قصة ذي القرنين وسد يأجوج ومأجوج كما ورد في القرآن

تدور قصة ذي القرنين حول ملك صالح ذُكر في القرآن الكريم، منحه الله قوة وسلطانًا في الأرض، فجاب المشرق والمغرب وأقام العدل بين الناس. تعكس هذه القصة حكمة ذي القرنين وشجاعته في التعامل مع الأمم، وبناء السد الذي حمى به القوم من يأجوج ومأجوج، لتكون سيرته عبرة لمن يتأمل فيها.

ماهي تفاصيل قصة ذو القرنين؟

في بداية تقديم قصة ذي القرنين ملخصة، نجد شخصية “ذي القرنين” الباسقة ذُكرت في القرآن الكريم، واختلفت الآراء بين العلماء في تحديد هويته بشكل قاطع، لكن الغالبية العظمى منهم تتفق على أنه كان ملكًا رحيمًا ومؤمنًا بالله عز وجل، وقد منحه الله السُلطة في الأرض، ووهبه من الأسباب ما لم يرزق به أحد قبله. كلمة “ذي القرنين” تعني “صاحب القرنين”، وتنوعت التفسيرات حول سبب تسميته بهذا الاسم. قيل لأنه وصل إلى أقصى الشرق والغرب، فكأنه امتلك قرني الشمس (طرفيها)، أو لأن لديه ضفيرتين تشبهان القرنين، أو لأنه كان ملكًا على طرفي الأرض.

تبدأ قصة ذي القرنين في سورة الكهف، حيث وجه أهل مكة سؤالاً عن ذي القرنين. فأنزل الله الوحي مبينًا تفاصيل قصته، ويذكر القرآن الكريم أن الله قد أعطاه “من كل شيء سببًا”، أي أنه منحه الأسباب والوسائل اللازمة لتحقيق أهدافه وغاياته. لم يكن هذا التمكين الإلهي مجرد قوة عسكرية أو سلطة دنيوية، بل شمل الحكمة، والفطنة، والقدرة على التعامل مع مختلف الأمم والظروف. فقد منحه الله القدرة على إرساء العدل وإحقاق الحق، ومواجهة الظلم والطغيان في أي مكان وجد فيه. [1]

تعرف أيضًا على: قصة النبي صالح ومعجزة الناقة وهلاك قوم ثمود

ماهي قصة يأجوج ومأجوج مع ذي القرنين؟

تُعدّ قصة ذي القرنين ويأجوج ومأجوج بالتفصيل من أكثر الفصول إثارةً وتأثيرًا في القصص. بعد أن جاب ذو القرنين إلى مغارب الشمس ومشارقها، وصل إلى قومٍ يسكنون بين حاجزين جبليين، هؤلاء القوم كانوا يعانون من شرور يأجوج ومأجوج وإفسادهم في الأرض.

عندما وصل ذو القرنين، وجد قومًا لا يكادون يفقهون قولاً، وهذا يدلّ على اختلاف لغتهم وصعوبة فهمها، ممّا يعكس بُعدهم الحضاري والاجتماعي. شكا هؤلاء القوم إلى ذي القرنين من يأجوج ومأجوج، واصفين إيّاهم بـ”المفسدين في الأرض”، وطلبوا منه أن يبني حاجزًا يحميهم منهم مقابل دفع جزيةٍ.

أجابهم ذو القرنين بأنه لا يطلب منهم أموالًا، وأنّ ما رزقه الله خيرٌ لهم، ولكنه طلب منهم أن يعاونوه بالعمل الجسدي في بناء السد. هذا الموقف يُظهر تواضعه وزهده في الدنيا، وإيمانه بأنّ القوة والسلطة هما أدوات لخدمة الناس، وليستا للتسلّط.

أمر ذو القرنين القوم أن يجمعوا قطع الحديد، ثمّ قام بصهرها وصبّ النحاس المذاب عليها. فصنع سدًّا حصينًا لا يستطيع يأجوج ومأجوج تجاوزه أو تسلقه. هذا السدّ لم يكن مجرّد بناءٍ مادّي، بل كان رمزًا للقوة الروحية والتخطيط الدقيق. يصف القرآن هذا السدّ بأنّ يأجوج ومأجوج لا يقدرون على صعوده ولا اختراقه.

تعرف أيضًا على: قصة بناء الكعبة المشرفة للأطفال مع إبراهيم وإسماعيل

ماهي قصة ذي القرنين في سورة الكهف؟

تعتبر قصة ذي القرنين في سورة الكهف واحدة من القصص الثلاث التي وردت في سورة الكهف، جنبًا إلى جنب مع قصة أهل الكهف، وحكاية موسى والخضر. هذه الحكايات مجتمعة تنقل معاني عميقة تتعلق بالإيمان والثبات والعلم والتعامل مع الأمور الغيبية، وتشكل جوهرًا رئيسيًا في السورة التي نزلت لتوطيد إيمان المسلمين في مكة المكرمة.

تهدف قصة ذي القرنين إلى إظهار أن السيادة الدنيوية وقوتها ليستا معيارًا للتفاضل عند الله، بل إن الإيمان والعدالة واستخدام السلطة في سبيل الحق هي الأمور التي ترفع من قيمة الإنسان.

تقدم القصة شخصية ذي القرنين كنموذج للحاكم الصالح الذي يوظف ما منحه الله من قوة وسلطة لخدمة الناس ونشر العدل، لا للظلم أو الاستبداد. لقد تنقل في الأرض من جهاتها الشرقية إلى غربها، وأرسى العدل في كل موضع وصل إليه، وحمى الضعفاء من ظلم يأجوج ومأجوج. هذه الرحلات الثلاث، إلى مغرب الشمس. ثم مطلع الشمس، ثم إلى القوم الذين كانوا يعانون من يأجوج ومأجوج، تجسد مسعاه الدائم لإرساء الحق ومناصرة المظلومين. [2]

تعرف أيضًا على: قصة قوم عاد وثمود: من هم؟ وكيف كانت نهايتهم؟

ماهو سبب نزول قصة ذي القرنين؟

عند التعمق لمعرفة سبب نزول قصة ذي القرنين. نجد أن قصة ذي القرنين من الاختبارات التي طرحها يهود المدينة على قريش، بغرض اختبار صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قام بهذا التحريض بعض المشركين. إذ طلبوا من يهود يثرب أن يطرحوا على النبي ثلاثة أسئلة:

• عن أصحاب الكهف
• عن الروح
• عن ذي القرنين.

المراد من هذه الأسئلة كان وضع النبي صلى الله عليه وسلم في موقف حرج. إن أجاب عنها، فهذا دليل على صدقه، وإن لم يجب، فقد يضعف ذلك من إيمان الناس بنبوته. وقد تأخر الوحي في الإجابة عن هذه الأسئلة بعض الوقت، وهو ما سبب قلقًا وحيرة بين المسلمين.

لاحقًا، نزلت سورة الكهف، مقدمة الإجابة على تلك الأسئلة. قصة ذي القرنين كانت جوابًا على سؤال اليهود، وهي تمثل إعجازًا قرآنيًا ودليلًا على صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم. القصة لم تكتفِ بعرض معلومات تاريخية، بل حملت في طياتها العديد من العبر والدروس التي يحتاجها المسلمون في كل عصر ومكان.

تابع: ماهو سبب نزول قصة ذي القرنين؟

تعدّ قصة ذي القرنين، بما تشتمل عليه من حكايا أسفاره. وقصة ذي القرنين ويأجوج ومأجوج بالتفصيل، من أعظم القصص في القرآن الكريم. وهي محملة بعبر دائمة عن القيادة الصالحة، ونهج العدل. والثقة بالله، وكيفية استغلال القدرات لتشييد الخير ودرء الشر، فقد شهدنا كيف أن ذي القرنين. بفضل من الله، خاض رحلات ضخمة، وأرسى العدالة في الأرض، وشيّد سدًا متينًا لحماية الضعفاء.

وأيضا يوجد هناك قصة أصحاب الكهف عن فتية آمنوا بالله وفرّوا بدينهم من قومٍ ظالمين. فاختبأوا في كهفٍ وناموا فيه مئات السنين. وعندما استيقظوا، كان ذلك معجزة إلهية أظهرت قدرة الله على بعثهم من جديد. وأصبحت قصتهم دليلاً على قوة الإيمان ورعاية الله لعباده المؤمنين.

تعرف أيضًا على: قصة أصحاب الفيل والحدث العظيم قبل مولد الرسول

في الختام، هذه القصة ليست مجرد حكاية ماضية، بل هي مثال حي لكل حاكم وقائد. ولكل إنسان يسعى للخير. وهي توضح أن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان والإنصاف والجزاء الحسن. وأن السلطة أمانة يجب الإخلاص فيها لله وللعباد.

• studioarabiyaThe Story of Yajuj and Majuj in Islam -بتصرف
• imamghazalitafsir-surah-al-kahf-verses-83-101 -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم