المسبار الفضائي واستخداماته

عند التفكير في المسبار الفضائي. نتخيّل مركبةً آلية تخترق الفضاء، حاملةً عيونًا جديدة تمدّنا بمعلومات من أعماق الكون. إنها ليست مجرد آداة تكنولوجية، بل جسر يربط بين فضول الإنسان ومجهولاته الكونية. في هذا المقال، سنستعرض معًا تعريف المسبار الفضائي، طريقة عمله، سرعته التي تتحدى المعايير، وأين هي تجوب اليوم.
ما معنى المسبار الفضائي؟
حين نسمع كلمة المسبار الفضائي، يتبادر إلى ذهننا مركبة فضائية مستقبلية ترسل لاستكشاف بعيدة. لكن لنكن أكثر تحديدًا: “ما هو المسبار؟” هو جهاز غير مأهول يُرسل إلى الفضاء لاكتشاف الأجرام السماوية وجمع معلومات دقيقة حولها.
تعرف أيضًا على: المجرات وأنواعها
يمكن القول إن المسبار الفضائي هو مركبة روبوتية تعمل دون وجود بشري على متنها، مزودة بأجهزة علمية متقدمة مثل كاميرات، طيفيات، وأجهزة استشعار. يطلق إلى الفضاء ليقوم بزيارات للأجرام السماوية “كالكواكب، الأقمار، الكويكبات أو المذنبات” أحياناً يلتف حولها، أو يحلق قربها، وفي أحيان أخرى يحط على سطحها. كل ذلك دون أن يتحرّك الإنسان في أثناء المهمة.
خلال رحلته، يقوم المسبار الفضائي بجمع بيانات ثم يبثها إلى الأرض عبر هوائيات لاسلكية. ما يجعله مفيدا هو قدرته على العمل في ظروف قاسية قد تعجز عنها البعثات المأهولة. مثل درجات الحرارة القصوى أو الإشعاع العالي. هذا الدور جعله أداة لا غنى عنها في تاريخ الاستكشاف الفضائي، حيث قدم صورا ومعلومات تيعمق فهمنا للنظام الشمسي والكون. [1]
تعرف أيضًا على: الكواكب الصخرية وخصائصها

ما هو المسبار الفضائي وكيف يعمل؟
إليك تبسيط منطقي يجمع بين تعريف المسبار الفضائي. وآلية عمله، في نقاط تفصيلية تجعل الفهم أكثر وضوحًا:
تعريف موجز للمسبار الفضائي
المسبار الفضائي هو مركبة روبوتية غير مأهولة تطلق لاستكشاف الفضاء، مزودة بأجهزة علمية تخصص لدراسة الكواكب، الأقمار، الكويكبات، والمذنبات، ولجمع البيانات التي تصل الأرض فيما بعد بدقة عالية.
أنواع المسبارات الفضائية
توجد ثلاثة أنواع أساسية: المسبارات العابرة (Flybys) التي تمر قرب الأجرام السماوية، المدارات (Orbiters) التي تدور حولها لسنوات، والمسبارات النازلة (Landers) التي تهبط على السطح وتدرس البيئة بشكل مباشر. مثلًا، “فوياجر 2” تجاوز كوكب زحل، ونفّذت “ماجلان” مسحًا تفصيليًا لسطح كوكب الزهرة.
أدوات تُسخر لدراسة الهدف
كل مسبار مجهّز بكاميرات، مطيافيات، وأجهزة قياس المجال والمغناطيسية، تساعد في جمع معلومات حول تركيب الغلاف الجوي، التضاريس الجيولوجية، وتركيب السطح.
كيفية التنقل والتحكم عن بعد
يستخدم النظام محركات دقيقة (thrusters) لتعديل مساره، بالإضافة إلى أنظمة توجيه تربطه بإشارات مرسلة من الأرض لضبط اتجاهه.
نقل البيانات إلى الأرض
ترسل البيانات عبر موجات الراديو (أو في أحيان متقدمة باستخدام الليزر) إلى محطات أرضية مثل شبكة “Deep Space Network”، حيث تفك شفرتها وتحلّل لتظهر في صورة بيانات قابلة للقراءة. [2]
تعرف أيضًا على: السدم الكونية وتكوّن النجوم
كم تبلغ سرعة المسبار الفضائي؟
عند الحديث عن المسبار الفضائي. تبدو السرعة بمثابة القلب النابض في قصته الاستكشافية. تختلف السرعات حسب المهمة والمرحلة، لكن لنقترب أكثر لنعرف:
أولاً، في نطاق مداري منخفض حول الأرض، مثلما كانت المركبات الفضائية، تبلغ السرعة نحو 28 ألف كيلومتر في الساعة. وهذه السرعة كانت ضرورية لتجاوز جاذبية الأرض والانطلاق نحو الفضاء.
أما إذا اتجهنا نحو أجواء أعمق، نجد أن Voyager 1، المسبار الأسطوري، يسير بسرعة تقارب 17 كيلومترًا في الثانية، أو ما يعادل نحو 61,500 كيلومتر في الساعة. وهو أسرع جسم صنعه الإنسان وها هو يبتعد عنا في الفضاء بين النجمي.
تعرف أيضًا على: ما الفرق بين الغلاف الجوي والفضاء؟ شرح مبسط للحدود والاختلافات بينهما
وعند النظر لأعمق الأرقام، نجده يتجاوز كل ذلك. في ذروة مداره حول الشمس، لكن Helios B حقق رقمًا قياسيًا مختلفًا تمامًا، فقد بلغ سرعته نحو 252,792 كم/س أثناء اقترابه من الشمس، محطمًا كل الأرقام التي سبقت.
في المحصلة، تعكس سرعة المسبار قيمته في التقدم نحو المجهول، وتمثل مدى قدرته على تحدي الجاذبية والتوقيت المستمر مع حركة الكون. كل كيلومتر في الثانية ليس مجرد رقم، بل خطوة نحو فهم أبعاد لم نكن نحلم بها من قبل.
تعرف أيضًا على: اول رائد فضاء سعودي
أين المسبار الفضائي الآن؟
من بين الرحّالة الفضائيين. يوجد اثنان ما زالا في الميدان باحثين في أماكن متباعدة تمامًا، كل في مهمته الفريدة.
في المدار حول الأرض، لا يزال مسبار هابل يسبّح في الفضاء الخارجي على ارتفاع يقارب 547 كيلومترًا، محمولًا بأجهزة تصوير متقدمة جعلته نافذة الإنسان إلى الكون. يدور بانتظام مكملًا دورة واحدة خلال 95 دقيقة تقريبًا، متخطّيًا الغلاف الجوي ليصور النجوم والمجرات بوضوح لا تضاهيه التلسكوبات الأرضية.
وبعيدًا في منطقة أكثر حرارة من أي مكان آخر، يواصل مسبار باركر. مهمته الجريئة. فهو لا يسعى بعيدًا فحسب، بل انغمس في قلب الشمس من خلال المدار البيضاوي المتقارب للغاية، حتى اقترب إلى حوالي 3.8 مليون ميل من سطح الشمس في ديسمبر 2024. بسرعاتٍ هائلة تتجاوز 700,000 كيلومتر في الساعة، يمسّ جدار الجحيم الكوني، يكشف أسرار الرياح الشمسية. ويتحمّل حرارة كاملة لا يقدر عليها أحد من قبل.
هكذا يعيش المسبار الفضائي. وسط التباين: هابل بمعزوفاته في الضوء البعيد فوق مسرح الأرض، وباركر في نبرته الشاعرة الساخنة قرب الشمس. كليهما يكتب فصولًا من المعرفة العلمية بحسب موقعه.
تعرف أيضًا على: الحضارة السومرية والفضاء: العلاقة بين الفلك القديم وأسرار أول حضارة في التاريخ
منذ إطلاق أول مهام الاستكشاف، أصبح المسبار الفضائي. صورةً حية لروح الإنسان الفضولي المندفعة نحو المجهول. بدأنا بالتعرّف على ما هو المسبار، ثم استوضحنا تفاصيل عمله المشترك بين التقنيات والابتكار، وقاسنا سرعته الفائقة التي تسمح له بعبور الكون بعيدًا عن أعيننا، واختتمنا بمكانه الفعلي اليوم، متنقلًا بين الكواكب والنظام الشمسي حتى الفضاء البين نجمي.
إنَّ هذه المجسّات الفضائية، كـ”فويجر” و”هابل” و”باركر”، ليست مجرّد آلات مصمّمة فحسب، بل هي سفراء علميون، محفورون بالبصمة الإنسانية. يتواصلون معنا عبر الزمان والمكان. هذه المركبات المتطوّرة لا ترسل إلينا معلومات عن الكواكب فحسب، بل تُعبّر أيضاً عن جزء من حلمنا الجماعي بتوسيع آفاق المعرفة خارج حدود كوكبنا.
بينما نحوّل الخيال إلى حقيقة، ندرك أنّ استكشاف الفضاء بواسطة هذه المجسّات. يمثل استثماراً متواصلاً في العلم والمستقبل. فكل إشارة ترسلها إلينا من الفضاء تحمل رسالة واضحة: لقد وصلنا إلى هناك، وسنظلّ نسعى، لأن الكون الذي نستكشفه يفتح آفاقاً لا حدود لها.
المراجع
- education.nationalgeographicSpace Probes - National Geographic Education -بتصرف
- coolcosmosWhat is a space probe? | Cool Cosmos - Caltech -بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

أكبر قبائل العرب عبر التاريخ

البراكين في السعودية وأماكن وجودها

ملوحة البحار العالية وظواهرها

وجهات سياحية عالمية تستحق الزيارة

موارد أفريقيا الطبيعية وأهميتها الاقتصادية

بحر المرجان وأهميته البيئية

التوزيع السكاني في السعودية

نهر بردى في دمشق تاريخ وحضارة عريقة

الجبال البركانية في أفريقيا وأهميتها

الجزر البركانية تكوينات طبيعية مدهشة

الهجرة البشرية بين القارات

النجم النيوتروني وخصائصه

الانفجارات الشمسية وتأثيرها

زلزال نابولي التاريخي
