “صنع القرار” جميع الأنشطة التحليلية، في حين يقصد بـ”اتخاذ القرار” لحظة تحديد البديل المفضل. هذه الثنائية تعد أساسية لفهم الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار، حيث إن صنع القرار يعدّ تحضيرًا لاتخاذه، أي أنه يوفر الأدوات والبنية التي تسهل عملية الاختيار.
تعرف أيضًا على: قرارات مصيرية تُبنى على المعلومة لا الانفعال
خطوات اتخاذ القرار
تبدأ خطوات اتخاذ القرار من لحظة:
- تقييم البدائل
- مقارنة مزاياها وعيوبها
- الوصول إلى الاختيار الفعلي
- تتبع هذه الخطوة بالتخطيط للتنفيذ
- بَدْء التنفيذ الفعلي ومراقبة النتائج
في سياق هذه الخطوات، تظهر مرة أخرى الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار، حيث إن صنع القرار يشمل حتى المراحل السابقة لهذه الخطوات، أي جمع وتحليل المعلومات، وتحديد الأهداف. وقد أدرج الباحثون مصطلح “خطوات اتخاذ القرار” كأحد أركان العملية الإدارية المعقدة التي تتطلب مهارة عالية وتفكير نقدي.[2]
تعرف أيضًا على: قرار إداري حاسم في الوقت الخطأ قد يكون كارثة
تعريف صنع القرار
يعرف صنع القرار بأنه العملية التي يعالج فيها الفرد أو المؤسسة معلومات متعددة، بهدف تطوير بدائل وحلول محتملة للوصول إلى أفضل اختيار ممكن. يشمل هذا التعريف مراحل التفكير النقدي، والتقييم المنهجي، واستخدام البيانات. بهذا المفهوم، فإن الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار يبدو جليًا، حيث إن صنع القرار عملية أوسع زمنًا ومنطقيًا من مجرد اختيار بديل. فهو يفترض التخطيط المسبق والتفكير المنظم، وليس فقط لحظة الاختيار.
تعرف أيضًا على: صانع القرار الناجح يعرف متى يتراجع ومتى يواجه
تتم عملية صنع القرار تتابعيًا بتنفيذ القرار، ثم اتخاذ القرار ثم صنع القرار
في بعض الأدبيات الإدارية، يتم توضيح تسلسل العملية على الشكل التالي: صنع القرار أولًا، ثم اتخاذ القرار ثانيًا، يليه التنفيذ ثالثًا. ولكن بعض النماذج العملية تقترح عكس الترتيب من حيث الملاحظة، إذ يتم التنفيذ بناءً على قرار قد تم اتخاذه بعد صنعه. ومع ذلك، يبقى التسلسل الأكثر اعتمادًا هو:
- صنع القرار ← اتخاذ القرار ← تنفيذ القرار.
ومن هنا يظهر الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار بوضوح، باعتبار أن كل مرحلة تمثل وظيفة مستقلة ضمن العملية الكلية.
أهمية اتخاذ القرار
إن اتخاذ القرار من العمليات الجوهرية التي تعتمد عليها نجاح الأفراد والمؤسسات. فكل قرار يتخذ ينعكس تأثيره على النتائج المتوقعة، ويحدد مسار العمل المستقبلي. تعتمد القيادة الناجحة على مهارة اتخاذ القرار في الوقت المناسب، ومعرفة توقيت التدخل أو التراجع. ثم أن المؤسسات الناجحة تدرك أن ضعف عملية اتخاذ القرار يؤدي إلى خسائر في الموارد، وتراجع في الأداء. في ضوء ذلك، ندرك تمامًا الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار، حيث تتجسد الأهمية في كون القرار هو النتيجة النهائية لعملية عقلية معقدة تبدأ بصنعه وتنتهي بتطبيقه.
تعرف أيضًا على: اتخاذ القرار وحل المشكلات: مهارتان أساسيتان للنجاح الإداري
في النهاية، فإن الفهم الواعي لـ الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار لا يمثل مجرد معرفة نظرية، بل هو أداة عملية لتحقيق التميز الشخصي والإداري. لقد تناولنا في هذا المقال الأساليب، والمفاهيم، والمراحل، والاختلافات الجوهرية التي تمكّننا من التمييز بين هذين المفهومين. وبينما قد تستخدم المصطلحات بشكل متبادل في الحياة اليومية، فإن الإدراك العلمي لها يجعلنا أكثر قدرة على التعامل مع التحديات وتوجيه مؤسساتنا نحو النجاح. إن تكرار التأكيد على الفرق بين صنع القرار واتخاذ القرار يساعدنا على ترسيخ هذه المعرفة في أذهاننا، وبذلك تحسين نوعية القرارات التي نتخذها.
المراجع
- Asana7 Important Steps of the Decision Making Process [2025] (بتصرف)
- Tech targetWhat is the decision-making process? (بتصرف)
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

تطوير البنية الصحية هو حجر الأساس لمنظومة قوية

أفضل استراتيجيات التسويق التي ترفع مبيعاتك بسرعة

كيفية إدارة مشروع: دليل مبسّط للمبتدئين والمحترفين

أسباب التردد في اتخاذ القرار وتأثيرها على الأداء...

العوامل المؤثرة في اتخاذ القرارات: بين المنطق والعاطفة

ماهي أنماط القيادة الإدارية

كيف اثبت نفسي في العمل

قسم الإدارة الصحية مناهج حديثة لتأهيل قيادات الرعاية...

أسرار إدارة المشاريع الناجحة في بيئة العمل الحديثة

الاستراتيجية المتوسطية رؤية إقليمية للنمو في قلب العالم...

استراتيجيات التسعير النفسي في التسويق

ماهي وظائف إدارة المشاريع وكيف تؤثر في جودة...

أسرار التسويق الناجح كما يطبقها كبار العلامات التجارية

فن التسويق كيف تحوّل فكرتك إلى قصة تبيع؟
