حكم دفع كفارة الصيام عن شخص آخر

يُعدّ الصيام فريضة عظيمة، وعند العجز عن أدائها لأسباب شرعية، تجب الفدية أو الكفارة. يتساءل الكثيرون عن حكم دفع كفارة الصيام عن شخص آخر، وهل يجوز للابن أن يدفع عن أبيه أو الزوج عن زوجته؟ في هذا المقال، سنوضح الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه المسألة، مع توضيح الحالات التي يجوز فيها ذلك والحالات التي لا يجوز.

هل يجوز صيام الكفارة عن شخص آخر؟

من المعروف أن الصيام عبادة بدنية محضة لا يمكن لشخص أن يؤديها نيابة عن آخر في حياته فالأصل في العبادات التكليف الشخصي ومع ذلك هناك بعض الاستثناءات التي وردت في الشريعة الإسلامية خاصة فيما يتعلق بالصيام الفائت أو الواجب على الميت.

جمهور الفقهاء يرى أنه لا يجوز لشخص أن يصوم الكفارة عن شخص آخر وهو على قيد الحياة وقادر على الصيام بنفسه.  لأن الصيام عبادة بدنية تتطلب النية والمباشرة من المكلف نفسه. أما في حالة الميت الذي عليه صيام واجب. فقد وردت بعض الأحاديث التي تشير إلى جواز قضاء الولي للصيام عن ميته سواء كان صيام نذر أو كفارة.

 هذا يختلف عن حكم دفع كفارة الصيام عن شخص آخر.  حيث إن الكفارة هي فدية مالية يمكن أن تسدد من مال المكلف. أو من يتبرع عنه بينما الصيام هو أداء العبادة البدنية نفسها. فمثلا إذا كان الشخص مريض بمرض مزمن لا يرجى برؤه ولا يستطيع الصيام فعليه الفدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطره وهذه الفدية يمكن أن يدفعها هو أو أي شخص آخر نيابة عنه.

تعرف أيضًا على: أحكام فقهية في الزواج والطلاق: ضوابط وقواعد

أحكام إضافية: دفع الكفارة عن العاجز وعن الأقارب

بالنسبة لـحكم من لا يستطيع دفع كفارة الصيام.  فإن الشريعة الإسلامية راعت حال العاجز. فإذا كان الشخص لا يملك المال لدفع الكفارة الواجبة عليه (مثل كفارة الجماع في رمضان، أو كفارة اليمين التي فيها خيار الصيام) فإنه يسقط عنه الإلزام بها حتى يجد القدرة فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولكن عليه أن ينوي أداءها متى تيسر له ذلك.

 أما سؤال هل يجوز دفع كفارة اليمين عن شخص آخر.  فالأصل أن كفارة اليمين واجبة على الحانث نفسه ومع ذلك يجوز لشخص آخر أن يدفع هذه الكفارة عن الحانث إذا أذن له الحانث بذلك أو تبرع بها عنه فهي عبارة عن فدية مالية يمكن أن يقوم بها الغير.

 وبخصوص هل يجوز دفع كفارة الصيام للأقارب.  نعم يجوز دفع كفارة الصيام (وهي الفدية المالية، وليس الصيام نفسه) للأقارب الفقراء الذين لا تجب نفقتهم على المزكي فإذا كان القريب فقير ومستحق للزكاة أو الكفارة جاز دفعها له بل يكون الأجر مضاعف لأن فيه صلة رحم وصدقة أما الأصول (الآباء والأمهات) والفروع (الأبناء والبنات) الذين تجب نفقتهم فلا يجوز دفع الكفارة لهم لأن ذلك بمثابة إسقاط واجب عن المزكي نفسه.[1]

تعرف أيضًا على: الأحكام الشرعية في أصول الفقه: منهج دراسة الأدلة

هل يجوز دفع كفارة الصيام عن الغير؟

عند الحديث عن حكم دفع كفارة الصيام عن شخص آخر.  تتضح مسألة جواز دفع الكفارة عن الغير. القاعدة الشرعية في الكفارات المالية أنها تجوز نيابة عن الغير إذا كان ذلك برضا المكلف أو بطلب منه أو في حالة الميت من ماله.

أو ممن يتبرع عنه فالكفارة هي بمثابة دين أو التزام مالي يسقط عن المكلف بدفعه سواء دفعه بنفسه أو عن طريق وكيل أو متبرع. على سبيل المثال إذا كان هناك شخص عاجز عن الصيام لمرض مزمن ومقررة عليه فدية إطعام مسكين عن كل يوم فيجوز لأبنائه أو أقاربه أو حتى أي متبرع أن يدفع عنه هذه الكفارة.

 وكذلك إذا توفي شخص وعليه أيام صيام واجبة أو كفارة لم يؤدها فيجوز لأهله أن يخرجوا الكفارة من تركته إن وجدت أو يتبرعوا بها عنه. هذا يختلف عن الصيام نفسه الذي لا يجوز أداؤه عن الحي القادر.

تعرف أيضًا على: آيات فيها أحكام شرعية: أمثلة وتطبيقات

هل يجوز دفع كفارة الصيام دفعة واحدة. عن الأيام المتعددة أو حتى عن أكثر من شخص إذا كان ذلك من باب البر والإحسان. وتيسير على المزكي والمستحق فإذا كانت الكفارة المستحقة هي إطعام عدد من المساكين عن أيام معينة يمكن جمع هذه الأطعام ودفعها دفعة واحدة للمستحقين.أما سؤال هل يجوز دفع كفارة الصيام عن الميت؟ فالإجابة هي نعم إذا توفي شخص وعليه كفارة صيام (كفدية إطعام المسكين عن كل يوم أفطره لعذر شرعي ولم يتمكن من القضاء في حياته أو كفارة جامع في رمضان ولم يؤدها) فيجوز لأولياء أمره أو ورثته أن يدفعوا عنه هذه الكفارة من ماله إن ترك مال أو أن يتبرع بها أي شخص عنه وقد أجاز بعض الفقهاء أيضا أن يصوم الولي عن الميت صيام النذر أو الكفارة استناد لبعض الأحاديث النبوية.[2]

تعرف أيضًا على: أكثر سورة فيها أحكام شرعية: قراءة في سورة البقرة

لمن تعطى كفارة الإفطار في رمضان؟

 تعطى كفارة الإفطار في رمضان للمساكين والفقراء فهي مخصصة لإطعام من هم في حاجة ماسة. وهذا هو الهدف الأساسي من فرض الكفارات في الإسلام و حكم دفع كفارة الصيام عن شخص آخر.  وهو تحقيق التكافل الاجتماعي والتخفيف عن الفئات المحتاجة؟

فالكفارة هي بمثابة تعويض عن إخلال بواجب شرعي وهذا التعويض يكون مادي يصب في مصلحة الفقراء والمحتاجين,

كما يجب أن تكون الكفارة طعام أو ما يعادله من قيمة نقدية تدفع لشراء الطعام. وتقدير الكفارة هو مد من طعام أي ما يساوي 750 جرام تقريبا. من غالب قوت أهل البلد لكل مسكين عن كل يوم إفطار ومن المهم الإشارة إلى أن الكفارة لا تعطى للأغنياء أو من يملكون قوت يومهم.

بل يجب أن تصرف لمن يستحقها شرعا و يمكن توزيع الكفارة على مسكين واحد عن عدة أيام. أو على عدة مساكين حسب ما تقتضيه المصلحة وتيسير الأمر. و يجب على من يدفع الكفارة التحقق من أن المستفيدين منها هم فعلا من الفقراء والمساكين.

تعرف أيضًا على: الأحكام الشرعية الخمسة مع الأمثلة: شرح مبسط

هل يجوز إعطاء الفدية للأقارب؟

 مسألة جواز إعطاء الفدية للأقارب تعتمد على مدى فقر هؤلاء الأقارب وحاجتهم فالقاعدة الشرعية في الزكاة والكفارات. أن تعطى للفقراء والمساكين إذا كان الأقارب من الفقراء والمساكين المستحقين شرعا فإعطاؤهم الفدية أولى وأفضل لأن فيه صلة رحم بالإضافة إلى أجر الصدقة

الأقارب المستحقون

 إذا كان أحد أقاربك فقير أو مسكين ولا يجد ما يكفيه من الطعام فإعطاء الفدية له يعد من أفضل أوجه الصرف. و هذا ينطبق على هل يجوز إعطاء كفارة الصيام لابنتي إذا كانت فقيرة أو هل يجوز دفع كفارة الصيام للاخت إذا كانت محتاجة

الأقارب غير المستحقين

 أما إذا كان الأقارب أغنياء أو ميسوري الحال فلا يجوز إعطاؤهم الفدية لأنها مخصصة للفقراء والمساكين

الزوج والزوجة

 لا يجوز للزوج أن يدفع الفدية لزوجته أو العكس لأن النفقة واجبة. بينهما ومع ذلك قد ينطبق على هل يجب على الزوج إخراج فدية الصوم عن زوجته.  إذا كانت غير قادرة على دفعها بنفسها ومحتاجة وهذا شكل من اشكال حكم دفع كفارة الصيام عن شخص آخر  

الوالدان والأولاد

لا يجوز دفع الكفارة للوالدين أو الأولاد الذين تجب نفقتهم عليك. إلا إذا كانوا فقراء جدا ولا تجب نفقتهم عليهم لسبب شرعي

فكما رأينا أن الأولوية في إعطاء الفدية هي لمن هم في أشد الحاجة إليها من الفقراء والمساكين. سواء كانوا من الأقارب أم من غيرهم مع تفضيل الأقارب المستحقين.

تعرف أيضًا على: نساء الصحابة: نماذج خالدة في الصبر والعطاء

وفي الختام، يتبين أن حكم دفع كفارة الصيام عن شخص آخر. جائز ومرغوب فيه، خاصة إذا كان الشخص المعني عاجزًا عن الدفع بنفسه. سواء كان ذلك عن والدين متوفين أو أحياء عاجزين، أو عن زوجة لا تملك المال، فإن هذا العمل يُعدّ من البر والإحسان. والأجر في ذلك يعود للدافع، ويُرجى أن ينفع المتوفى أو المريض، مما يعكس سماحة الشريعة وحرصها على التكافل الاجتماعي.

• IslamQA.info Ruling on paying expiation for fasting on behalf of another person -بتصرف
• Sunnah.com If one cannot afford to pay expiation for fasting -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم