شجرة الدر: أول امرأة تحكم مصر في العصر الإسلامي بقوة وحنكة

شجرة الدر هي شخصية تاريخية فريدة في العصر المملوكي. حيث كانت من أهم النساء اللاتي حكمن مصر. كانت زوجة للسلطان الأيوبي الصالح أيوب. وبعد وفاته قامت بدور سياسي وعسكري بارز قادها إلى تولي عرش البلاد. في هذا المقال نقترب أكثر من شخصيتها ونتتبع تفاصيل حياتها من نسبها المجهول مرورًا بزواجها وصولًا إلى لحظة النهاية الدامية التي حفرت في ذاكرة التاريخ.

ما هي قصة شجرة الدر؟

تبدأ قصة شجرة الدر الحقيقية. من خلف جدران القصور حين كانت جارية ذات جمال لافت وذكاء شديد. وقد بيعت في أسواق العبيد قبل أن تصل إلى قصر السلطان الصالح نجم الدين أيوب وتصبح زوجته المقربة. وعندما توفي السلطان أثناء مواجهته للحملة الصليبية السابعة. وجدت البلاد نفسها في لحظة فراغ سياسي خطير وكان لا بد من قيادة حازمة وسريعة.

هنا ظهرت شجرة الدر. بدور يفوق التوقعات؛ أخفت نبأ وفاة زوجها لفترة حتى لا تنهار الجبهة أمام الغزو الفرنسي. بقيادة لويس التاسع وأدارت شؤون الدولة باحترافية من خلف الستار إلى أن أعلن عن وفاته لاحقًا. وتمت مبايعتها كسلطانة على مصر لتصبح أول امرأة تحكم البلاد في العصر الإسلامي.

حكمها لم يكن صوريًا؛ فقد شاركت في القرارات ونظّمت الجيوش وأسهمت في الانتصار على الصليبيين في معركة المنصورة. لكنها واجهت معارضة شرسة من الداخل والخارج ما جعل حكمها قصيرًا نسبيًا. ومع ذلك فقد تركت بصمتها في التاريخ السياسي الإسلامي كامرأة لم تقف على الهامش بل أمسكت بزمام الحكم في أصعب الظروف.[1]

تعرف أيضًا على: مريم العتيبي وأثرها في قضايا حقوق المرأة بالسعودية

لماذا سميت شجرة الدر بهذا الاسم؟

الاسم الذي عرفت به شجرة الدر. لم يكن مجرد لقب عابر بل حمل في طيّاته دلالة خاصة. تقول بعض الروايات إن معنى شجرة الدر. يشير إلى جمالها ورقتها وأناقتها فشبّهت بثمرة ثمينة لا تقدّر بثمن كأنها “شجرة تتساقط منها حبات الدر” في جمالها وقيمتها.

هذا اللقب ساعدها على ترسيخ مكانتها في قلوب الناس وجعل منها رمزًا فريدًا لامرأة قوية تجمع بين الرقة والحكمة. فمنذ دخولها إلى القصر السلطاني لفتت الأنظار بحضورها اللافت وتأثيرها السياسي المتصاعد حتى أصبحت فيما بعد واحدة من أهم الشخصيات النسائية في التاريخ الإسلامي.

تعرف أيضًا على: تعرف على حسان دياب رئيس وزراء لبنان السابق

أما بالنسبة إلى ما هو اسم شجرة الدر الحقيقي؟ قد لا يعرف البعض هو أن اسمها الحقيقي كان جارية خوارزمية الأصل. واختلف المؤرخون في اسمها إلا أن الأرجح أنه كان “شجر الدرّ” أو “شجر الدرّ خاتون” وكانت تلقب بـ “أم خليل” نسبة إلى ابنها خليل بن شجرة الدر من السلطان الصالح نجم الدين أيوب.

لقد استطاعت  أن تحوّل اسمها إلى علامة فارقة ليس فقط في أوساط الحكم بل في الذاكرة التاريخية كذلك. فاسمها ما زال حتى اليوم مرتبطًا بالذكاء السياسي والدهاء في إدارة الأزمات. وبينما حملت بعض النساء ألقابًا فخرية كانت شجرة الدر استثناءً؛ إذ استطاعت أن تعطي لهذا الاسم بعدًا عمليًا وحقيقيًا في الحكم وصنع القرار.[2]

تعرف أيضًا على: ماجد القصبي: وزير المهمات المتعددة في الحكومة السعودية

هل شجرة الدر أم صلاح الدين الأيوبي؟

رغم أن بعض الناس يخلطون بين الحقائق التاريخية إلا أن الحقيقة المؤكدة أن شجرة الدر لم تكن أم صلاح الدين الأيوبي بل ولد صلاح الدين قبل أن تظهر بزمن طويل. صلاح الدين توفي عام 1193 بينما لمعت في منتصف القرن الثالث عشر تحديدًا بعد وفاة السلطان الصالح نجم الدين أيوب عام 1249.

ومن جهة أخرى كثيرون يتساءلون عن أبنائها وهنا تشير بعض المصادر إلى وجود ابن يقال إنه اسمه خليل ابن شجرة الدر. لكن هذه المعلومة لا تجد ما يؤكدها تاريخيًا بشكل قاطع. وعلى الأرجح لم يكن لها أبناء معروفون مما جعلها تعتمد على نفوذها السياسي وعلاقتها بالسلطة أكثر من روابط النسب.

الارتباك في الأسماء أو الحقائق وارد خصوصًا عندما تكون الشخصيات التاريخية محاطة بالكثير من الأساطير. لكن ما لا يمكن إنكاره أنها لعبت دورًا محوريًا في فترة مضطربة من تاريخ مصر سواء كانت أمًا لأحد أم لا فقد كانت “أمًا سياسية” لحكم قوي شهد أول امرأة تتربع على عرش السلطنة بقوة القرار لا النسب.

تعرف أيضًا على: أبرز شخصيات سياسية سعودية تركت بصمة في تاريخ المملكة

لماذا قتلت شجرة الدر عز الدين إيبك؟

كانت شجرة الدر امرأة ذكية وطموحة وصلت إلى قمة السلطة في وقت لم يكن يسمح فيه للنساء بتولي الحكم وبعد وفاة زوجها السلطان الصالح نجم الدين أيوب حكمت مصر لفترة قصيرة ثم تزوجت من القائد المملوكي عز الدين أيبك لترضى عنه فئة من الجيش وتثبّت حكمها أكثر.

لكن الصراع بدأ حين أراد أيبك الاستقلال بالحكم وقرر الزواج من امرأة أخرى ما اعتبرته خيانة سياسية تهدد مكانتها. وهنا كان قرارها النهائي بقتله لكنها لم تدرك أن هذا القرار سيكون بداية نهايتها. فقد أغضب المماليك وخاصة ابن أيبك الذي انتقم لاحقًا منها.

تعرف أيضًا على: عبدالله بن بندر: الوزير الشاب في الحرس الوطني السعودي

ونذكر هنا بعض الحقائق الهامة:

• أين ولدت شجرة الدر؟لا توجد معلومات دقيقة حول مكان ولادتها لكن بعض الروايات تشير إلى أنها كانت من أصول تركية أو أرمينية وربما ولدت في بلاد ما وراء النهر أو في القوقاز ثم جلبت إلى مصر كجارية قبل أن تصعد إلى السلطة.

• من هو زوج شجرة الدر؟ زوج شجرة الدر الأول هو السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب وبعد وفاته تزوجت من الأمير عز الدين أيبك أول سلاطين المماليك.

حياتها السياسية

• زواجها وتأثيرها: تزوجت من السلطان الصالح نجم الدين أيوب وكان لها تأثير كبير في فترة حكمه ثم تزوجت لاحقًا من عز الدين أيبك الذي قتلته بنفسها لاحقًا بعد تصاعد الخلافات بينهما.
• نهاية حكمها: وهكذا كانت نهاية حاكمة عظيمة بدأت قوية وأنهت حياتها بمأساة ولكنها تركت أثرًا لا ينسى في التاريخ الإسلامير وهكذا كانت نهاية حاكمة عظيمة بدأت قوية وأنهت حياتها بمأساة ولكنها تركت أثرًا لا ينسى في التاريخ الإسلامي.

تعرف أيضًا على: بندر بن سلطان: رجل الدبلوماسية السعودية

ختاماً تثبت قصة شجرة الدر. أن التاريخ لا يصنعه الرجال فقط بل قد تصنعه امرأة تتحدى الواقع وتفرض مكانتها وسط عالم يعجّ بالصراعات السياسية والعسكرية. من جارية مغمورة إلى سلطانة تتربع على عرش مصر خاضت شجرة الدر رحلة غير تقليدية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ورغم النهاية المأساوية التي واجهتها فإن ذكراها ما زالت حاضرة في وجدان المؤرخين والباحثين. لقد كانت رمزًا للقوة والدهاء لكن قراراتها الحادة جرّت عليها الخصوم والعداء. وبينما يثار الجدل حول أصولها وزوجها وأسباب مقتل عز الدين أيبك يبقى من المؤكد أن شجرة الدر امرأة غير عادية صنعت لنفسها مكانة لا يمحوها الزمن. ويبقى السؤال مطروحًا: لو عاد بها الزمن هل كانت ستختار ذات الطريق؟

• worldhistory Shajara al-Durr -بتصرف
• brainly why was she given the name saalumarada? -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم