قصة موسى عليه السلام مع الخضر والدروس المستفادة منها

يتساءل الكثيرون عن الحكمة وراء الأحداث الغريبة التي جمعت بين نبي الله في  قصة موسى عليه السلام والخضر تلك القصة المليئة بالأسرار والدروس التي تتجاوز ظاهرها عن  هل هي مجرد حكاية قديمة أم أنها تحمل مفاتيح لفهم أعمق للحياة والقدر؟ في هذا المقال سنتعمق في هذه القصة الفريدة مستعرضين أهم الأحداث التي شكلت رحلته مع العبد الصالح و مستلهمين منها الدروس العظيمة التي لا تزال تنير دروبنا حتى اليوم.

ما هي قصة سيدنا موسى عليه السلام باختصار؟

نري أن  قصة موسى عليه السلام مع الخضر من أعمق وأقوى القصص القرآنية التي تسلط الضوء على مفهوم العلم للدنيا والحكمة الإلهية و تبدأ القصة عندما سئل موسى عليه السلام: “هل تعلم أحداً أعلم منك؟” فأجاب: “لا”  فعاتبه الله على ذلك وأوحى إليه أن هناك عبدًا من عباده و هو الخضر يمتلك علمًا خاصًا لم يؤته موسى عليه السلام و أمر الله موسى بالبحث عن الخضر عند مجمع البحرين.

تعرف أيضًا على: ما هي قصة قوم لوط كما وردت في القرآن؟

 واصطحب معه فتاه يدعي يوشع بن نون كانت الرحلة طويلة وشاقة وفيها اختبار لإيمان موسى عليه السلام  وصبره  فعند وصولهما التقيا بالخضر وطلب منه سيدنا موسى أن يعلمه مما علمه الله من الرشد والحكمة ووافق الخضر على أن يصاحبه موسى بشرط ألا يسأله عن شيء حتى يخبره هو به و وافق  سيدنا موسى على هذا الشرط.

 لتبدأ سلسلة من الأحداث الغريبة التي أثارت استغراب موسى عليه السلام وأخرجته عن صبره وهم  الأولى كانت خرق السفينة والثانية قتل الغلام  والثالثة إقامة الجدار و في كل مرة  كان سيدنا موسى يسأل الخضر فيذكره الخضر بشرطه حتى جاء التفسير الأخير لكل فعل من أفعاله التي بدت شرًا في ظاهرها لكنها كانت تحمل خيرًا عميقًا في باطنها وهذا ما سيتم توضيحه في باقي عناصر المقال فإن هذه القصة تقدم لنا نظرة ثاقبة في فهم أبعاد القدر والحكمة الإلهية التي قد تظهر غامضة لأول وهله.[1]

تعرف أيضًا على: قصة الحجر الأسود للأطفال: من الجنة إلى الكعبة

ما هي قصة سيدنا موسى عليه السلام؟

فصّل قصة موسى عليه السلام مع الخضر في القرآن الكريم في سورة الكهف وهي ليست مجرد حكاية بل هي رحلة تعليمية للنبي موسى عليه السلام بعد أن التقى موسى بالخضر و اتفقا على الصحبة بشرط عدم الاعتراض على أي فعل يقوم به الخضر و كانت أولى تلك الأفعال هي خرق الخضر لسفينة المساكين التي حملتهم دون أجر و استغرب موسى عليه السلام من هذا الفعل الذي بدا تخريبًا وسأل الخضر عن سببه فذكره الخضر بشرطه و كان السبب وراء خرق السفينة أن هناك ملكًا ظالمًا كان يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا فخرقها الخضر لتبقى لأصحابها بعد إصلاحها وبالتالي ينجون من ظلم الملك.

تعرف أيضًا على: قصة الإسراء والمعراج ومعانيها العظيمة

الفعل الثاني الذي قام به الخضر كان أكثر إثارة للاستغراب وهو قتل غلام بريء و لم يتمالك موسى نفسه وسأل الخضر باستنكار عن هذا الفعل الشنيع فذكّره الخضر مرة أخرى بشرطه و كان التفسير الإلهي لهذا الفعل أن الغلام كان سيرهق والديه المؤمنين طغيانًا وكفرًا  فأراد الله أن يبدلهما خيرًا منه زكاة وأقرب رحمًا  هذه الحادثة تظهر عمق علم الخضر الذي كان يرى المستقبل بحكمة إلهية بينما كان موسى يرى الحدث بظاهره وهذا يؤكد على أن قصة موسى عليه السلام تحمل دروسًا عظيمة في الصبر .

تعرف أيضًا على: من هم هاروت وماروت وماذا قال المفسرون عنهم؟

ما هو ترتيب أحداث قصة موسى عليه السلام؟

تتوالا أحداث قصة موسى عليه السلام مع الخضر بتسلسل منطقي يكشف عن حكمة إلهية عميقة ومعاني خفية  تبدأ القصة بقرار موسى عليه السلام بالبحث عن الخضر بعد أن أمره الله بذلك  تأكيدًا على أن هناك علمًا أوسع من علمه  مما يعلمه التواضع وسعة الأفق و بعد أن يلتقي به يتم الاتفاق على عدم الاعتراض على أفعال الخضر و يلي ذلك وقوع ثلاثة أحداث متتالية كل حدث منها يبدو في ظاهره شرًا أو ظلمًا و لكنه يحمل في باطنه خيرًا عظيمًا وحكمة بالغة.

الأحداث الثلاثة هي

• خرق السفينة : التي تبدو تخريبًا لممتلكات المساكين لكنها كانت حماية لهم من ملك ظالم
•  قتل الغلام : يبدو جريمة بشعة، لكنه كان رحمة بوالديه من طغيانه المستقبلي
•  اقامة الجدار : يبدو خدمة مجانية لأهل قرية بخلاء، لكنه كان حفظًا لكنز الأيتام

في كل مرة كان يعترض موسى عليه السلام ويذكره الخضر بشرطه و في النهاية  يقدم الخضر تفسيرًا مفصلاً لكل فعل من أفعاله موضحًا الأبعاد الخفية والحكمة الإلهية وراءها وكانت  هذه التفسيرات تثبت لموسى أن علم الله أوسع وأشمل  وأن هناك أمورًا قد لا تفهم بظاهرها بل تحتاج إلى بصيرة وحكمة إلهية و تصبح هذه القصة بمثابة ملخص قصة موسى عليه السلام للأطفال إذا تم تبسيطها لتعليمهم مفهوم الصبر على ما لا يدركون حكمته.

تعرف أيضًا على: النعمان بن المنذر: قصة ملك العرب الذي استقبل الشعراء والرسل

ما هي قصة موسى في القرآن الكريم؟

ذكر قصة موسى عليه السلام في القرآن الكريم في مواضع عديدة وتعتبر قصة موسى مع الخضر جزءًا منها وهي من أبرز القصص التي تحمل دلالات عميقة حول العلم للدنيا والحكمة الإلهية فإن السياق القرآني لهذه القصة يبدأ في سورة الكهف بعد أن يسأل موسى عن أعلم أهل الأرض فيخبره الله بوجود الخضر و هذه القصة لا تعد قصة نبوة لموسى.

 بقدر ما هي رحلة تعليمية روحية له ليتعلم فيها الصبر على ما لا يحيط به علمًا وأن هناك حكمة إلهية وراء الأحداث قد لا تظهر للجميع فإن القرآن الكريم يقدم تفاصيل دقيقة للأحداث الثلاثة التي قام بها الخضر من خرق السفينة و قتل الغلام وبناء الجدار ويظهر اعتراض موسى في كل مرة كممثل للعقل البشري الذي يحاول فهم الأمور بمنطقه المحدود بينما يمثل الخضر العلم اللدني الذي يتجاوز هذا المنطق و التفسيرات التي يقدمها الخضر.[2]

تعرف أيضًا على: قصة أهل الكهف كما وردت في سورة الكهف

 في نهاية القصة تبرز عظمة علم الله تعالى وأن ما يبدو شرًا قد يكون خيرًا في حقيقته وما يبدو خيرًا قد يكون شرًا سبحان الله فإن هذه القصة جنبًا إلى جنب مع قصة موسى عليه السلام مع فرعون تشكل جزءًا لا يتجزأ من السرد القرآني الذي يعلمنا الإيمان بالقدر والصبر على البلاء والثقة بحكمة الله المطلقة وأن تلخيص قصة موسى عليه السلام مع فرعون لا يقل أهمية عن هذه القصة في فهم مشيئة الله.

• IslamQA.info The Story of Musa (Moses) with Al-Khidr _ بتصرف
• Oxford Islamic Studies Online (OISO) _ Moses بتصرف

مشاركة المقال

وسوم