علم الأبراج في القرآن الكريم

إن علم الأبراج في القرآن موضوع يثير الكثير من التساؤلات بين الناس. خصوصاً في عصرنا الحديث حيث يختلط فيه الحق بالباطل، والعلم بالدجل، والمعرفة بالخرافة. لقد انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية مؤخرًا فكرة الاعتماد على الأبراج لتفسير الشخصيات أو توقع الأحداث، حتى أصبح الأمر عادة يومية لدى بعض الأفراد عبر الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، فإن القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة أوضحا بجلاء الموقف الشرعي من هذه الممارسات، مبيّنين الفارق بين علم الفلك الذي يعين الإنسان على معرفة مواقيت الصلاة وحركة الكواكب،
ماذا قال الرسول عن علم الأبراج؟

لقد كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم من علم الأبراج في القرآن. والسنّة واضحًا لا لبس فيه؛ إذ جاء ليهدم ما تعود عليه العرب في الجاهلية من ربط مصائرهم بحركة النجوم أو مواقع الكواكب. فقد كانوا يظنون أن طلوع نجم معين دليل على المطر، أو أن اقتران الكواكب نذير بوقوع حدث عظيم. فجاء الإسلام لينزع هذه العقيدة الباطلة من قلوبهم ويجعلها خالصة لله وحده.
وقد وردت في السنّة النبوية الشريفة نصوص كثيرة تظهر هذا الموقف الحازم. ففي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد»، وهو تحذير صريح بأن التنجيم ليس علماً بل هو ضرب من ضروب السحر، بل إنه يزداد خطورة كلما تمادى الإنسان فيه. وهذا الحديث يدل على أن التنجيم لا يقف عند حدّ التسلية أو الفضول، وإنما يتطور ليصبح مدخلاً من مداخل الشرك إذا اعتقد المرء أن النجوم والكواكب تتحكم في مصيره.
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث آخر عظيم، قال فيه: «أربع من أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة»، فجعله الاستسقاء بالنجوم – أي نسبة نزول المطر إلى النجوم – من أمور الجاهلية التي نهى عنها الإسلام. وهذا يبين أن نسبة الأحداث إلى النجوم أمر باطل يخالف التوحيد، وأن المؤمن مطالب بأن ينسب الخير والشر إلى مشيئة الله وقدره.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر علم الفلك النافع الذي يقوم على الرصد والحساب لتحديد أوقات العبادات أو الاتجاهات في السفر. بل إن المسلمين الأوائل برعوا في هذا العلم خدمة لدينهم ودنياهم. ولكن النبي الكريم وضع الحدّ الفاصل بين الفلك المشروع والتنجيم المحرم. فالأول مبني على المشاهدة والبحث العلمي، بينما الثاني قائم على أوهام لا دليل لها، وعلى ادعاء معرفة الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.[1]
تعرف أيضًا على: الأبراج التي تؤمن بالتنجيم أكثر من غيرها
لماذا حرم الله تعالى الأبراج؟
لقد حرم الله تعالى علم الأبراج في القرآن. لما يحمله من مضار على العقيدة والفكر. فالإنسان إذا صدّق أن حظه أو مصيره مرتبط ببرج معين. فإنه يضعف يقينه بالله ويظن أن النجوم تتحكم في رزقه أو سعادته أو عمره. قال تعالى: ﴿وَعِندَه مَفَاتِح الْغَيْبِ لا يَعْلَمهَا إِلَّا هوَ﴾ [الأنعام: ٥٩]، وهذه الآية تقطع الطريق أمام كل من يدّعي معرفة الغيب.
وقد بيّن العلماء أن تحريم الأبراج قائم على عدة أسباب
- أولاً: أنها ادعاء لعلم الغيب.
- ثانياً: أنها قد تجر الإنسان إلى الكفر إذا اعتقد أن النجوم تؤثر بذاتها.
- ثالثاً: أنها وسيلة لنشر الخرافة بين الناس وصرفهم عن التوكل على الله.
ومن هنا فإن تحريم الأبراج حماية للعقل والدين، وصيانة للفطرة السليمة من أن تنخدع بما لا أصل له.
إن تحريم علم الأبراج في القرآن. والإسلام لم يأتِ اعتباطًا، بل جاء لحكمة إلهية عظيمة تحفظ عقيدة التوحيد. وتصون عقل الإنسان من الانجراف وراء الأوهام. فقد حرّم الله تعالى التنجيم بكل أنواعه لأنه يقوم على ادعاء علم الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله وحده، قال تعالى: «قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله». فحين يعتقد الإنسان أن حظه أو مستقبله أو رزقه مرتبط ببرج معين أو حركة نجم. فإنه ينسب علم الغيب لغير الله، وهذا باب خطير من أبواب الشرك.
والتحريم الإلهي لم يكن فقط لأجل الجانب العقيدة، بل لحماية النفس البشرية من التعلق. بما لا حقيقة له. فالمنجمون يبيعون الوهم، فيوهمون الناس أن السعادة أو التعاسة بيد النجوم، فيعيش المرء أسير توقعات يومية تحدّ من طموحه وتسيّر قراراته. وقد أراد الله أن يكون الإنسان حراً في اختياراته، واثقاً بأن أقداره مرهونة بمشيئته سبحانه لا بحركة كوكب أو برج.
إضافة إلى ذلك، فإن التنجيم يعتبر من الممارسات التي تهدر كرامة العقل وتناقض مقاصد الشريعة التي جاءت لتعزيز العلم النافع. فقد ميز الله الإنسان بالعقل والتفكير، وطلب منه البحث في الكون لا ليعبد النجوم أو يقدّسها. بل ليستدل بها على عظمة الخالق. قال تعالى: «وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر»، فوظيفة النجوم الهداية في الطريق لا التنبؤ بالمستقبل أو كشف المصير.
تعرف أيضًا على: الأبراج التي تبحث عن الاستقرار العاطفي
ماذا قال ابن باز عن الأبراج؟
لقد تناول كبار العلماء موضوع علم الأبراج في القرآن. وفي الفتاوى المعاصرة بوضوح. ومن أبرزهم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، الذي كان صريحاً في تحذيره من قراءة الأبراج أو الاستماع إليها أو نشرها بين الناس. فقد قال: “الاعتقاد في تأثير الأبراج على حياة الإنسان من الشرك الأكبر إذا اعتقد أنها تفعل بذاتها، ومن الشرك الأصغر إذا ظن أنها سببٌ من الأسباب التي تجلب الخير أو الشر”، مؤكداً أن المسلم الحق لا يجوز له أن يتسلى بها حتى على سبيل المزاح.
كما شدّد الشيخ ابن باز على أن الصحف والمجلات التي تنشر الأبراج تتحمل وزراً كبيراً لأنها تساهم في نشر البدعة بين الناس، داعياً المسلمين إلى التمسك بالقرآن والسنة في معرفة أحوالهم ومستقبلهم، لا بما يقوله المنجمون.
هل للأبراج تأثير على أحوالنا وحياتنا؟
يرى العلماء أن علم الأبراج في القرآن. جاء لينفي كل وهم بأن للكواكب والنجوم تأثيراً على مصائر البشر. فالنجوم مسخّرة بأمر الله، قال تعالى: ﴿وَهوَ الَّذِي جَعَلَ لَكم النّجومَ لِتَهْتَدوا بِهَا فِي ظلمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [الأنعام: ٩٧]. فهي إذن وسيلة للهداية في الطرق والملاحة، وليست أداة للتنبؤ بالقدر.
أما من الناحية النفسية، فإن بعض الناس يتأثرون نفسياً عند قراءة برجهم، فيشعرون بالثقة أو بالإحباط بناء على ما قرؤوا. هذا التأثير ليس لأن الأبراج صادقة، بل لأن الإنسان بطبيعته يميل إلى التصديق بما يوافق رغباته أو مخاوفه، وهو ما يسميه علماء النفس بـ”التأثير الإيحائي”.
بالتالي فالتأثير الحقيقي للأبراج ليس على حياتنا الواقعية، بل على عقولنا ونفسياتنا، وهو ما يفسر إقبال البعض عليها رغم مخالفتها للعقل والدين. وهذا لا يعني أن للأبراج أي أثر على حياتنا بل حياتنا فقط بيد الله سبحانه وتعالى .
تعرف أيضًا على: الأبراج الصينية حسب سنة الميلاد
علم الأبراج في الإسلام
لقد جاء الإسلام برسالة واضحة تقطع الشك باليقين: علم الأبراج في القرآن. لا مكان له في العقيدة الإسلامية الصحيحة. فالنصوص الشرعية كلها تدعو إلى الاعتماد على الله والتوكل عليه، وترفض تعليق القلب بما لا يملك نفعاً ولا ضراً. وقد فرّق الفقهاء بين علم الفلك المشروع، الذي يقوم على الملاحظة والحساب الرياضي لفائدة البشر في معرفة الأوقات والاتجاهات، وبين التنجيم الذي يربط حوادث الأرض بمسار الكواكب. والأول مباح ومطلوب أحياناً، أما الثاني فمحرّم شرعاً. هذا التمييز مهم لأنه يوضح أن الإسلام ليس ضد العلم والمعرفة، بل هو ضد الخرافة التي تلبس ثوب العلم. ولذلك كان المسلمون الأوائل من أعظم رواد علم الفلك، لكنهم في الوقت نفسه من أشد المحذرين من التنجيم.
تعرف أيضًا على: الأبراج التي تنجذب لبعضها بشكل غير متوقع
علم الأبراج والشخصيات
يخلط البعض بين علم الأبراج في القرآن. وما يسمونه اليوم بتحليل الشخصيات عبر الأبراج. فهناك من يعتقد أن البرج يكشف شخصية الإنسان من حيث الذكاء أو الانفعالية أو الطموح. وهذه النظريات ولكنها لم تثبت علمياً بأي شكل من الأشكال وتظل درب من الخيال ، وإنما تقوم على تعميمات قد تنطبق على أي شخص.
فعلى سبيل المثال، إذا قيل إن أصحاب برج معيّن يتميزون بالكرم، فذلك وصف عام يمكن أن يوجد في أي فرد بصرف النظر عن تاريخ ميلاده.
وقد حذّر علماء النفس من الانخداع بهذا النوع من التحليل لأنه قد يؤدي إلى
- تقييد شخصية الفرد بنمط محدد.
- خلق توقعات وهمية عن الذات.
- إضعاف الإرادة الحرة أمام وهم “القدر المكتوب في النجوم”.
ولذلك فإن المسلم ينبغي أن يبني فهمه لشخصيته على القرآن والسنّة وتجارب الحياة، لا على الأبراج.
يمكن النظر إلى الأبراج كأداة لتقسيم البشر إلى أنماط سلوكية يسهل التعرف عليها
- فالأبراج النارية (الحمل، الأسد، القوس) توصف بالحماس والطاقة،
- بينما الترابية (الثور، العذراء، الجدي) توصف بالثبات والواقعية،
- والهوائية (الجوزاء، الميزان، الدلو) بالتفكير والحرية،
- والمائية (السرطان، العقرب، الحوت) بالعاطفة والخيال. هذه الأصناف تمنح الناس إطاراً للتفاعل مع الآخرين،
لكن علم النفس يؤكد أن الشخصية أعقد بكثير من أن تختصر في أربع مجموعات، إذ تتداخل فيها عوامل الوراثة والتربية والبيئة الاجتماعية.[2]
تعرف أيضًا على: كيف تؤثر حركة المشتري على الحظوظ؟
حكم الأبراج مع الدليل
إن الحكم الشرعي الواضح في علم الأبراج في القرآن. هو التحريم قولا واحدا لا جدال فيه، وقد وردت الأدلة من الكتاب والسنة على ذلك. قال تعالى: ﴿قل لَّا يَعْلَم مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّه﴾ [النمل: ٦٥]، وهذه آية قطعية الدلالة على أن الغيب لا يعلمه إلا الله. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أتى كاهناً أو عرّافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد”، وهذا الحديث يشمل كل من يزعم معرفة المستقبل عن طريق الأبراج. إذن فالدليل الشرعي قائم على أن قراءة الأبراج وتصديقها لا تجوز، وأنها قد تصل إلى الكفر إذا تضمنت اعتقاداً جازماً بأن النجوم تؤثر في حياة الإنسان.
تعرف أيضًا على: كيف تعرف برجك الطالع بسهولة؟
في الختام إن موضوع علم الأبراج في القرآن. يضع أمامنا صورة واضحة لموقف الإسلام من هذه الظاهرة التي انتشرت في المجتمعات قبل وقت طويل . لقد وضحت النصوص الشرعية أن الأبراج لا أساس لها من الصحة، وانما هي باب من أبواب الخرافة التي تهدد العقيدة والفكر. فالقرآن الكريم والسنّة النبوية جاءا ليحررا الإنسان من التعلق بالأوهام، ويوجهاه إلى الاعتماد على الله وحده، الذي بيده مقاليد الغيب والرزق والحياة والموت.
المراجع
- sunnah Riyad as-Salihin 1671 - The Book of the Prohibited actions (بتصرف)
- Times in india Number 7 in Numerology: Personality, Career and Lucky . (بتصرف)
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

مميزات برج الحمل وأجمل صفاته الشخصية

حمية الميكروبيوم لعلاج مشاكل الهضم

أفكار لتزيين السفرة في العزومات

توافق برج العقرب القوي مع الأبراج الأخرى

توافق برج الجدي العملي مع الأبراج الأخرى

توافق برج الدلو مع الأبراج في الحب والصداقة

توافق برج الحوت الحالم مع الأبراج الأخرى

أفكار لتزيين البيت في رمضان

الأبراج والحب وكيفية التعامل معها

الأبراج في الصداقة والعلاقات الاجتماعية

توافق برج الحمل مع الأبراج الأخرى في الحب

توافق برج الثور في الزواج والعلاقات العاطفية

أنشطة مونتيسوري للأطفال في المنزل

توافق برج الأسد مع الأبراج النارية والهوائية
